نزاع الساقية “92” بعد أكثر من عشر سنوات ومعركة قضائية وبمجرد استلامهم لأرضهم لم يكن في الحسبان أن سلطات “الشمالية” ستمنعهم عن ممارسة النشاط الزراعي
قبل (81) عاما بالتمام والكمال قرر المرحوم (سري عمر نصر) من أهالي قرية أُوربي بمحلية القولد الشهيرة في الولاية الشمالية إنشاء مشروع زراعي في قريته وبعد مكاتبات عديدة استمرت لعامين تقريبا، وافق مأمور الإقليم الشمالي في ذلك الوقت على قيام المشروع، ومنح صاحبه سري عمر، الإذن بممارسة نشاطه الزراعي في مساحة تتجاوز (230) فدانا على الضفة الغربية للنيل، وقد تم تسجيل المساحة الزراعية في سجلات الأراضي وحكومة السودان باسم الساقية (92). تعاقب ورثة المرحوم سري عمر على إدارة الساقية (92) كما تقتضي الظروف طيلة السنوات الماضية بصورة سلسة ومنتظمة، ولكن مؤخرا ظهر أشخاص من المنطقة ذاتها ادعوا ملكيتهم للساقية. ولإثبات أحقيتهم ذهبوا للقضاء الذي ظل ينظر في القضية لأعوام عديدة، حيث انتقلت أوراق القضية من محكمة الموضوع إلى محكمة الاستئناف والمحكمة العليا والدستورية؛ وجميعها أثبتت الحق لورثة سري عمر وأبطلت ادعاء الطرف الآخر. وفي العام 2013م انتهى التقاضي وسلمت الأرض لورثة سري وأغلق الملف بحسب خطاب من محكمة القولد موجه لمدير إدارة الزراعة بمحلية القولد. إلى هنا تبدو النهاية طبيعية وفقا لأحكام القضاء والاستئناف في مراحله المختلفة، ولكن غير الطبيعي حدث لاحقا، وسبب للورثة أضرارا تجاوزت تلك التي حاقت بهم بسبب النزاع السابق.. إليكم التفاصيل.
أكثر من عشر سنوات عجاف خاض خلالها ورثة (سري عمر) معركة قضائية حامية تعرضوا خلالها لخسائر مالية من اتجاهين؛ الأول أنهم ظلوا متوقفين عن ممارسة أي نشاط زراعي، لجهة أن أرضهم حولها نزاع، ينظر فيه القضاء، وليس بإمكانهم زراعتها. والجانب الآخر هو أنهم أنفقوا أموالا طائلة خلال سنوات التقاضي، وبمجرد استلامهم لأرضهم دون موانع بواسطة القضاء، (كما يبين خطاب صادر من محكمة القولد بتاريخ (22/11/2015م) موجه لمدير الزراعة، بذات المحلية)، أعدوا عدتهم وشرعوا في زراعتها حتى يتسنى لهم تعويض القليل مما حاق بهم من أضرار مادية خلال سنوات التقاضي. ما لم يكن في الحسبان أن سلطات الولاية وعبر خطاب رسمي بتاريخ التاسع من أكتوبر الماضي، ممهور بتوقيع محمد عبد الرحمن دياب، والي الولاية الشمالية بالإنابة، قررت منعهم عن ممارسة النشاط الزراعي لمدة حددها الخطاب بثلاثة أسابيع. وأعلنت الولاية أنها سوف تتحمل أي أضرار مادية لحقت بهم جراء التوقف عن الزراعة، وأدناه نص الخطاب الذي يحمل ترويسة مكتب الوالي:
الموضوع: الساقية 92 منطقة أوربي
على خلفية تجمع بعض أهالي منطقة أوربي أمام مبنى حكومة الولاية اليوم، ورفع شكوى للسيد والي الولاية بالإنابة، وبعد الاطلاع على خطاب لجنة أمن محلية القولد التي تفيد بأن ممارسة النشاط في الساقية موضوع الخطاب سيحدث إخلالا بالأمن والسلامة العامة بالمنطقة، وبعد تناول ومراجعة المستندات، أمنت لجنة أمن الولاية في اجتماعها رقم (4) الطارئ بتاريخ 9/10/2016م على احترام أحكام القضاء التي صدرت في تلك الساقية. وبما أنه تم تنفيذ حكم المحكمة بتسليم الساقية أعلاه على أرض الواقع للمالك؛ إنفاذا لقرار المحكمة، وبموجبه قام المالك بإحضار آلياته لممارسة نشاطه الزراعي عليها، برزت للسطح مظاهر تجمعات لمواطنين مناهضين لممارسة أي نشاط عليها، الأمر الذي تراه لجنة أمن الولاية يشكل تهديدا للأمن والسلامة العامة للمنطقة. وعليه تأسيسا لما ذكر أعلاه تقرر الآتي:
1- إيقاف أي نشاط في الساقية (92) أوربي.
2- استعجال تقرير لجنة معالجة أمر الساقية (92) المشكلة بواسطة الوالي لترفع تقريرها خلال (3) أسابيع من تاريخ هذا القرار.
3- سيتم النظر في جبر أي ضرر عن إيقاف النشاط الزراعي في تلك الساقية بواسطة حكومة الولاية لاحقا إن وجد.
حسناً، يجدر الآن بذل السؤال المطروح من قبل الورثة الذين انتصر لهم القضاء؛ كيف لولاية بحالها تجبر مواطنا على تعطيل عمله لمجرد أن خصمه خسر معركته القضائية معه، ولم يجد طريقة لنزع الحق من صاحبه سوى تعطيله عن الانتفاع به؛ بالتجمهر أمام مبنى حكومة الولاية، ثم يستجيب واليها بالإنابة لطلب المتظاهرين بتعطيل عمل المواطن وتكوين لجنة ولائية، لا للطعن في حكم القضاء، لأنه ليس من اختصاصه، ولا لنزع أرض ملك لشخص، فالقانون لا يسمح بذلك لكائن من كان؛ ولكن لبسط الأمن والسلامة العامة، كما تشير الفقرة الأخيرة من خطاب الوالي بالإنابة. بحسب هؤلاء فإن الخطاب على الأقل كان ينبغي أن يراعي أن فترة الأسابيع الثلاثة هي بداية موسم زراعة الفول، التي تستمر أسبوعين فقط، وقد خرج ورثة الساقية (92) من الموسم هذا العام.. هذا ما أكده الورثة لـ(اليوم التالي) رغم استعدادهم له مبكرا، وليس أمامهم حل غير مقاضاة الولاية ومطالبتها بالتعويض بحسب الخطاب الذي أصدره الوالي بالإنابة كما أفادوا.
على كل، فقد انتهت مدة ثلاث الأسابيع التي حددها الخطاب، وحين بدأ ورثة الساقية مزاولة نشاطهم الزراعي داهمتهم الشرطة وزجت بهم في الحراسة بقسم شرطة القولد، ولم يطلق سراح أحد منهم إلا بكتابة تعهد شخصي وضامن بعدم العودة مجددا لممارسة النشاط الزراعي. وبخروج المحبوسين من الحراسة فوجئوا بأن الشرطة نصبت خيمة داخل الأرض ومنعتهم من الاقتراب منها مطلقا، فلم يكن أمامهم بدا غير إغلاق منزلهم والنزوح للخرطوم فورا. ولإثبات الوقائع زارت (اليوم التالي) الساقية (92) محل الشكوى، ورصدت خيمة الشرطة في منتصف الأرض. وبما أن الشرطة تمنع أفرادها من الإدلاء بمعلومات عن طبيعة نشاطهم كان الخيار هو الاتصال بالعقيد أمير الجداوي، معتمد القولد، لكنه رفض الإدلاء بأي إفادة بخصوص القضية في الوقت الراهن، رغم إثباته لحقيقة أن القضاء أعاد لورثة سري عمر حقهم في الساقية (92)، وأيضا رفض وزير الزراعة بالولاية الشمالية التعليق على الموضوع، وتوضيح سبب نزع الأرض من أصحابها عقب قرار المحكمة التي وصلت حتى المحكمة العليا.
يزعم ورثة الساقية أن أشخاص بعينهم في حكومة الولاية يعملون على نزع أرضهم منهم بالقوة، واستدلوا بعدم وجود سبب منطقي يجعل الولاية برمتها تقف أمامهم وتمنعهم ممارسة نشاطهم الزراعي. ولإيجاد رد على إتهامات ورثة الساقية (92) سعت (اليوم التالي) لمقابلة على عوض والي الولاية الشمالية. وقبل مقابلته، ومن خلال مكالمة هاتفية رفض، كما فعل معتمد القولد ووزير زراعته، الرد على اتهامات المواطنين أو استفسار الصحيفة عن السبب الذي دفع الوالي بالإنابة لإصدار قرار يمنع بموجبه المواطنين من ممارسة نشاطهم، وأيضا رفض الرد على استفسار حول إمكانية تعويضهم كما حمل خطاب الإيقاف.
حين تكبدت (اليوم التالي) مشاق السفر من أجل معرفة تفاصيل القضية التي شغلت الناس في محلية القولد لغرابتها، ربما، وبسبب وقوف حكومة تنفيذية ضد قرار قضائي لصالح مواطن أراد زراعة أرضه، لم يكن في الحسبان أن معتمد المحلية ووزير الزراعة والوالي نفسه سيرفضون الرد على أسئلة منطقية متعلقة بالقضية.
لكن والي الشمالية عقب رفضه الحديث عن القضية تراجع، فطلب من مستشار الولاية القانوني عامر محمد إبراهيم – هكذا عرف نفسه – الاتصال بالصحيفة لغرض شرح موقف الولاية القانوني من القضية كما ذكر، بتوجيه من والي الولاية شخصيا. حيث قال: “إن الولاية استجابة لمطالب مواطنين رافضين السماح لأصحاب الأرض بزراعتها لاعتقادهم أن زراعة الأرض تحرمهم من حقوق كانوا يتمتعوا به سابقا قبل أن تفصل المحكمة في القضية لصالح الورثة”. وأضاف المستشار القانوني: “لهذا منعت الولاية أصحاب الأرض من زراعتها في الوقت الراهن تجنبا لاحتكاك بينهم وأشخاص آخرين وشكلت لجنة للنظر في معالجة الأضرار التي يتوقع أن تلحق بأولئك المواطنين وبعد رفع اللجنة لتوصياتها سوف يصدر الوالي قرارا بشأن الأرض”.
وعلى كثرة الاتصالات والمحاولات للحصول على رد رسمي من حكومة الولاية الشمالية على القضية، كانت هذه هى الإفادة الوحيدة التي أدلى بها مسؤول بالولاية بخصوص الساقية (92) التي منع الوالي بالإنابة ـ كما أشرنا ـ أصحابها من استغلالها في الوقت الراهن رغم صدور قرار من المحكمة بتسليمهم لها خالية من الموانع. سنتابع من القرب، ونعدكم ببذل كل ما يتأتى من معلومات حول القضية، كونوا معنا.
اليوم التالي
نفهم من كدا إنو في متنفذين أقوى من القانون؟
دولة الظلم ساعة ودولة العدل إلى قيام الساعة
الصحفي الناقل الكلام دا صحفي غير نزيه ومرتشي عكس الحالة تماما لصالح هذه الأسرة التي ذكرها
هذه الأرض التي يتحدث عنها هي إمتداد لأراضي أهالي القرية وحق أصيل للأهالي أباً عن جد أخذها غصباً عنهم وبمعاونة من بعض المسؤولين رب هذه الأسرة التي ذكرت في المقال ومعلوم أنه يدفع بسخاء لكل من يساعده على الإحتفاظ بالأرض..
الأرض حجمها يساوي حجم أراضي أهل القرية مجتمعين فكيكف يمتلك شخص واحد أرض زراعية تساوي أرض أهالي قرية كاملة
الآن السلطات وضعت يدها على الأرض ومنعت هذا القاصب من الزراعة حتي يتم البت في أمر الأرض بعد أن أعلن أهالي القرية التحدي وأنهم سيستعيدون أراضيهم بالقوة إن لم تعيدها لهم السلطات العدلية..
وما ضاع حق خلفه مطالب..