“الحياة في إسرائيل أصعب منها في فرنسا”
تناولت صحيفة “فزغلياد” دعوة وزير الدفاع الإسرائيلي اليهود الفرنسيين إلى الرحيل إلى إسرائيل، وسألت: هل توجد لدى يهود فرنسا أسباب وجيهة لمغادرة بلادهم؟
جاء في المقال:
وزير الدفاع الإسرائيلي، زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان دعا اليهود الفرنسيين إلى الهجرة إلى اسرائيل. وبرر ذلك بالسياسة المعادية، التي تنتهجها الحكومة الفرنسية في التعامل مع الدولة اليهودية، وتحديدا في دعوتها إلى عقد مؤتمر دولي في باريس يوم 15/01/2017 لبحث تسوية النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. وأكد ليبرمان أن هذا المؤتمر لا يملك القدرة على إعطاء أي حل، وأنه سيكون “محاكمة حقيقية لإسرائيل”، وأنه سيفاقم أكثر وضع اليهود الفرنسيين”؛ ما يجعله يقول لهم: “هذه ليست دولتكم، هذه ليست أرضكم، اتركوا فرنسا وارحلوا إلى إسرائيل”.
“معاداة إسرائيل – شكلا جديدا لمعاداة السامية”
وبحسب رأي المتحدث باسم “إسرائيل بيتنا” ميخائيل فيغين، فإن ساسة العديد من الدول يحاولون حل مشكلاتهم الداخلية على حساب انتقاد دولة إسرائيل. ويمكن القول إن “معاداة إسرائيل أصبحت شكلا معاصرا لمعاداة السامية”.
وأضاف فيغين: “لو تحدثنا تحديدا عن اليهود الفرنسيين، فإن الكثيرين منهم استقروا الآن في مدينة نتانيا على البحر الابيض المتوسط. وفي السنوات الاخيرة ازداد عدد المهاجرين من هذا البلد. وعلى العموم، فإن الإيديولوجية الصهيونية تعني عودة اليهود من جميع أنحاء العالم إلى الوطن، فما هو المثير للاستغراب هنا؟” وأكد ميخائيل فيغين أن من الصعب وصف نداء ليبرمان ليهود فرنسا بأنه عاطفي، بل على العكس، إن “كل شيء مخطط له”.
وتقول المصادر الإسرائيلية المختصة أن عام 2015 حقق رقما قياسيا في الهجرة إلى إسرائيل. وجاء على موقع “جويش.رو” أن “أكثر من 30 ألف شخص، لأول مرة منذ 12 عاما، هاجروا إلى إسرائيل وجاؤوا من أنحاء العالم كافة”. وأن “فرنسا للعام التالي على التوالي كانت على رأس القائمة”.
في حين أن مجلة “يوروماغ”، واعتمادا على إحصائية السكان الأخيرة، كشف أنه كان يقطن في فرنسا قرابة 600 ألف شخص يعدُّون أنفسهم يهودا في عام 2015. وهذا يعني أن 1% فقط من الجالية اليهودية يهاجر إلى إسرائيل في كل عام.
المحلل السياسي الاسرائيلي ياكوف كيدمي علق حول هذا الموضوع بالقول إن “من السذاجة محاولة إقناع الناس بمثل هذه الدعوات إلى ترك البلاد، التي ولدوا وترعرعوا فيها، للرحيل إلى بلد آخر حتى ولو كان بلد شعبهم”. وأضاف كيدمي: “في حال وجود أسباب وجيهة للهجرة من فرنسا، فإنها ليست مرتبطة تماما بدعوات أي من قادة اسرائيل. وأعرب كيدمي عن ثقته بأن “الزيادة البسيطة في عدد اليهود الفرنسيين الذين هاجروا إلى إسرائيل، جاءت نتيجة لتردي الأوضاع الاقتصادية في فرنسا وتفاقم الوضع الأمني، وارتفاع حدة المعاداة للسامية لدى بعض الفئات الفرنسية، ولكن، ليس استجابة إلى دعوات أي من زعماء إسرائيل”.
ومن الجدير بالذكر أن رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، وقبل عامين، دعا يهود الاتحاد الأوروبي إلى الهجرة إلى إسرائيل، ووعد يهود فرنسا والدنمارك ودول أخرى بتسهيلات إضافية، ولكن يهود الدانمارك رفضوا دعوته، في حين حث رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك يهود بلاده على البقاء في فرنسا.
لا مظاهر ملحوظة للهجرة الشاملة
من جانبه، ذكَّر الصحافي الفرنسي دميتري كوشكو بأن آرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، بذل جهده لحث اليهود الفرنسيين على الرحيل إلى إسرائيل. وأشار كوشكو إلى أن هذا الأمر يرتبط مباشرة “بمحاولات الحكومة الاسرائيلية للحصول على دعم ديمغرافي، وعلى وجه الخصوص على حساب البلدان المتقدمة وذات المستويات العالية من التعليم”. لهذا وكما يعتقد الصحافي كوشكو، تنشط “الوكالة اليهودية” في “تضخيم أساطير معاداة السامية في فرنسا”، والتي قد تظهر كحالات متفرقة في بعض الضواحي حيث “الإسلامويون أقوياء”، ولكن هذه ليست ظاهرة، كما أكد الصحافي.
في غضون ذلك، اعترف كوشكو بأن بعض اليهود الفرنسيين سقطوا في شباك دعاية “ارحل إلى إسرائيل” وخاصة الذين عاشوا في تلك المناطق الفرنسية التي يقطنها عدد كبير من العرب، وأكد كوشكو أن الكثيرين منهم عاد أدراجه، لأن “الحياة في إسرائيل أسوأ من الحياة في فرنسا، وفرص العمل هناك ضئيلة وظروف الحياة أصعب”، وقال كوشكو أن الأهم من هذا وذاك هو أن “الكثيرين منهم بعد الهجرة إلى اسرائيل، أدركوا أنهم فرنسيين”.
واشار كوشكو إلى أن “الرأي العام الفرنسي ككل ضد الاستعمار اليهودي للأراضي الفلسطينية، وهذا ليس موقف الأقلية العربية في فرنسا، وإنما هو موقف الفرنسيين الأصليين، والعرب في فرنسا يهتمون بقضايا العنصرية وكراهية الاسلام في البلاد، أكثر بكثير من مصير فلسطين. وإذا تحدثنا عن السياسة الخارجية الفرنسية، فإن مواقف دول الخليج أكثر تأثيرا، وبخاصة السعودية وقطر. وهذه الدول كما هو معروف لا تعمل ضد اسرائيل كما أشار الصحافي الفرنسي.
روسيا اليوم