أميرة وأمراء
٭ الآن يقدم السودان نفسه بشكل جديد لكل أرجاء المعمورة قاطبة، وليس للقارة السمراء وحدها، وهو ينال ولأول مرة موقعاً قيادياً أفريقياً منذ إنشاء منظمة الوحدة الافريقية قبل أربعة وخمسين عاماً.
٭ بل اللافت أن وجة السودان كان نسائياً، متلفحاً بالثوب الأصيل، (الوزيرة السابقة أميرة الفاضل) .. جميلة بحجابها ووقارها قبل علمها وخبراتها، وفي ذاك انتصار خفي للإنقاذ ومشروعها.
٭ وفى انتصار أميرة رسالة لمكانة المرأة في السودان، وتعزيزاً لوجودها ومكانتها، ثم في تولي مقعد مفوضية اجتماعية بالإتحاد الأفريقي رسالة أخرى وما أدراك بملف الشؤون الاجتماعية لدى الغرب.
٭ وفي سلسلة التنافس الشرس لكسب المواقع تحكر السودان قبل أشهر قلائل، على كرسي الأمين العام المساعد للجامعة العربية .. وفي إقليم البحيرات العظمى حضور كبير وقوى للسودان.
٭ ومع النصر الكبير في الاتحاد الأفريقي، يعلن الأخير بأن لا وجود لجيش الرب في السودان، وقبلها تقول الولايات المتحدة التي رفعت الحظر الاقتصادي عن البلاد إن الحل للمشكل الجنوبي على يد السودان.
٭ والسؤال كيف حدث هذا؟؟ وما الذي جرى حتى أصبح جلباب السودان نقياً من (دنس العزلة)، والحصار .. كلمة السر في التحرك الدبلوماسي الايجابي بقيادة غندور، المسنود من رئاسة الجمهورية.
٭ وفوق ذلك التعامل وفق المؤسسات والعزف ضمن فرقة الجماعة بتناسق تام دون نشاذ، وأداء أغنيات تكامل الأدوار وألحان التنسيق المحكم والدقيق.
٭ كسر السودان حاجز الرهبة التي كانت تنتابة عند الترشح للمناصب الإقليمية والعربية، ولم يعد يمنح صوته دون مقابل أو ينخدع في عمليات التصويت، والتعامل بذكاء مع لعبة (مع) أو (ضد) أو امتناع دبلوماسي ناعم.
٭ بل مضى في اتجاة الدفع بمرشح، وتوظيف العلاقات، وانطلقت رحلة البحث عن حلفاء مبكراً، حيث طافت أميرة الفاضل والمرشح الآخر السفير رحمة الله – الذي نتمنى له التوفيق في موقع آخر – وبإسناد من الرئاسة والخارجية في العديد من الدول الإفريقية.
٭ وكان للسودان ما أراد وفازت أميرة وهي تستحق مانالته عن اقتدار .. لكن الفوز الذي سيغيظ الكثيرين (خارجياً طبعاً)، حمل دلالات اخرى، أن السودان سيظل حاضراً ومازال قوياً ومنصوراً بأصدقائه وحلفائه.
٭ الذى يستحق الانتباه إليه في الفوز الوطني الكبير، هو عودة السودان إلى قواعده الأفريقية، ابتعدنا عن أفريقيا فلا (طلنا) بلح (العرب) ولا عنب (الغرب) ولكن الترشح نفسه كان سانحة للتغلغل في أفريقيا والغوص في أعماقها.
٭ أذكر منتصف العام الماضي رافقت نائب الرئيس الأستاذ حسبو إلى أنغولا ، لحضور قمة البحيرات، عقد النائب اجتماعاً بحضور وزير الدولة بالخارجية د. عبيد الله ثم خلاله التنسيق والانسحاب من الترشح للبحيرات مقابل دعم (أميرة ورحمة الله).
٭ إنها لعبة السياسة .. أعجبت جداً بالتحرك المبكر للسودان، وقد عودتنا الحكومة أننا نراها تجلس على قارعة طريق (الكسل)، بل تكثر من التثاؤب.
٭ لكن الآن حق أن نكثر من التفاؤل مع أميرة السودان.
إذا عرف السبب – اسامة عبد الماجد
صحيفة آخر لحظة