برلماني دعا لإدخال الجيش في معادلة السلطة المجلس العسكري… حكومة الجنرالات هل تنهي الأزمة السياسية؟
دعا العضو البرلماني عن المؤتمر الوطني علي أبرسي لحل المؤسسات القائمة الآن بالدولة وتكوين مجلس عسكري يحكم لفترة الأربع أعوام المقبلة.. أبرسي ذهب إلى أبعد من ذلك بقوله إن السودان أنشاته الحكومات العسكرية ولم تنشئه الحكومات المدنية.. دعوة أبرسي تفرض قدرا من الاهتمام لكونه ينتمي للمؤتمر الوطني، وربما تجد القبول في نفس المشفقين على بقاء الدولة بفعل الصراع المحتدم بين الأحزاب السياسية بالرغم من وصول الحوار الوطني إلى مرحلة التعديلات الدستورية وعلى الرغم من الاتفاق حول تشكيل حكومة الوفاق الوطني.
صمَّام أمان
لا يختلف إثنان في أن القوات المسلحة هي صمام الأمان للدول، خاصة دول العالم الثالث التى تعاني من صراعات في بنيان الدولة والمؤسسات عكس دول العالم الأول التي خطت خطوات بعيدة في بنيات الدولة الأساسية الشئ الذي يجعل من الصراعات السياسية امراً غير مؤثر وبعيداً عن مؤسسات الدولة التى لا تتأثر بفعل هذه الصراعات، ولكن على سبيل المثال تجد أن الجيش مؤثراً وأساسياً في المشهد السياسي في القارة الإفريقية وحتى في بعض الدول العربية، إذ يتدخل الجيش لحسم كثير من الصراعات التي تنشب بين القوى السياسية في تلك الدول حتى صار الجيش جزءاً من مؤسسات الحكم، ويرجع ذلك التدخل لعدم النضج السياسي للأحزاب السياسية أو للصراعات القبلية والجهوية التي تحدث في تلك الدول الشئ الذي يجعل المؤسّسة العسكرية هي الملاذ القومي الوحيد الذي تتكئ عليه الدولة عبر القبول الشعبي
المسرح السوداني
وليس بعيداً عن دعوة النائب البرلماني علي أبرسي التي دعا فيها لتشكيل مجلس عسكري يحكم البلاد لفترة أربع أعوام تعقبها انتخابات، فإن الجيش ظل موجوداً في مسرح الحكم السوداني منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا، إذ شهد السودان عدداً من الانقلابات منذ حكم عبود إلى حكومة مايو بقيادة المشير جعفر نميري إلى حكومة الإنقاذ بقيادة المشير البشير، ومن هنا يتضح أن الحكم العسكري ليس بعيداً عن المزاج السوداني القريب إلى “الكاب” و” الميري” ذلك المزاج الذي شكّلته ظروف السودان الذي لم تغب عنه الاضطرابات العسكرية مما جعل مزاج الشعب أقرب إلى العسكريين، وساعد في ذلك فشل الديمقراطيات المختلفة التي فتحت الأبواب على مصراعيها ليطل الجيش في المشهد السياسي
وجود دائم
المهم أن القوات المسلحة ظلّت موجودة بالمشهد السياسي عبر قادتها الممسكين بكثير من مفاصل الدولة المهمة، وقطعاً وستظل حاضرة خاصة بعدما توافقت القوى السياسية على رئاسة المشير البشير بحكومة الوفاق الوطني.. أضف إلى ذلك أن البشير ظلّ في كل لقاءاته الأخيرة يرسل رسائل توحي بأنّ الجيش سيظل باقياً في المشهد حتى في حالة الانتقال لحكومة الوفاق الوطني، أضف إلى ذلك أن الترشيحات لمنصب رئيس الوزراء ضمّت اسم الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين والفريق عماد عدوي، وتشير كل كل الترشيحات إلى أن الفريق أول عصمت زين العابدين وزير الداخلية الحالي باقياً في المشهد السياسي الجديد،.
وهو ما يشير إلى أن الجيش لن يخرج من معادلة السلطة، خاصة أن الرئيس ظل يمتدح وجود القوات المسلحة والأجهزة النظامية الأخرى في المسرح الأمني بصورة فاعلة، لذلك لم تغب رسائله المادحة لها وآخرها رسالته التي أرسلها خلال مخاطبته الملتقى السنوي لأمانة الطلاب بقاعة الصادقة أمس الأول وتحديداً عندما قال وهو يخاطب طلاب حزبه “ناس قوز دنقو قاعدين” في إشارة للمعركة الفاصلة التي حسمتها القوات المسلحة ضد حركة العدل والمساوة وهذا ما يشي بأن البشير مازال ممسكاً ومتمسكاً بوجود القوات المسلحة كفاعل أساسي في المشهد الأمني وربما السياسي.
حديث مرفوض
وعطفاً على ما سبق يرى نائب رئيس تحالف الأحزاب المعارضة المحاورة أمين بناني خلال حديثه لـ(الصيحة) أن دعوة أبرسي للحكم عبر مجلس العسكري غير واردة لما فيها من إلغاء للحياة السياسية السودانية مضيفاً أن هذه الدعوة لا تتماشى مع المرحلة التي يمر بها السودان لمعالجة مشاكله عبر الحوار الوطني، وذهب بناني إلى أبعد من ذلك ونظر إلى المحيط العربي للدول التى شهدت الربيع العربي والتي قال إنها تسعى الآن للبحث عن مخارج سياسية عبر التوافق الوطني وعبر الحوارات المختلفة ، وشدّد بناني على أن هذه الخطوة مرفوضة رفضاً باتاً مشيراً إلى أنها تعني ارتداد الإنقاذ إلى أيامها الأولى في الوقت الذي يسعى الناس فيه للسير في طريق الحوار والمشاركة السياسية
الحل الأفضل
وعلى عكس أمين بناني ذهب الخبير العسكري والسياسي الفريق إبراهيم الرشيد وأيد فكرة الحكومة أو المجلس العسكري ولكنه استدرك في حديثه لـ(الصيحة) بقوله إنه لا يريد حكماً عسكرياً شموليا ولا أبدياً، وأراد الفريق بذلك نفي التحيز إلى حكم قبيلته العسكرية ورأى أن يكون الحكم العسكري مع مشاركة التكنوقراط لفترة ثلاثة أعوام تعقبها حكومة وفاق وطني بمشاركة الجميع، وأضاف الرشيد أن الوضع الحالي يجعل من تشكيل حكومة الوفاق الوطني أمراً غير ممكن لكثرة التنازعات والصراعات التي نشبت حول التعديلات الدستورية ومنصب رئيس الوزراء، وأضاف الفريق إبراهيم الرشيد في روشتته للحل بأن تكون فترة الثلاثة أعوام فترة لوضع مسودة للدستور على أن يكون الرئيس المنتخب على رأس الحكومة وتعاونه الخبرات والعسكريون في إدارة شؤون البلاد وتحل المؤسسات القائمة ويذهب السياسيون إلى مناطقهم وقواعدهم للاستعداد للانتخابات، وختم إبراهيم الرشيد حديثه بأن الحوار بشكله الحالي لن يتفق الناس عليه، وأن المؤتمر الوطني لن يتنازل عن الحكم بسهولة .
الصيحة
والله راى الخليفة ابرسى هو عين الصواب وهو العقل بعينه وليستلم العسكر السلطة لفترة انتقالية لمدة خمسة سنوات وبعد يتم التداول الحزبى