الدولار .. حالة رعب
قبل أن تسحب القنوات الفضائية الشريط الإخباري من على أسفل شاشاتها وهو يحمل ملخص قرار رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، سادت في الخرطوم حالة من الرعب والخوف وسط تجار العملة الذين يكنزون الدولار ثم لا يتركونه للتداول طمعاً وجشعاً من عند أنفسهم، ثم وبعد ساعات من القرار انخفض الدولار مقابل الجنيه مواصلاً في التدني للأيام التالية حتى وصل داخل المصارف إلى (15.8) بدلاً عن (19) جنيهاً، وتباينت الأقوال حول هذا التراجع، فمنهم من يرى أن هذا الانخفاض نتيجة لإحجام تجار العملة رغم الطلب المتزايد، والبعض الآخر توقع أن يكون الانخفاض لحظياً وأن الدولار سيعاود الارتفاع بصورة عادية، ومضى فريق بالقول إن السبب وراء ذلك ركود عام في سوق الصادر والوارد بالبلاد.
*إقرار بالتراجع
وحسب جولة قامت بها (آخر لحظة) وسط تجار العملة الذين أقروا بتراجع الدولار من (19.6) إلى (16) جنيهاً، مؤكدين أنهم يمتنعون الآن عن البيع ولكنهم في الوقت ذاته لا يمتنعون من الشراء طالما السعر المحدد في الوقت الراهن أقل من ذي قبل، وقال التاجر يحيى محمد أحمد ممازحاً إن التجار في هذه الأيام يتناولون في وجباتهم (الفول والطعمية)، وأضاف (نحنا وقعنا خلاص)، ولكنه قال وبنبرة جادة إن من يتوقعون استمرار الدولار في الانخفاض فهم قطعاً غير واقعيين، وزاد أن فترة الستة أشهر ليست كافية لمعافاة سوق النقد الأجنبي، وذلك لأن الدولار أصبح سلعة في أيدي التجار وليست المصارف الحكومية أو التجارية.
وتساءل لو أن إحدى الشركات الكبرى طلبت من أكبر البنوك مبلغ (100) مليون دولار، هل يمتلك البنك هذا الملبغ؟.. قاطعاً بلجوئها للسوق الموازي الذي في مقدوره تغطية الطلب الكلي على الدولار، وبدا الرجل منطقياً في حديث ، وملماً بما يدور في السوق الأسود، ومضى يحيى بالقول إن السودان حتى الآن بلد يستهلك العملات الأجنبية ولا ينتجها، وكشف عن ترقب السوق لطلب شركات الاتصالات للدولار، ومن ثم سيحدد التجار الأسعار الجديدة، ودعا في الوقت ذاته الدولة للبحث عن سبل حقيقية لتوفير العملة الأجنبية عبر الإنتاج الزراعي وتصدير اللحوم والذهب.
*تغير سيكولوجي
لم يكن اعتبار الانخفاض أمراً مؤقتاً من جانب التجار وحدهم، إلا أن الخبير المصرفي شوقي عزمي مضى في ذات الاتجاه، ووصف هذا الانخفاض بأنه مجرد ردة فعل للقرار مثله مثل الانخفاض المتزامن مع القبض على تجار العملة، ووصفه بالتغير السيكولوجي، وأكد أن التغير الحقيقي في أسعار الصرف لن يكون الآن وإنما بعد فترة لم يحددها، ورهن التغير بحجم الحراك الاقتصادي بعد القرار. ولفت إلى أن تحديد مدة ستة أشهر كفترة تجريبية للقرار، أمر يضع السودان أمام تحدٍ كبير من وجهة نظره، واضعاً خيارين أمام الدولة، فإما أن تستغل هذه الفترة في زيادة الإنتاج الداخلي، أو طرق أبواب القروض والمنح من أجل حلحلة الإشكالات الاقتصادية، وزاد أنه في الحالتين يجب أن يوجه الاقتصاد إلى زيادة الإنتاج من أاجل توفير النقد الأجنبي، وحذر عزمي في الوقت ذاته من إهدار الفرصة، ما يؤدي إلى بروز آثار سلبية على ميزان النقد الأجنبي السوداني عبر الالتزامات المالية التي ستكون على البلاد، بسبب ظهور سوق جديد يحوي الكثير من السلع الأمريكية التي تحتاجها البلاد مثل الأدوية والمعدات والآليات بما فيها قطع الغيار، وبالمقابل نبه الخبير إلى ضرورة الاستفادة من السلع والموارد الاقتصادية التي تحتاجها أمريكا مثل الصمغ العربي الذي استثنته في وقت سابق أثناء الحصار، وشدد على ضرورة إحكام السيطرة على الحدود لمنع تهريب السلع الإستراتيجية مثل السمسم والسكر، بجانب الصمغ العربي إلى دول الجوار مثل تشاد وأريتريا، وذلك لضمان انسياب عائداتها لخزينة الدولة وتوفير الدولار.
*رأي مغاير
ولأن القرار قرار رفع الحظر، كان نتاج مخاض عسير ومفاوضات وحوار متكافئ بين الجانبين، كان على وزارة المالية أن تتجه لتغيير سياستها النقدية ووضع خطة جديدة متكاملة، وقد سارع وزير المالية بدر الدين محمود بالإعلان عن عكوف الوزارة على وضع خطة شاملة لمراجعة سياسة النقد الأجنبي في أعقاب قرار واشنطن برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على الخرطوم. وبالرغم من التفاؤل الذي أبدته الدولة برفع الحظر إلا أن الخبير الاقتصادي كمال كرار كان له رأي مغاير، حيث يرى أن الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد لم يكن الحصار المفروض سبباً رئيسياً فيها، سيما أنها حجمت تدفق الأموال عبر التحويلات البنكية فقط، وقال هي نتاج طبيعي لتطبيق سياسات خاطئة أدت إلى تشوه الاقتصاد القومي، وأجملها كرار في تطبيق الحكومة لسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين أوصيا بخصخصة المؤسسات الحكومية مما أدى إلى تدهور الاقتصاد، متوقعاً تواصل الأزمة والتدهور حال المضي في تطبيق مخرجات الحوار الوطني والبرنامج الخماسي اللذين يعبران عن إستراتيجية الدولة في الفترة القادمة.
تقرير:اسماء سليمان
صحيفة آخر لحظة
وبالمنطق برضو يعني جهاز الأمن ماعارفين من الذي يتاجر في العملة ومن يملكون ملاين الدولارات سواء في البنوك الداخلية او الخارجية او في الخزائن المنزلية
خيَّم الحزن على قبيلة الطنبور بعد تلقيهم صباح أمس نبأ وفاة فنان الطنبور الشاب طارق عبدالقيوم، الذي وافته المنية بمستشفى سوبا الذي لزم فيه سرير المرض بعد عودته من القاهرة، وشيع طارق عبدالقيوم صباح أمس إلى مثواه الأخير لمقابر الكدرو حيث ووري جثمانه الطاهر الثرى وسط حضور كبير من المشيعين تقدمهم خاله الفنان صديق أحمد، وتدهورت حالة طارق الذي كان يتلقى العلاج بالخرطوم والقاهرة، ويعد الفنان طارق عبدالقيوم من الأصوات النادرة في أغنية الطنبور بإتساعه وتطريبه العالي وتميز خامته، وهو من الفنانين الشباب الذين لهم إسهامات بارزة في خارطة أغنية الطنبور، وقد تفوق على أبناء جيله بجماليات صوته وأدائه المتقن.