المحكمة الجنائية الدولية تواجه مشكلات خطيرة
أصبحت المحكمة الجنائية الدولية عند نشوئها عام 2002 المؤسسة الدائمة الأولى المخولة بجلب مجرمي الحرب ومرتكبي المجازر إلى ساحتها، بعد أن تمكنوا من الإفلات من العدالة في السابق.
وقد اعترضت الصعوبات والإشكاليات مسيرة المحكمة الجنائية الدولية منذ ولادتها لأسباب تعود أساساً إلى رفض عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة والصين الاعتراف بأحكامها.
120 دولة لم توقع على اتفاقية المحكمة، ومع ذلك فقد أصدرت حتى اليوم 39 إدانة وأحكاماً بحق 17 فرداً ثبتت إدانتهم. أما التحقيقات الأولية فسارية في عشر قضايا إشكالية أخرى.
إلا أن العلامة الدامغة الأبرز تجلت بانسحاب روسيا، أخيراً، من دعم اتفاقية روما تسطيراً لاحتجاج على التحقيق في ارتكاب فظاعات في جورجيا. وتأتي خطوة موسكو بعد قرارات جنوب أفريقيا وغامبيا وبوروندي الانسحاب متهمة المحكمة بالتعصب ضد أفريقيا.
وتبدو المحكمة الجنائية الدولية التي ولدت من رحم المثاليات النبيلة عرضة لمشكلات خطيرة. وعلى جانب موازٍ، فإن سعي روسيا لتوسيع نطاق التحرك العسكري في سوريا لا يمكن أن يشكل ذريعة لارتكاب المزيد من جرائم الحرب هناك.
البيان
هناك تصور ان المبادي الموؤسسة للمحكمة تتمتع بصبغة “كونية” و على راسها هذه المباديء مبداء “العدل” الشيء الذي يمنحها مقبولية اخلاقية بين البشر اينما كانوا على وجه البسيطة. يؤخذ على هذه الادعاء رغم وجاهته انه يسلم ضمنا بان الفضاء الثقافي الذي تشكلت فيه مباديء المحكمة فضاء “غربي/اوربي” و هنا تكمن المعضلة لان هذا يقود للاستخفاف بفضاءات ثقافية اخرى انتجت او في طور انتاج مباديء مماثلة لتلك التي تاسست عليها المحكمة. فعندما غضبت جنوب افريقيا كان ذلك بسبب تعبيرها عن هذا الموقف و سعت جنوب افريقيا مرارا و تكرارا للتاكيد على ان مبدا “العدالة” يوازيه مبدا افريقي يمكن تسميته “اقرار المجرم بجرمه و طلب الصفح من الضحية” ولدى هذا المبداء الافريقي اليات تحقق سلاما اجتماعيا مقبولا. ظلت جنوب افريقيا تطلب من مجلس الامن اجابات بشان ملفات افريقية تنظر فيها المحكمة ولكن تجاهل الاخير زاد الشكوك لدى الافارقة في ان “الرجل الابيض” يمعن في تجاهل قلق الاتحاد الافريقي و يستخف بالقارة السمراء.