مقالات متنوعة

الحلول العقيمة..!

جاء في أخبار الأمس أن الخرطوم تعتزم استيراد ما يقارب الثلاثمائة بص نقل من المملكة العربية السعودية، وذلك لحل ضائقة المواصلات التي كانت ولا تزال معضلة تؤرق جميع الحكومات السابقة، وتشكل هواجس مزعجة لكل الولاة الذين تعاقبوا على حكم ولاية الخرطوم خلال ربع قرن من الزمان ..

أزمة المواصلات في ولاية الخرطوم تعد من الأزمات المزمنة المستعصية على الحل، ليس لعدم وجود حلول لها، ولكن لطريقة المنهج التقليدي العقيم المتبع لحل المشكلة، وهو منهج لا يزيد الأزمة إلا اشتعالاً.

في ظني أن المشكلة تكمن في طريقة التفكير العقيمة لحل المشكلة، قبل الأزمة نفسها، لأن التفكير في الحل بهذه الطريقة المتبعة يغزِّي الأزمة وينفخ من أوداجها..

منذ أن برزت الخرطوم كمركز تجاري ذي ثقل اقتصادي كبير ومنذ أن جعلها الله قبلةً لأهل السودان قاطبة وجعل أفئدة من الناس تهوي إليها وتركزت فيها خدمات الصحة والتعليم والتنمية، منذ ذلك الحين لم تبارح مشكلة المواصلات في الخرطوم مكانها، بل أضحت تتفاقم يوماً بعد يوم بينما لم تزل الخرطوم تشهد سيلاً من الناس وسحباً ثقالاً تمطر بشراً وتثمر حجراً وغابات من الأسمنت. أما القائمون على إدارة الأزمة فلهم طريقة تفكير واحدة فقط لحلها، طريقة عقيمة يتوارثها القادمون الجدد عن أسلافهم وهي استيراد أشكال وأنواع شتى من بصات النقل وبمختلف الأحجام، ويكفي أنهم أغرقوها بالبصات المستجلبة خلال الأعوام الأربعة السابقة والحال كما هو، وطبعا لهذه الطريقة التقليدية العقيمة سماسرتها ووسطاؤها الذين يكسبون ملايين الدولارات من السمسرة و”حاجات تانية” من بينها “الكوميشنات” والمصالح الأخرى..!

في تقديري أن استيراد سيارات النقل وحده لا يكفي لحل الأزمة، فالحل الجذري يحتِّم النظر من عدة زوايا مختلفة، منها على سبيل المثال توسعة الشوارع وإنشاء الأنفاق والكباري، والأهم من ذلك توزيع الخدمات الأساسية على أطراف العاصمة والولايات وإعادة توزيع الوزارات والمؤسسات الرسمية ذات الطابع الخدمي بحيث يتم توزيعها على مدن الولاية الأخرى، إلى جانب تفريغ قلب الخرطوم وشارع النيل من المؤسسات والوزارات الخدمية، نرجو أن يعيد القائمون على حلول أزمة المواصلات طريقة تفكيرهم التقليدية ويبحثوا عن حلول ناجعة بطرق مختلفة عما ألفوا عليه آبائهم وهم على آثارهم مهتدون.. اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

أحمد يوسف التاي

الانتباهة