اقتصاد وأعمال

لماذا قامت مصر بتعويم الجنيه ؟

سيطرت قرارات تعويم الجنيه المصري وتحرير سعر الصرف على حديث الشارع المصري، وامتد الأمر إلى الأوساط العربية والدولية بعد ترحيب مؤسسات دولية بالقرار خاصة صندوق النقد الدولي الذي أعلن سريعاً أنها خطوة محل ترحيب.

لكن، مصادر رسمية مطلعة كشفت لـ “العربية.نت”، أن هناك 10 أشياء تسعى مصر لتحقيقها من خلال قرارات تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، تبدأ بخفض عجز الموازنة والدين العام، حيث سجلت نسبة العجز في الحساب الختامي لموازنة 2015-2016 نحو 12.2%، مقارنة مع 11.5% في السنة المالية السابقة، كما تستهدف أيضاً خفض الدين العام الذي ارتفع بنسب كبيرة خلال الفترات الماضية.

أما الهدف الثاني من تحرير سعر الصرف فيتمثل في استكمال إصلاح منظومة الدعم وترشيد الإنفاق الحكومي، وتنفيذ أحد أهم اشتراطات صندوق النقد الدولي، حتى يتسنى للحكومة المصرية الحصول على ثقة الصندوق وموافقته على القرض الذي أعلن عنه أخيراً بقيمة 12 مليار دولار.

ويتركز الهدف الثالث في خفض الواردات ووقف الإستيراد العشوائي، حيث تشير الأرقام والبيانات المتاحة إلى أن فاتورة الإستيراد بمصر تتراوح ما بين 70 و80 مليار دولار سنوياً، ما يضغط على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي.

أما الهدف الرابع من تعويم عملة الجنيه فتمثل في زيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، خاصة وأنه لا يمكن عودة الاستثمارات الأجنبية في ظل وجود سعرين للدولار في السوق، ووصول الفجوة بين السعر الرسمي للدولار وسعره في السوق السوداء إلى أكثر من 100% خلال الأيام الماضية.

كما تسعى الحكومة المصرية إلى تحقيق التوازن المطلوب بين الإجراءات الترشيدية والاحتواء الكامل لآثارها على محدودي الدخل، من خلال زيادة حصيلتها الدولارية، وتمكنها من توفير الدعم لمحدودي الدخل فقط، وربما يتبع إجراء تحرير سعر الصرف إجراء آخر يتمثل في التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي لمحدودي الدخل.

ويتمثل الهدف السادس من تحرير سعر الصرف في تمكين البنك المركزي المصري من الالتزام بتوفير الدولار لسد الفجوات الإستيرادية في السلع الأساسية والإستراتيجية، خاصة وأنه مع قرار رفع الفائدة على السندات والشهادات الدولارية ارتفعت حصيلة البنوك المصرية في الساعات الأولى من صدور قرارات التعويم بنحو 8 أضعاف، وفقاً لما أعلنه رؤساء أكبر بنوك في مصر.

أما الهدف السابع من عملية التعويم فيتمثل في القضاء على ظاهرة الدولرة والمضاربة على الدولار في السوق السوداء، التي يوجد بها أكثر من 40 مليار دولار وفقاً لتقديرات غير رسمية، بينما لا تمتلك خزانة البنك المركزي المصري سوى 19.5 مليار دولار فقط.

وربما كان القلق والحذر والتخبط الذي يسيطر على سوق الصرف بمصر هو الهدف الثامن من عملية تحرير العملة، حيث من المتوقع أن تسهم القرارات الجديدة في كشف حجم العرض والطلب الحقيقيين على الدولار، بعكس الصورة الوهمية التي يحاول تجار العملة والمضاربين على الدولار تصديرها للتمكن من رفع سعر صرف الدولار الذي لامس مستويات 18.5 جنيهاً خلال الأيام الماضية، بسبب المضاربات العنيفة، وليس بسبب الطلب الحقيقي على الدولار.

ويتمثل الهدف التاسع في استهداف معدلات التضخم التي لامست مستويات صعبة خلال الأيام الماضية، وكان من المتوقع ومع عدم تدخل البنك المركزي المصري، أن تسجل مستويات جديدة لتصبح حقيقة يصعب التعامل معها على المدى القصير، لكن من المتوقع وعقب استيعاب السوق لصدمة تحرير العملة أن تبدأ الأسعار في العودة إلى معدلاتها الطبيعية، بما ينعكس إيجاياً على معدلات التضخم التي سوف تهبط على المدى المتوسط والبعيد.

ويتمثل الهدف العاشر والأخير في تحريك المياه بالبورصة المصرية التي شهدت خروج جزء كبير من السيولة خلال الفترات الماضية للمضاربة على الدولار، ما انعكس بشكل سلبي على أحجام وقيم التداول وهروب المستثمرين العرب والأجانب من السوق المصرية، خاصة وأنها شهدت حالة من عدم الاستقرار والخسائر الحادة طيلة الفترات الماضية.

العربية