مالذي أخذه السوريون من منازلهم؟
لا تزال الحرب في سوريا مستمرة منذ نحو خمس سنوات حصدت خلالها أرواح أكثر من 300 ألف شخص.
وأجبرت الاشتباكات، الدائرة بين قوات الرئيس بشار الأسد ومسلحي المعارضة، أكثر من 11 مليون شخص على النزوح عن منازلهم.
ومن بين هؤلاء يعيش نحو 2.7 مليون في تركيا حاليا. وتحدث إلى بي بي سي ثلاثة أشخاص منهم عن ممتلكاتهم الشخصية، التي حرصوا على اصطحابها قبيل الهرب من دوامة العنف.
غادر نزار وعائلته منزلهم بالقرب من حمص بعد تدميره في غارة جوية قبل نحو عامين.
وقال نزار: “دمر الطيارون منزلنا. لقد أطلقوا النار وحطموا ألعابي. لم يتركوا لعبة واحدة منها”.
وأضاف: “شعرت بالذعر وقت القصف، لكني كنت حينها أصغر سنا”.
لكن حينما فر نزار وعائلته، استطاع الصغير أن يصطحب معه زي الرجل العنكبوت “سبايدرمان” المحبب له.
ويقول نزار: “لقد أخذت زي سبايدرمان ووضعته في الحقيبة وغاردت. لقد غادرنا جميعا”.
ويضيف نزار أنه يشعر بـ”القوة” حينما يرتدي ذلك الزي.
ويقول: “لقد أهداني والدي هذا الزي، ولذلك يمكنني أن أكبر وأصبح مقاتلا، وأذهب لمحاربة قوات الرئيس بشار الأسد”.
كانت كوثر جهواني تعيش في قرية في ريف حمص، ونزحت عن منزلها عام 2013، وعبرت إلى تركيا برفقة ابنها وابنتها.
لكن أبن آخر لها فُقد، حيث ألقت القوات الحكومية القبض عليه، وقالوا إنه كان يقاتل في صفوف جبهة النصرة المسلحة المعارضة.
وتقول كوثر: “لا أعلم مصيره الآن. لقد غادرت منزلي وجئت إلى تركيا. إنه أمر صعب للغاية”.
وحينما حزمت كوثر أشياء قليلة من أمتعتها استعدادا للرحيل، حرصت على اصطحاب ركوة القهوة، فهي “تحب القهوة كثيرا”.
وتقول: “جدي وأعمامي وزوجي يحبون القهوة أيضا. أحرص على اصطحاب أدوات اعدادها في كل مكان. إذا ذهبت للتنزة أو إلى أي مكان. إنها معي طوال الوقت”.
لقد كانت كوثر في منزلها، تحتسي القهوة برفقة نحو عشرين شخصا، كانوا في منزلها في الطابق السفلي، حينما استهدفت غارة جوية المنطقة.
وحينما غادرت كوثر المكان بعد ذلك على عجل، حرصت على التأكد من أنها اصطحبت أدوات القهوة معها في تلك الرحلة الطويلة.
ليلي تبلغ من العمر 22 عاما، وغادرت منزلها في مدينة عين العرب “كوباني” برفقة عائلتها قبل نحو عامين. ولدى ليلي شغف بالموضة والأزياء وتصمم ملابسها بنفسها.
وحينما قررت العائلة آخيرا الفرار من جحيم القتال الدائر بالمدينة، كانت ليلى تعلم تماما أيا من ممتلكاتها يجب أن تصطحبها معها.
وتقول: “لدي كثير من الملابس وكنت أحزمها جميعا، لكن في اللحظة التي قررنا فيها المغادرة دعانا والدي إلى السيارة بسرعة”.
وتضيف: “ولذلك اصطحبت بعض كتبي عن الموضة، لقد خطر في بالي أن علي أن أنقذهم، لأن كل أفكاري التي امتلكها منذ كنت طفلة توجد فيهم”.
وتقول: “لدي الكثير من الكتب. نحو عشرين كتابا حول الموضة والتصميمات، لكني لم اصطحب سوى عدد قليل منهم فقط وبعض ملابسي”.
وتضيف: “المشكلة بالنسبة لي هي حينما أعود للتصميم سأعود إلى الماضي، لأني حاليا لا أقوم بالتصميم كثيرا. أنا أعمل الآن وأساعد عائلتي، ولا أستطيع التركيز كثيرا على الموضة كنت أفعل في الماضي”.
وتقول: “حينما أمسك بكتبي أتذكر كيف كنت أصمم الملابس وابتكر التصميمات، وهذا يجعلني أشعر وكأني أعود إلى ذلك الوقت الذي كان يمكنني أن أفعل فيه ذلك”.
واختتمت: “هذا شيئ يجعلني أشعر بالسعادة والحزن في الوقت ذاته”.
الجديد