في أول حوار معه .. وزير العدل: كوَّنت لجنة لتعديل قانون النظام العام و الحصانات تعوق العدالة
**كوَّنت لجنة لتعديل قانون النظام العام
**ذوو ضحايا سبتمبر تسلموا التعويضات
**الحصانات تعوق العدالة
بدأت وزارة العدل إجراء جملة من الخطوات لتسهيل الإجراءات، وذلك في إطار برنامج إصلاح الدولة، مثلما تقوم بمسعى لإصلاح القوانين، بعد دراسة ما يتطلب منها التعديل أو الإصلاح، ومن ذلك قانون النظام العام بالخرطوم، والذي تعكف على دراسته لجنة يرأسها مولانا دفع الله الحاج يوسف. وإلى حين، إصدار قانون النائب العام، فإن وزير العدل يقوم بمهامه بالإنابة. وقد بقيت وزارة العدل في دائرة الضوء، في الآونة الأخيرة، حيث أثير الكثير من الأسئلة حول الوزارة أو القضايا التي لها علاقة بها، مثل تلك المتعلقة بالتعديلات الدستورية، والجمع بين منصبَيْ النائب العام ووزير العدل، وبعض القضايا التي امتزجت فيها السياسة مع صلاحيات وزير العدل. (المجهر السياسي).. التقت وزير العدل مولانا الدكتور “عوض الحسن النور”، وطرحت أمامه كل الإستفهامات، التي أجاب عنها ضمن الحوار التالي..
حاورته- رشان أوشي
*برنامج إصلاح الدولة والأرشفة الإلكترونية.. ما الغرض منه؟.
وزارة العدل لها صلة مباشرة بالجمهور، قبل فصل منصب النائب العام عن وزير العدل، وكان يتابع القضايا الجنائية، والقضايا المدنية ضد الحكومة، والملكية الفكرية وحقوق الإنسان، وتشريع القوانين، جميعها تأتي عن طريق يدوي، مثلاً طلبات تخفيف العقوبات، الطلب يصل وزارة العدل، ويدرس ويرفع لرئيس الجمهورية، برنامج إصلاح الدولة كان الغرض الأساسي منه تبسيط الإجراءات لصالح المواطن، وبدأنا بإجراءات ساهلة جداً، ألا وهي النافذة، أول ما يحضر الشخص المعني يجد في الطابق الأرضي نوافذ للمدعي العام، الوزير، المحامي العام، كل شخص فينا يحضر مرة في الأسبوع لمتابعة حاجات المواطنين، وعممت لجميع الولايات وافتتحنا هنا في نيالا نافذة مربوطة مباشرة بالخرطوم.
الأمر الآخر هو التشريع، لاحظتم أن قوانين السودان منذ العام 1903م، هذه القوانين تنشر في مجلات، هناك مواطنين يقومون بطبعها طباعة شعبية، وأصبحت القوانين غير متاحة لمتابعتها، قمنا بإدخال كل القوانين السودانية في متجر قوقل، متاحة مجاناً للجمهور، وكل السوابق القضائية في السودان منذ العام 1956م، وأي قضية صدرت من المحكمة العليا، وهناك أرقام تلفونات متاحة للمواطنين، إضافة للكول سنتر عبر (6) أشخاص يجيبون على اتصالات المواطنين واستفساراتهم، عبر رقم مركزي من كل شبكات الاتصالات.
*في معرض حديثك تطرقت لمسألة القضايا ضد الدولة.. حتى الآن ليس ميسوراً على المواطن رفع قضية ضد بعض أجهزة الدولة؟.
بعض أجهزة الدولة لها حصانات بموجب القوانين الصادرة، أما القضايا المدنية، فهنالك المحامي العام، وهناك مادة معينة في القانون تعطي فرصة للمواطن أن يشتكي أجهزة الدولة، ولكن قبل أن يصل المحكمة، يجب أن يحضر للمحامي العام لكي يطلع على قضيته،هل القضية صحيحة، أن كانت صحيحة يخاطب المحامي العام الجهة المدعى عليها بأن تتفاوض مع صاحب القضية، إذا ردت الجهة ووافقت بالتفاوض ورد مظلمة المواطن، تكون القضية قد حلت بدون اللجوء إلى المحكمة، إذا الجهة رفضت، يحصل المواطن على إذن لمقاضاة الحكومة.
*إذاً الحصانات معوقة للعدالة؟
نعم، معوقة للعدالة، ولكنها صادرة بقوانين، يجب تعديل القوانين، نحن جهة نسعى لإصلاح القوانين، لكن مجلس الوزراء يقوم بالإجراءات التي تليه، وبعدها تذهب للمجلس الوطني وهو الذي يجيزها.
*عند تعيينك وزيراً للعدل.. قمت بتحريك عدد من الملفات المهمة، مثل: ملف سودانير، الأقطان وغيرهما، ولكن فجأة خيم الصمت عليها.. إلى أين وصلت هذه القضايا؟.
هذه القضايا الآن في المحاكم، متى ما ذهبت القضية للمحكمة تخرج عن نطاق مسؤوليتنا، نحن فقط نتابع أن صدر الحكم متوافقاً مع رأينا القانوني عندها نتوقف هنا، أن صدر مخالفاً لرأينا نستأنفه، كقضية الأقطان استأنفنا حتى المحكمة العليا، والآن مستأنفين في مرحلة المراجعة، بالنسبة لقضية هيثرو، أنا قدمت قراري، وأصبح الآن لدى المحامي العام بتعويض لسودانير، الأمر الآخر هناك اتهام في مواجهة بعض الأشخاص بالتصرف في خط هيثرو بسوء قصد، وفي هذه الحالة قمنا بتحويل الأوراق للمدعي العام وهو الجهة المختصة، لعمل التحريات مع المتهمين، منهم أجانب وسودانيين.
*هنالك قضايا تخص المواطن.. مثل: شركات الأدوية الوهمية التي ذكرها بنك السودان.. ما موقفكم منها؟.
ممنوع علينا نحن القضاء، وأثناء التحقيق أن نذكر اسم شخص من أصحاب هذه الشركات، نحن ذكرنا هذا الأمر في المجلس الوطني، وأشرنا إلى أن هنالك شركات وهميه، وقمنا بإجراءاتنا، حيث كوَّنا لجنه تحقيق برئاسة مستشار، مازالت مستمرة، وأوشكت على الفراغ من مهامها، عندها سيصلني التحقيق لأطلع عليه، إذا كانت هنالك اتهامات ستذهب إلى المحكمة.
*ماذا عن حاويات المخدرات التي نشرت في الصحف مؤخراً؟.
ليس لديَّ علم عنها.
*هنالك ضبطيات تتم لحاويات مخدرات في الميناء، ولكن بلا متهمين؟.
بالنسبة لهذه الإجراءات لا تقيَّد ضد مجهول، ليس لديَّ قضية تقيَّد ضد مجهول، الإجراءات تبدأ وبعدها إما توصلت الإجراءات لمتهم، ووجدته، أو لم تلق القبض عليه، بعدها هنالك إجراء يسمى حفظ الإجراءات إلى حين القبض على المتهم، أو البحث عنه أو الهروب، أو الإجراء الآخر بأن لم تتوفر بينه، ويشطب البلاغ، أو تذهب إلى المحكمة، آلاف القضايا يومياً.
*كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن استخدام بعض المواد الكيميائية السامة في التعدين، كمادة السيانيد في الولاية الشمالية وكردفان، ما دوركم في الحد منها؟.
لم أتلق أي بلاغ بهذا الشأن، أي شخص لديه بلاغ ضد شخص أو شركة تستخدم مواد سامة أو مواد كيميائية محرمة أو غيرها، يحضر إلينا ويقوم بفتح بلاغ، ونحن نتخذ إجراءاتنا القانونية، ولكن لم نسمع بهذا، نحن نعتمد على البيِّنات المباشرة أو شخص يحلف اليمين أمامنا بوجود بينه، وعلى ضوئها نحيل القضية للتحقيق.
*(مقاطعة).. ولكنها نشرت في الصحف، عشرات التحقيقات الصحافية نشرت بهذا الشأن؟.
الصحف ليست مصدر للشكاوى، مصادر الشكاوى أن يحضر شخص أمامي، أنا أأخذ علم بالجرائم، أما عن طريق المراجع العام في قضايا الأموال العامة، أو عن طريق المواطن العادي، في قضايا الحق الشخصي، أو الجرائم المطلقة، مثلاً بأن يعثر أحدهم على شخص مقتول في الشارع، وعندها نبدأ إجراءاتنا، ونحمي حقوق الناس والعدالة.
*الصحف تحاكم بمجموعة من القوانين، مثلاً قانون الصحافة والمطبوعات، وقانون الأمن؟.
وفقاً للنصوص الواردة في القوانين، هناك قوانين خاصة بالصحافة، وهي ذات القوانين المتعلقة بحرية التعبير، والأخبار الكاذبة والنشر، تجدها في قانون آخر، وعندما يحضر إليَّ شخص أو جهة ليخبرني بأن هنالك صحيفة نشرت خبراً، بعدها أنا أبحث عن أثره في أمن الدولة، وأثره على السلامة العامة وغيرها، عندها بإمكاني تدوين بلاغ وفق القانون الجنائي، أو قوانين الصحافة والمطبوعات، وهذه جميعها متروكة لتقييم وكيل النيابة الموجود بأن هذه الوقائع تستند على أي أساس.
*أحياناً.. تتخذ إجراءات ضد الصحف، مثلاً المصادرات التي تتم، بدون أي إجراءات قانونية، أي بدون نيابة أو محكمة أو غيره؟.
هذه الإجراءات تتخذ بواسطة أجهزة لديها قوانينها، إذا شعر شخص بأن هذه الإجراءات مخالفة للدستور عليه اللجوء للمحكمة الدستورية.
*الدولة تتحدث عن مصادر تشريع القوانين عبر الشريعة الإسلامية، ولكن حتى الآن لم نر تطبيقاً للحدود، هل بالفعل تستند هذه القوانين على الشريعة الإسلامية؟.
هل هنالك شخص اتهم بجريمة حرابة أو سرقة حدية ولم يحاكم بالحدود، لم تردنا مثل هذه القضايا، الجرائم التي تحدث تقيِّمها المحكمة، هل هذه الجريمة تستحق تنفيذ الحدود أم لا، إعدام وصلب، ولا قطع من خلاف أم غيره.
*(مقاطعة).. هنالك قضايا كهذه، مثلاً متهمي أحداث أم درمان؟.
هذه قضية أمام المحكمة، “ما شغل وزارة العدل.
*ولكن سجنهم طال.. حتى الآن لم تنفذ الأحكام الصادرة بحقهم ولم يطلق سراحهم؟.
أكرر لك هذه ليست مهمة وزارة العدل.
*قضايا الثراء الحرام.. هنالك كثيرون يظهر عليهم الثراء فجأة؟
دوِّني بلاغاً ضد شخص معيِّن..”الناس بس بتونسوا بالثراء الحرام”.
*حسناً.. التحلل ما الغرض منه؟.
لا أتحدث عن التحلل، التحلل هو إجراء أقره الشرع ، بأن يكون هناك شخص أراد إعادة المال المسروق، بدون علم جهات أخرى، بدون مراجع عام، أو تدوين بلاغ ضده من شخص، إنما أراد التحلل من الذنب بنفسه، الإجراءات التي تمت للتحلل في عهد غيري، أسالوه منه هو، لأنه قرار صادر من جهة قانونية، سواء أكان صحيحاً أم خاطئاً، عليكم أن تستأنفوا قراره هو. لست معنياً بتوضيحه.
*قانون النظام العام .. حتى الآن لم يفهم المواطن ماهيته، هل هو قانون محلي يخضع لتقديرات المحلية، أو غير ذلك؟.
أساساً هناك قانونين، قانون العقوبات فيه قوانين خاصة بخدش الحياء العام، والزي الفاضح، وهناك قانون في ولاية الخرطوم متعلق بذات الأمر، كل هذه الأمور تتم معالجتها، وتعديلها، وهناك لجنة تعمل في هذا الأمر برئاسة مولانا “دفع الله الحاج يوسف”، تناقش قانون النظام في الخرطوم.
*هل تسعون لتعديله؟.
نعم..أي شي ممكن يتعدَّل، لأن التطبيق هو الذي يحدد، أن كان هناك خطأ، أو أمر غير واضح، أو مخالف للشريعة الإسلامية، أو مخالف للمواثيق الدولية.
*في الآونة الأخيرة تم فصل عدد من المستشارين في وزارة العدل.. قيل أن فصلهم كان سياسياً بسبب مشاركتهم في دعوات العصيان المدني الأخيرة؟.
فصلوا لتقديرات لدى الوكيل، بأن الشخص المعني غير صالح للعمل، بموجب تقارير ومراقبة، جميعنا كقانونيين موجودين في هذا العمل، غير الضمير، محاسبين ومراقبين، فصلوا بناءً على معلومات من تفتيش لمعلومات مهنية، الوكيل توصل إلى أنهم غير صالحين، وهذه صلاحياته.
*ألم يكن الفصل سياسياً؟.
لا.. لا نفصل شخصاً سياسياً، بالنسبة لنا ممنوع على القاضي وضابط الشرطة والجيش والأمن، والمستشار القانوني ووكيل النيابة ممارسة عمل سياسي، أو الانتماء لحزب سياسي، الانتماء للحزب حق للإنسان إذا رغبت في ممارسة نشاط سياسي، اترك المهنة، بمجرد ما أصبحت وزير عدل، نائب عام، مستشار قانوني تؤدي اليمين بأنك مستقل، ولكن لك حق التصويت في الانتخابات، لكن لا يجوز لك الانتماء لحزب وإعلان انتماءك.
*ملف ضحايا أحداث سبتمبر.. آخر مرحلة وصلتنا عن هذا الملف، هو تقديم تعويضات لذوي الضحايا، والبعض منهم رفضها؟.
الدولة سلمت ذوي الضحايا تعويضات، ديات للمتوفين.
*استلم البعض منهم تعويضات؟.
كثيرون استلموا تعويضات.
*والمتهمون بقتلهم ماذا حدث بشأنهم؟.
كوَّنا لجنة تحقيق ووصلت لنهاياتها، هناك من توفرت بيِّنات بشأنهم، وآخرون لم تتوفر لهم بيِّنات، ومن توفرت عليهم البيِّنات سترفع عنهم الحصانة ويحاكموا، من لم تتوفر عليهم بيِّنات، ستشطب الإجراءات أو تحفظ.
*هنالك أسر متمسكة بالقصاص؟.
كيف يتم القصاص بدون بيِّنه، المحكمة لن تحاكم أو تنفذ قصاصاً بدون بيِّنات، أي شخص لديه بيِّنات قدمها.
*أنت تدخلت في قضية “محمد حاتم سليمان” بنفسك؟.
لن أجيب على هذا السؤال.
*زيارتك له في الحراسة؟.
لا تسألوني عن هذا الأمر، أنا أزور الحراسات يومياً، أنا النائب العام المكلف، منصبي يوجب عليَّ زيارة الأقسام والحراسات، أقابل المتهمين وغيرهم.
*هل تصادف وجودك يومها برفقة والي الخرطوم؟.
منفعلاً.. لن أجيب على هذه الأسئلة.
*هل سيستمر وزير العدل في موقع النائب العام أم سيفصل بين المنصبين؟.
يجب أن يفصل بين المنصبين، في السابق شخص واحد، ولكن الآن سيفصل بين المنصبين، وزير العدل شخص، والنائب العام شخص آخر، المادة (133) حددت صلاحيات وزير العدل بأن يكون مستشار للدولة، ويحمي حقوق الإنسان ويصون الحريات، ويظهر أمام الحكومة في المسائل المدنية، لكن النائب العام شخص معين من رئاسة الجمهورية وهو يتولى إجراءات قبل المحاكمة ويظهر في المسائل الجنائية، والآن سيعيَّن نائب عام منفصل، الدستور في المادة (226) يعطي الحق في القوانين السارية الموجودة الآن تظل سارية، لذلك كلف الرئيس النائب العام الموجود الآن، حتى تعديل القوانين التي تخص صلاحياته ومهامه.
*هنالك قوانين تتعارض مع الدستور؟.
أي قانون يتعارض مع الدستور، لكم الحق في الذهاب للمحكمة الدستورية لإزالة التعارض.
*التعديلات الدستورية الأخيرة تجاوزت الحد المسموح به.. ألن يصبح الدستور لاغياً؟.
غير صحيح.. هذا يحدث في القوانين، إذا رغبنا في تعديل القوانين مثلاً في قانون الإجراءات الجنائية، عدد التعديلات (70) تعديلاً، وعدد النصوص (213) مادة، إذا تجاوزت الـ(70) تعديلاً، هنا يلغى القانون القديم، ويصبح هناك قانون جديد، لكن إذا التعديل أقل من الثلث يصبح تعديل فقط.
*ديوان الحسبة والمظالم الآن يقوم بأدوار تتعارض مع صلاحيات وزير العدل؟.
لماذا تسألون هكذا أسئلة، لا أرغب في الإجابة على هذا السؤال.
المجهر السياسي