الحكومة الإسرائيلية راقبت حسابات الصحافيين على فيسبوك وتويتر
اعترف رئيس الائتلاف الحكومي في إسرائيل عضو الكنيست دان بيطون، أمس السبت، بأنّ الحكومة الإسرائيلية، راقبت مؤخرًا حسابات الصحافيين الإسرائيليين المرشحين للعمل في هيئة البث الجديدة، والتي كان يفترض أن تحل محل سلطة البث الرسمية الحالية، لمعرفة توجهاتهم وميولهم السياسية.
وتبين للحكومة أن غالبية الصحافيين من أنصار اليسار في إسرائيل، وأنهم، بحسب زعم بيطون، “يحملون أجندة واضحة ينوون تطبيقها مع إطلاق عمل هيئة البث الجديدة”.
وجاءت تصريحات بيطون هذه، على خطورتها، لتوضح أحد أهم أسباب إعلان رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في خطابه أمام الكنيست يوم الاثنين، أن حكومته تعتزم “ترشيد” عمل سلطة البث الإسرائيلية الرسمية، بدلاً من مواصلة العمل على إطلاق هيئة البث الجديدة.
وهو ما سبب في حينه أزمة بين نتنياهو وبين وزير المالية، موشيه كاحلون الذي أعلن عن معارضته للخطوة، وأنه لن يقبل بها، لكنه تراجع وأعلن لاحقًا عن التوصل إلى تسوية بهذا الخصوص مع نتنياهو.
وأعلن بيطون في لقاء معه في مدينة حولون أنّ هيئة البث الجديدة، ووفقًا للطاقم المكون لها من الصحافيين، هي “تنظيم يساري مناهض للحكومة”، مضيفاً “لقد فحصنا حسابات فيسبوك لثلاثة من كبار العاملين في الهيئة الجديدة، وتبين أن الحديث هو عن أشخاص يساريين بشكل واضح، فهم يريدون تطبيق الأجندة الخاصة بهم في هيئة البث الجديدة، بتمويل من الجمهور، وهذا ليس مقبولا علي، وسأحارب ذلك حتى النهاية”.
ويأتي تصريح بيطون، في خضم حالة من التحريض الحكومي والإعلامي من اليمين الإسرائيلي وعلى رأسه نتنياهو على الإعلام الإسرائيلي المعارض للأخير، بالإضافة إلى اتهام هذا الإعلام بأنّه يساري ومعادٍ للدولة، وأن كل همَّه العمل على إسقاط حكم اليمين في إسرائيل.
وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية، الذي يشغل أيضًا منصب وزير الاتصالات، قد أصر في اتفاقيات الائتلاف الحكومي على أن تبقى وزارة الاتصالات بعهدته، وأن تصوت الكتل المشاركة في الحكومة مع تأييد إطلاق هيئة البث الجديدة، بديلة لسلطة البث الإسرائيلية العامة. لكنّ نتنياهو تراجع مؤخرًا عن ذلك، وأعلن الاثنين عن عزمه إلغاء هيئة البث الجديدة. وبدلاً من ذلك ترشيد عمل سلطة البث الرسمية، من دون إيضاح سبب التغيير في موقفه، حتى جاء تصريح بيطون أمس ليكشف السبب.
ودأب نتنياهو منذ تسلمه زمام قيادة اليمين في إسرائيل، بعد انتخاب إسحاق رابين، وسقوط يستحاق شمير، زعيم الليكود، عام 1992، وعندما كان زعيمًا للمعارضة في حينه، على التحريض ضد الإعلام الإسرائيلي ووصمه بأنه “يساري الميول”. ووضع الأسس الأولى لحملات تحريض مستمرة بهدف ضرب مصداقية الإعلام غير المؤيد له في إسرائيل.
وقد بلغت هذه العمليات ذروتها في الأعوام الثلاثة الأخيرة، بعد أن تمكن نتنياهو من بسط سيطرته وهيمنته سياسياً، على صحف إسرائيلية نافذة، بدءًا بصحيفة “يسرائيل هيوم” التي يصدرها في إسرائيل الثري اليهودي الأميركي، شلدون إدلسون، وسيطرته مؤخرًا على موقع “معاريف” الإلكتروني، ناهيك عن امتداد وانتشار قوة صحف اليمين الإسرائيلية الأخرى مثل صحيفة “مكور ريشون”، التي تمثل تيار المستوطنين من الصهيونية الدينية، وضمان مواقف مؤيدة لسياسته من موقع “والا” الإسرائيلي، ناهيك عن موقع القناة السابعة.
وفي الواقع، فإن خريطة الصحف في إسرائيل، لا تبقي في اليسار سوى صحيفة “هآرتس”، بينما تعتبر “يديعوت أحرونوت”، رغم عداء نتنياهو لها، صحيفة تمثل التيار المركزي في إسرائيل، ويعمل فيها صحافيون من اليمين واليسار جنباً إلى جنب.
ويتزامن اعتراف بيطون بمراقبة حسابات “فيسبوك” للصحافيين في هيئة البث الجديدة، مع نشر تقرير دولي في مؤشر “فريدوم هاوس” يؤكد “تراجع حرية الصحافة في إسرائيل وحرية التعبير عن الرأي”.
العربي الجديد