روسيا تنتظر..!!
> أتيحت لنا خلال متابعاتنا ومشاركتنا في اجتماعات الدورة الرابعة للجنة الوزارية السودانية الروسية المشتركة المنعقدة الآن بالعاصمة الروسية موسكو، التعرف عن كثب على الفرص المتاحة لتطور العلاقة بيننا وبين الروس، فالحماس هنا كبير تجاه السودان، وتفهم الدوائر الرسمية في موسكو والشركات ورجال الأعمال ومؤسسات صناعة القرار الاقتصادي الروسي، أن السودان بثرواته وموارده الطبيعية ومواقفه السياسية هو الشريك الأفضل لروسيا في المنطقة، نظراً للعلاقات التاريخية القديمة وآفاق المستقبل المفتوحة على آمال عراض وكبار.
> وتعززت القناعات الروسية بصورة أكثر رسوخاً من خلال اجتماعات اللجنة وما شاهدناه وتلمسناه من رغبة حقيقية لتنمية التعاون الثنائي وبلورة رؤية مشتركة في مختلف المجالات التي تتطلب قدراً وافراً من التفاهم والتنسيق والعمل المشترك، وتنظر موسكو إلى علاقاتها مع الخرطوم من منطلقات استراتيجية يعبر عنها المسؤولون الروس بوضوح لا لَبْس فيه ويبدون قدراً من الاعتراف بأن البلدين تأخرا جداً في الإسراع بجعل وتيرة العلاقات أقوى وأمتن، واليوم تبدو العلاقة بين الجانبين موعودة بتنامٍ مذهل بتوفر إرادة سياسية قادرة على تخطي العقبات وقراءة المستقبل وما يترتب عليه بشكل جيد وفعَّال.
> ولو قيست اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة التي تختتم أعمالها اليوم بالتوقيع على بروتكول التعاون، بما تحقق فيها من اتفاقيات ومذكرات تفاهم ومشروعات تنموية حقيقية، نجد أنها تحقق الكثير من الخير للبلاد, فقد وافق الجانب الروسي على الدخول فيها خاصة في مجال الطاقة كمشروع سد مقرات ومحطة كهرباء بورتسودان التي ستعمل بالفحم الحجري وتنتج ستمائة ميقا واط ومشروعات طاقة أخرى من بينهما الطاقة النووية للأغراض السلمية وتطوير قدرات السودان في مجال الطاقة الحرارية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وفي مجال الزراعة وتوطين صناعة الآليات الزراعية والحاصدات والصوامع ومشروعات المياه والري ومجال الصحة وترقية الحقل الطبي ومجالات الصناعة المتنوعة والطرق والنقل، فضلاً عن التعاون الأبرز والأكبر في مجال التعدين، خاصة أن روسيا دخلت في مشروع تعديني كبير في السودان، وابتدرت الدراسة الفعلية في التعدين بمشروع أطلانتس (٢) في مياه البحر الأحمر.
> والأهم أن القطاع الخاص السوداني وكان غائباً عن الساحة الروسية ولم تتح له فرص التبادلات التجارية رغم أن الميزان التجاري وعائداته ارتفعت خلالهما منذ عام ٢٠١٥م إلى ما يقارب (١٦٥) مليون دولار، أبدى حماساً كبيراً في ضرورة الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية ورفع التبادل التجاري إلى مليار دولار في العام، ويستطيع السودان أن يكون سوقاً ضخماً ومدخلاً للمنتجات الروسية في إفريقيا، كما سيجد الإنتاج السوداني طريقه إلى السوق الروسي، بالإضافة إلى أن قطاع السياحة السوداني والاستثمار هما بديلان جاهزان للسياح ورجال الأعمال الروس نظراً للتطورات السالبة في المنطقة التي قللت من حركة السياح الروس في المنطقة، وجعلت موسكو تبحث عن بدائل أخرى.
> ومن الممكن النظر إلى مقبل الأيام في علاقة البلدين بأنها مليئة بإشراقاتها الحقيقية التي ستجعل من التوجه الحالي توجهاً يحث خطاه للشراكة والتحالف الاستراتيجي، ولن يكون علاقة منفعة ومصالح متعجلة، بيد أن روسيا اليوم تعتقد أنها والسودان في مركب واحد، وقد وصل التنسيق والتفاهم السياسي بين الجانبين مبلغاً من التقدم يجب أن يترافق معه ويتوازى معه التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والفني، وكل ما يقع في اختصاص اللجنة الوزارية المشتركة التي تختتم أعمالها اليوم.
> ويبقى أن نشير الى أن عقبات هذا التعاون تكمن في بطء إجراءاتنا البيروقراطية الممضة التي طالما أثرت في تدفق واستمرار الاستثمارات الأجنبية وعطلت الكثير من المشروعات الكبرى، وينبغي إذن البدء الفوري في إصلاح ما يمكن إصلاحه، وتهيئة البيئة التشريعية والقانونية المشجعة للاستثمار، وإزالة التعقيدات الإجرائية التي تتسم بها كل تعاملاتنا مع الخارج وأضاعت فرصاً لا حد لها في السابق.
(نواصل).
الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة