الهندي عز الدين

أكاديمية الأمن العليا .. موسم الحصاد الأخضر !!

كنت مساء أمس الأول، شاهداً على برنامج افتتاح أكاديمية الأمن العليا بضاحية “سوبا”، وقد هالني ما رأيت من لوحة عمرانية بديعة، رسمها فنان ماهر ومهندس معماري سوداني شاطر.. هو الاستشاري “مرتضى معاذ”، ونفذتها من بعده شركة صينية مقتدرة وكبيرة تحت بصر.. ومراقبة ومتابعة هذا الاستشاري الوطني الأمين، وتعلمون كيف أننا نعاني في السودان من الأخطاء الهندسية، وضعف همة وخيال المهندسين.
كل الذين كانوا هناك بمن فيهم منسوبو الجهاز.. ضباط الأمن والمخابرات كانت معالم الدهشة والعجب بادية على وجوههم، فما بالك بالضيوف من أمثالنا!
المباني الممتدة على مساحة (96) ألف متر مربع، والطرق المحيطة بها، وتنسيق الحدائق، وتوزيع الإضاءة الساحرة، بجعلك تتخيل أنها قطعة من “جميرا بيتش” في “دبي” اقتطعت ووضعت في “سوبا” على أطراف الخرطوم!!

(14) مبنى على ارتفاعات متفاوتة لا تزيد عن (5) طوابق، قاعات ضخمة، إحداها التي أقيم فيها الاحتفال ربما تساوي أو تزيد عن قاعة مسرح وسينما قاعة الصداقة، قاعات متوسطة وصغيرة للدارسين، فندق لطلاب الأكاديمية، مسجد ضخم باهر وفسيح، ملاعب رياضية لمختلف الرياضات، وساحة خضراء ترقد متجملة على شاطئ النيل الأزرق الدفّاق!!
عند خروجنا من الحفل البهيج الذي خاطبه وشرفه “البشير”، كان يحادثني بشغب مدير مكتب وزير سابق ونافذ، وكان مأخوذاً بالمكان، فضاحتكه: (إنتو ما حضرتوا الزمن دا؟).. فقال مستسلماً: ( آي والله .. نحضر زمنا وزمن غيرنا) !!
نعم.. إنه زمن الفريق أول “محمد عطا المولى”.. رجل المخابرات الفريد الذي جمع المعاني بالمباني، فكانت إنجازاته في سجل المخابرات تحكي عن نفسها، وتحدث العالمين أخيراً عن ملحمة رفع العقوبات الأمريكية التي أنجزها هو ورجاله النابهون في صمت عجيب، مشاركة مع رئيس لجنة الحوار مع الولايات المتحدة وزير الخارجية البروفيسور “إبراهيم غندور “.

نحن نتحدث هنا عن مؤسسات وطنية جديرة بالتحية والاحترام، ولا نمجد أشخاصاً بمعزل عن مؤسساتهم التي قدرت.. وفعلت وحققت المطلوب وفق توجيهات رئيس الجمهورية.
ليست المباني وحدها، فسجل أكاديمية الدراسات الأمنية والإستراتيجية (الأكاديمي) الحافل في تخريج دفعات مميزة من طلاب الدراسات العليا من مختلف المؤسسات العسكرية والمدنية منذ العام 2005، شهدت به في كلمتها وزير التعليم العالي.. العالمة الوقورة البروفيسور “سمية أبوكشوة “، وأنا لا أدري لماذا لا تنادى بـ(البروفيسور)، وتكتفي الوزارة والصحف وأجهزة الإعلام بتقديمها بلقب (دكتورة) في زمن (تدكتر) فيه الكثيرون بموجب الشروط العلمية المحدودة، دون ثقافة ومعرفة عامة. “سمية أبوكشوة ” عندنا (بروف) ، فصوتها وحركتها ووقارها يذكرك بوقار العلماء وأدب المفكرين، فهنيئاً للدكتور “عبدالرحمن إبراهيم الخليفة ” نقيب المحامين والمدعي العام الأسبق لحكومة السودان بالزوجة العالمة الصالحة. (مقدم البرنامج لم ينتبه أو لم ينبهوه إلى وجود شخصيات دستورية رفيعة مثل رئيس مجلس الولايات ورئيس القضاء ومساعد الرئيس، فعالجت “سمية” خلل التقديم في مدخل كلمتها الرصينة. مخرج الحفل التلفزيوني المشرف على الكاميرات ارتكب أيضاً العديد من الأخطاء كما تعود الفنيون عندنا، وشخصي مدير تلفزيون سابق وأعرف مثل هذه الهفوات ولا مبالاة بعض الفنيين)!!
ولأن جهاز المخابرات قد كان قدر الهم الوطني، ورجاله كانوا أوفياء لهذا التراب، وفيهم مدير الأكاديمية الفريق أمن دكتور “توفيق الملثم”، فقد كرمهم السيد رئيس الجمهورية بمنح الجهاز وسام الإنجاز العسكري، وقلّد مديرهم العام نجمة الإنجاز، وهو أهل لها ويستحقها.. وقد تجلى أمس في كلمته الوافية والراقية، حتى حسبت أنني أستمع للراحل الشريف “حسين الهندي” أو للعميد المرحوم “عمر الحاج موسى” أو غيرهما من خطباء السياسة في بلادنا، وليس لمدير جهاز الأمن!!

إنه موسم نجاحات وحصاد الفريق أول “محمد عطا”.. ونائبه مدير إدارة أمريكا السابق بالجهاز.. الفريق المتميز “أسامة مختار”.. هنيئاً لكما هذا الحصاد الأخضر.
حمى الله بلادنا.. وعباده في السودان.. وأدام علينا نعمة الأمن والسلام.

الهندي عزالدين شهادتي لله
صحيفة المجهر السياسي