تحقيقات وتقارير

“لماذا عودته مهمة؟” لن يأتي المهدي إلى الخرطوم مجرّدًا من ثقله السّياسي والدّيني والفكري.. فهيا لنبحث عن الكيفية والتوقيت والأجواء المهيأة لذلك

بعد عدة أيام، سيحتفل رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصّادق المهدي بعيد ميلاده الواحد والثمانين، لكنه سيتم، للمرة الثالثة، خارج البلاد. وكان المهدي قد قرر العودة إلى الداخل في 19 ديسمبر الحالي، لكن دعوات للعصيان المدني، كانت متزامنة مع التاريخ نفسه، دفعت بالمهدي إلى تعديل موعد عودته حتى 26 يناير من السّنة الجديدة، لتتزامن مع ذكرى حدث تاريخي عظيم، هو تحرير الخرطوم من الاستعمار التركي (1821- 26 يناير- 1885)..
وكان المهدي قد غادر البلاد إلى فرنسا، ومنها إلى القاهرة، غبّ فترة اعتقال في سجن كوبر دامت لشهر (مايو 2014)، مَثَلَ خلاله في نيابة أمن الدّولة، حيث وجهت له تهمة (تقويض النظام الدّستوري)، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الحكم بالإعدام، بعد أن قال المهدي إن الحكومة ارتكبت أعمال عنف ضد المدنيين في دارفور. وغادر المهدي عقب الإفراج عنه، في أغسطس 2014 إلى فرنسا، حيث وقع على وثيقة (نداء السّودان) مع الجبهة الثورية بقيادة مالك عقار، وهي الوثيقة التي رفضتها الحكومة بقوة.
وحتى الآن، تعد عودة المهدي مشكوكا فيها، من حيث إنفاذها في ميقاتها؛ نظرًا لاعتبارات سياسية كثيرة؛ ومع ذلك، وفي الحدود الدّنيا من التحليل السّياسي العام؛ فإن البلاد تعاني من حالة (سيولة سياسية) بتعبير الكاتب الصّحفي والمحلل الدّكتور خالد التيجاني، ما يتطلب وجود زعماء بوزن الصّادق المهدي، إلى جانب السّياسيين الآخرين.. فلماذا عودته مهمّة، وكيف تتم؟
“سيعود الصّادق المهدي إلى الخرطوم في الموعد المضروب”
غير مؤكد لاعتبارات. إذ من المحتمل أن ترجأ العودة إلى تاريخ لاحق، فحتى الآن لا يبدو أن المهدي تحصل على الضّمانات الكافية بعدم تعرضه للمساءلة القانونية في البلاغ المفتوح في مواجهته بنيابة أمن الدّولة. صحيح، ربما يأتي البلاغ في سياق الكيد السّياسي، لكن بالنسبة للمحلل السّياسي شمس الدّين ضو البيت فإن الحكومة غير مضمونة الجانب أبدًا في استخدامها لهذا البلاغ، ويشير شمس الدّين وهو يتحدث لـ(اليوم التالي) إلى: “تعريض الرّئيس عمر البشير المباشر بالحياة الخاصة والقيمة السّياسية للمهدي”، إذ جاء من البشير تلميحًا وصف المهدي بأنه مجرد لاعب تنس ليس جديرًا الأخذ بكلامه. لكن في مقابل ذلك، كان نائب الرّئيس، حسبو محمد عبد الرّحمن، قال في وقت سابق إن السّلطات لن تتعرض للمهدي حال وصوله إلى العاصمة الخرطوم، وأكد أن الرّجل مُرحب به في أي وقت. ورغم العقبات التي تعترض طريق عودة المهدي إلى الخرطوم، إلا أن شمس الدين يرجح العودة لاعتبارات تتعلق بسن المهدي المتقدمة، إلى جانب أن وجوده في القاهرة فيه الكثير من الحرج، له وللحكومة المصرية.
“الأوضاع السّياسية في الخرطوم مهيأة لعودة الصّادق المهدي”
ليس بعد. فإذا كنت تعي بسيطرة الحكومة الخانقة على الفضاء السّياسي العام والمجريات السّياسة في البلاد، فستنتبه إلى أن اللحظة السّياسية الحالية لا تشبه الأجواء التي سبقت (نداء الوطن، جيبوتي 1999) ولا الترتيبات التي سبقت (اتفاق التراضي الوطني، 2008)، وفي كل الأحوال، لن يتقدّم الصّادق المهدي إلى الدّاخل مجرّدًا من هيبته كرجل صاحب تأثير وكلمة سياسية مسموعة، ومن المستحيل أن يأتي كي يلتحق بـوثيقة (الحوار الوطني) الذي تعده الحكومة المكان الوحيد لحل ومناقشة الأزمة السّودانية. وبالمعنى نفسه، كان الرّئيس عمر البشير قد قال في حشد جماهيري: “إن من لم يقبل بوثيقة (الحوار الوطني) هو عدو للشعب… ومن يأتي من المعارضين مسالمًا، سيقبله، وإلا ستتم ملاحقتهم أينما وجدوا، في الغابة أو أي جحر”… ومع ذلك، يرى المحلل السّياسي والكاتب الدّكتور خالدّ التيجاني أن الأوضاع السّياسية “تحتم عودة المهدي إلى الدّاخل” ويضيف وهو يتحدث لـ(اليوم التالي) بأن عودة المهدي ليست خياره هو؛ لأن “حالة السّيولة السّياسية تتطلب وجود زعماء سياسيين بوزن الصّادق المهدي”، ولأن المهدي لن يأتي مجرّدًا من ثقله السّياسي والدّيني والفكري، لذلك يبدو الأمر في غاية التعقيد، ما لم يكن المهدي قد حصل على اتفاق سياسي مضمر ومرض له، يطأ بموجبه مطار الخرطوم في 26 يناير المقبل، ويكون بمثابة الضّوء الأخضر للملايين من أنصاره كي يتجمعوا لاستقباله هناك.
“سيأتي الصّادق المهدي إلى الخرطوم بترتيب إقليمي”
مستحيل. يقول المحلل السّياسي والكاتب الدّكتور خالدّ التيجاني: “المهدي لا يحتاج إلى أي سند إقليمي؛ لأن للمهدي بعدا شعبيا”.. وحتى الآن فإن القوى السّياسية الإقليمية المؤثرة في الشّأن السّوداني لا تبدو واحدة، كما كانت عليه قبل عقد من الزمان، مثلًا، إذ أصبحت قوى إقليمية متعددة ومتنافرة، وظهرت قوى سياسية جديدة مثل الإمارات وقطر، إلى جانب قوة السّعودية الفعّالة، ويترافق مع هذا تراجع التأثير المصري الذي كان فعّالًا إبان عهد الرّئيس المخلوع حسني مبارك الذي أنجز (اتفاق القاهرة بين الحكومة والتجمع الوطني، 2005)، ووسط هذه القوى لا يجد الصّادق المهدي، برمزيته المضمخة بالدّيمقراطية، موطئ قدم، بل يبدو المهدي زاهدًا في التماهي مع الأدوار والوساطات التي قد تلعبها هذه القوى حيال المشكل السّودان، وغير مكترث لأي تأثير قد تلعبه هذه القوى، باستثناء زيارة قام بها المهدي إلى الإمارات في 2014، أطلع فيها وزير خارجيتها الشّيخ عبد الله بن زايد على ما تمخض عنه (إعلان باريس) الموقع بين حزب الأمة القومي والجبهة الثورية في أغسطس 2014. لكن شمس الدّين يرى أن دول الخليج، مثلًا، ليست لديها مصلحة في تغييب أدوار المهدي من المشهد السّياسي السّوداني، ولا مصلحة في تحوّل الإنترنت إلى منبر للمعارضة السّياسية، كما حدث في البلاد أخيرًا، لأن هذا سيفتح عليها أبوابًا هي في غنىً عنها، ما يعني أن من مصلحة دول الخليج والدّول الإقليمية المؤثرة سياسيًا، بحسب شمس الدّين، أن يكون للمهدي موطئ قدم في الخرطوم.. والآن.

اليوم التالي

‫6 تعليقات

  1. با جماعة أنتو متاكدبن انو عمر المهدي 81 يعني ما 91 عام ياخي دا حيعيش لغاية متين مع الميرغني ديل كرهونا العيشة الواحد يشوف اشكالهم دي علي طول يستفرغ أن شاءالله ترجع في تابوت.

  2. الصادق طالع الصادق رجع قصة غريبة والحكومة ترضى في دي يتمرد دي واحنا الشمالين ضايعين.
    الحل واضح والناس خايفة منو اي منطقة في السودان ترفع سلاح مفترض تطالب بحق تقرير مصير
    في النهاية القاتل والمقتول سوداني

  3. وماهو وزن الصاق المهدي؟ وماذا قدم الصادق للسودان غير الكلام والفشل؟ جيل التسعينات والألفينات يتعرض لخداع كبير بإعادة إنتاج وتسويق الصادق المهدي والشيوعيين والملاحدة. الصادق 5 أصفار على الشمال واسألونا نحنا العجايز الحضرنا زمنه.

  4. الامام الصادق صحاب ثقل سياسي ان شئت او ابيت وقدم الامام الصادق الكثير للسودان . لن يتضرر الشعب السوداني من الامام الصادق كما تضرر الشعب السوداني من تجار الدين وانصاف الرجال . 27 سنة من الكلام والتنظير والرقيص من هو ابو الكلام الامام الصادق ام عمر البشير ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ .

    1. ثقل سياسي!!!!!! وقدم الامام الصادق الكثير للسودان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
      هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
      وريني الصادق بتاعك ده قدم للسودان شنو؟؟؟؟؟
      اذكر لينا انجازات الصادق المهدي للسودان؟؟؟؟؟!!!!!!
      وهو كان يحكم السودان من العام 1964م ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

    2. سبب البلاوي الانحنا فيها الان من تحت راس الصادق المهدي……………..