كب الحرجل
لا حديث الفترة الماضية علي شبكات التواصل الاجتماعي يعلو علي (…. كبي حرجل) العبارة التي ذكرت قبل عام او يزيد علي قناة اليوتيوب بل وصلت حد ان تداولت العبارة الصحافة الورقية وتصدرت اجتماعات مجلس المهن الموسيقي الذي اصدر قراراً في حق فنان بسبب أغنية تداولت المضمون وسميت به .
المجتمع السوداني مجتمع مترابط متكاتف بكل مكوناته ففي الحافلة وفي جلسة الجبنة يمكن ان يجتمع كل اطياف المجتمع من مثقفين وفنانين و موظفين و عمال فالقيمة ليست بالمهن وإنما بما يحمل جوف كل منهم من قيم واخلاق ونبل ونقاء. بالتالي الجدارات بين الطبقات لا وجود لها نوعا ما في المجتمع السوداني النبيل الشفيف الكريم.
لهذا تجد كثير من العبارات تستلف وتحور ويتم تداولها في محيط محدود ومن ثم يقذف بها وسط المجتمع كلمات وعبارات حية قد تعبر عن فئة معينة لكن استخدامها لا يخدش حياء فقيمة عدم خدش الحياء العام قيمة معززة داخل المجتمع السوداني.
ومن قبل ابتدعت فئة من الشباب كلمة (الجلك) و (الجلكين) ككلمة مستعارة لنداء الوالد او ك(كود سري) بينهم حتي لايفهم من هم بجوارهم الشخص المقصود فتسربلت بين يدي المجتمع حتي اصبح الكبار ينادون بعضهم بها في لطف و موانسة بل واشتقوا منها فعل لم يكن موجودا في قواميس مبتدعيها كان يقول مسن لآخر مداعباً (يا حاج انت جلكنت خلاص) فجاء الفعل (جلكن) من كلمة (جلك) او (جلكين).
و الاستلاف في الأصل موجود بين اللغات فكما قال شريف العلمي في (كيف واخواتها) فان الإنجليز استلفوا بالقوة كلمة love من الفرنسيين و حولوا معناها الي (حب) بدلاً عن معناها الأصلي الفرنسي (بيض) فعاشت حباً الي يومنا هذا.
واستلف السودانيون من الأتراك (شفخانة) التي تعني (دار الشفاء) و (سلخانة) التي تعني (مكان السلخ) و (اجزخانة) التي تعني (صيدلية)
و جاءت فئة اخري لتقوم باستلاف إنجليزي سوداني فكانت مدبرس، مترمتل و مركلس التي تم تعريبها والدفع بها في شوارع ومدن السودان وتنتقل كذلك من فئة الي اخري حتي أصبحت متداولة وسط المجتمع بكل مكوناته
وكل هذا الحراك المجتمعي في تداول المفردات والعبارات دليل علي عدم وجود جدارات عازله وسط المجتمع السوداني لهذا تجدها تتحرك بسهولة و يسر بين كل فئات المجتمع
لهذا نجد لا غرابة في تحرك (كب الحرجل) من شبكات التواصل الاجتماعي الي الصحف الورقية الي مجالس المدينة بهذه الكثافة
إذن لا اعتراض علي هذا التبادل بين فئات المجتمع طالما هو لا يخدش الحياء العام
لكني أشير هنا الي بوست رفعه اخي و صديقي النبيل العفيف الشفيف الطاهر جاد نبه فيه الي تضرر بعض ممن يحملن اسم (محاسن) من هذا التداول الكثيف للعبارة و ماصاحبها من تأويلات و تفسيرات وهي نظرة حصيفة نبيلة من اخي طاهر جاد نتبناها و ندعوا لها و نعلم ان كثير من الناس سيستجيب لها حيث ان ست الاسم نفسها قد يكون وقع عليها و علي اسرتها ضرر نفسي جراء هذا التداول اضافة الا اننا في السودان لا يخلو بيت من والدة او عمة او اخت او خالة تحمل الاسم فلنبعدهن جميعاً عن هذه الملاطفات رغم علمنا التام بنبل مقاصد الجميع في هذا التداول السلمي للعبارة
شكرًا النبيل الشفيف الطاهر جاد علي لفت النظر و التحية لمحاسن ست الاسم و كل محاسن في ربوع وبوادي وحضر بلادي.
بقلم
حمدي صلاح الدين
تتم عملية الاستلاف الالسني عندما ينشاء مفهوم جديد يتمتع بخصاءص جديدة و مختلفة و لا يوجد مقابل له لدى اللغة المستلفة.ان المفهوم(المدلول) او العنصر اللغوي المستلف غالبا ما يكون منشاءه محيط لغوي مختلف. اما مثال الاستلاف الذي قامت به اللغة الانجليزية لكلمة “love” للدلالة على مشاعر الحب فهو لا يمثل حالة للاستلاف لان مفهوم الحب متواجد لدى المتحدثين باللغة الانجليزية كما هو متواجد عند الكثير من المجموعات البشرية الاخرى ولا اظن ان اللغة الانجليزية كانت تمتلك مفهوم “الحب” و لم تمتلك له اسما حتى تضطر لاستجلاب اسما له من الفرنسية.ان الاستلاف اللغوي هو استلاف كامل للمفهوم الجديد شاملا اسمه.
مقال الأخ / حمدي هو أجمل ما قرأت حول متلازمة (محاسن كبي حرجل)، خاصة اشارته الى عدم وجود فوارق طبقية في السودان، فقد تجد في اسرة واحدة الابن يعمل استاذ في كلية الطب، و أخوه ميكانيكي و أخته زوجه رجل أعمال ملياردير و أخته الأخرى زوجة بتاع كارو … كل هؤلاء يجلسون يوم الجمعة في صينية واحدة و لا يتحرج سيد الكارو أن يطلب من الملياردير أن يناوله الكباية اللي جنبو دي … وكمان لو لعبو عشرة كشتينه حريق شوف (الهظار) … هذا ما يميز السودانيين فعلا، قد يؤسس لهوية سودانية .. رغم حداثة التكوين … أقل من مية سنة.
أما ولدنا (أهل العوض) فأختلف معه في مغالطته للأخ حمدي في موضوع الاستلاف … فيمكن الاستلاف اللغوي في حالة وجود اللغة الأصلية، و مثال لذلك مدبرس و مركلس و متنشن، فهناك ما يقابلها، و هنالك الكثير مثل شطبنا و أصلها الانجليزي shut up و متنرفز برضو جاية من nervous ، بس كلامه صحيح يكون في حالة لوري و موتر و تلفزيون و ستايل ومسكل و كنسل …
محاسن .. كبي تنظير !!
شكرا للمعلقين السابقين لتعليقهم الراقي
إستفدت منكم
الاخ ود جعل..شكرا على التعقيب
كلمات مثل “مدبرس” ، “مركلس” و “متنشن” تميز كلام الطلاب بعد التحاقهم بالجامعة و هي اكثر شيوعا و استعمالا بينهم. التفسير الاقرب لهذه الظاهرة هو محاولة الطالب ،الذي التحق حديثا بالمؤسسة التعليمية، التعبير عن انتماءه لعالمه الجديد باستخدام تلك الالفاظ. واغلب الظن ان تلك الكلمات و ما شابهها “تسللت” من الحرم الجامعي الى المجتمع الارحب نتيجة لازدياد اعداد الدارسين بالجامعات و بالتالي تخرجت اعداد كبيرة منهم “عادت” لمحيطها السابق (قبل الجامعي) بتلك الكلمات الجديدة. و بما ان عملية الاستلاف تستوجب انعدام المفهوم واسمه لدى اللغة المستلفة الا ان اللهجة السودانية ،و كما زكرت انت، لديها المقابل لتلك الكلمات الجامعية. اذن هذه الكلمات مميزات لغوية لمجموعة من المتحدثين ذات اغراض اجتماعية محددة و لا تؤخذ على اعتبارها استلافا.
تاخذ عملية الاستلاف اللغوي وقتا لكي تكتمل. وتظهر علامات اكتمالها عندما نستطيع استعمال اللفظ عند الكتابات الرسمية و غير الرسمية. فعلى سبيل المثال لا يمكن ان اكتب هنا :”دبرس” ود الجعلي من مشاركات من اهل العوض. “دبرس” تظل “غريبة” على الاذن في هذا التعبير المكتوب لان المصدر ليس هو ما نتكلم به. نحن نتكلم اللهجة السودانية و هي لسبب ما لا تملك التعبير الرسمي المكتوب لهذا تظل كلمات مثل “تنشن” و “ركلس” تعبيرا شفهيا في انتظار اكتمال استلافه باستخدامه في نص مكتوب لا نملكه في الوقت الراهن .
عفوا المقصود “لان اللغة المستقبلة ليست هي ما نتكلم به”.
احد الحكما يقول :
اذا قال احد الكاذبين شيئا
اخذة البلها بجد
محاســن …..