لعنة البديل ..!
« نحن نستورد أدوات المدنية لكن لا نتعامل معها بشكل حضاري» .. مالك بن نبي ..!
العالم الثالث ليس تصنيفاً اقتصادياً فحسب .. هو أيضاً فرز دقيق لمقدرات الشعوب على حراسة منجزاتها الثورية واختيار البديل الديموقراطي الأمثل .. تواريخ حركات التغيير تقول إن التجهيل والأبلسة والإقصاء هي مآلات العنف الديموقراطي في عالمنا الثالث ..!
عندما اشتعلت نار الفتن في بلاد الأفغان، وعزَّاجتماع القوم على كلمة سواء قال الشيخ جمال الدين الأفغاني قولته التي ذهبت مثلاً (اتفقنا على ألا نتفق) ..أضابير التاريخ الذي يعيد نفسه بتصرف سجلت اتفاق ورثة الجهاد الأفغاني العظيم – ضد الاحتلال السوفيتي – على ألا يتفقون .. بل وثقت لتناحرهم الذي أضاع البلاد والعباد ..!
ذات الأضابير قالت – ولم تزل – إن جبال الثورات في العالم الثالث تتمخض – في الغالب – عن ولادة فئران الخلاف التي تقرض المنجزات وتأكل من سنام الأحزاب والحركات.. مانديلا الذي اعتقل بتهمة التخطيط لعمل مسلح وحكم عليه بالسجن المؤبد، والذي تحولت سنوات سجنه إلى وقود لنضال شعبه الأعظم ضد التمييز العنصري، تمخض انتصاره عن وقوع أسرته في دائرة العنف الذي كان ينادي بمحاربته، خانته زوجته ورفيقة كفاحه التي غدرت – قبل ذلك- بمبادئ الثورة ..!
ورثة منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والتي بدأت بفكرة التحرير عبر الكفاح المسلح وانتهت إلى إنشاء دولة علمانية ديموقراطية، والتي حظيت بمباركة واحترام ودعم مناصري السلام في العالم، تمخض كفاحها النبيل عن خلافات الفصائل الفلسطينية – المخجلة – على الاستئثاربالسلطة..!
ثورة الياسمين التي حررت تونس من حكم بن علي وفتحت ملفات الفساد والمحسوبية، تعيش اليوم واقع ما بعد الثورة بأخطائه ومشكلاته وعثراته التي قد تصبح قاتلة إذا لم يحذر الخلفاء – ورثة شرارة البوعزيزي –من منغصات الوضع الاقتصادي في العهد الوليد ..!
ومن مهددات ثورة اللوتس إلى أخطاء ثورة الياسمين، ردود الأفعال ذات الزوايا الحادة هي التي باتت تحكم اليوم عقلية اتخاذ القرار في مصر ما بعد الثورة، فالحيادية والإستراتيجية ليست المنهج الفكري الذي يحكم اختيار البديل في مصر اليوم، بل التطرف وردود الأفعال ذات الزوايا الحادة .. فكل أعداء الإخوان المسلمين هم أحباء السيسي بالضرورة، وكل حلفائهم القدامى هم ألد الخصوم والأعداء ..كل الذنوب في عهد مبارك باتت مغفورة، وإن كان المدانون فاسدون وطغاة، وهذا – بطبيعة الحال – خطير..!
أما الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان فقد تمخض كفاحها فولد حكومة الجنوب التي نجحت – يوماً – في الوصول إلى تحقيق حلم الدولة المستقلة على حساب قداسة الوحدة .. أما سؤال اليوم فهو عن وحدة الدولة الوليدة نفسها ..!
هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة