مقالات متنوعة

أحلاهما مُر ..!

1200 شرطي يحيطون بمخيم للاجئين في مدينة كاليه الفرنسية إنذاراً ببدء إزالة المخيم، بعد مغادرة أكثر من 2300 مهاجر طوعاً، المخيم الذي يقطنه نحو 9 آلاف لاجئ، جميعهم من الشرق الأوسط وأفريقيا، غالبيتهم ترغب في العبور إلى بريطانيا، سيتم تفكيكه وتوزيع المهاجرين إلى مراكز متفرقة لبدء إجراءات اللجوء والذين سترفض طلباتهم من اللاجئين سوف يغادرون البلاد مضطرين، قرار السلطات الفرنسية بتفكيك المعسكر ولو كان ظاهره محاولة إيجاد أوضاع إنسانية أفضل، إلا أنه لا يخرج عن كونه سلسلة من إجراءات تتصل بقضية اللاجئين التي باتت تؤرق أوروبا كما الإرهاب.

بحسب الأمم المتحدة، فإن عدد اللاجئين حول العالم بلغ 65 مليون بنهاية عام 2015م الغالبية من سوريا، أفغانستان والصومال، وحسب مفوضية اللاجئين فإن (واحداً من كل 113 شخصاً في العالم مشرد، وهو إما طالب لجوء، نازح أو لاجئ).

في مايو الماضي لقي (880) مهاجراً على الأقل حتفهم في البحر المتوسط، دفعة واحدة…وقدرت مفوضية اللاجئين عدد الذين فقدوا حياتهم في البحر المتوسط خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، نحو (204.000) شخص، أي بمعدل (40.000) في الشهر الواحد، هؤلاء يدفعون أرواحهم ثمناً مقابل وطن بديل وحياة إنسانية.

تحول تركيز أنظار العالم، خاصة الدول الكبرى، إلى قضية اللاجئين، التي باتت في أهميتها في مرتبة واحدة مع الإرهاب الذي تستنهض له الدول الكبرى كل ما تملك، بل باتت هناك محاولة للربط وثيقاً بين اللاجئين والإرهاب، والتعامل معها كحزمة واحدة.

ما يشغل دول أوروبا حالياً هو قضية المهاجرين مع اختلاف مواقف هذه الدول، الآن يجري تشييد حائط لمنع تسلل اللاجئين بين فرنسا وبريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي وقد لعبت قضية اللاجئين دوراً محورياً في دفع التصويت بشأن الخروج، ومع تنفس اليمين الأوروبي في أعقاب تمدد التيارات المتشددة في الشرق، فإن مصير ملايين اللاجئين مجهول، خاصة مع استمرار الحروبات والصراعات في الشرق الأوسط وأفريقيا، وهو ما ينبئ بأوضاع كارثية.

جحيم طغاة أفريقيا والشرق الأوسط لا يزال يدفع الآلاف من الشباب إلى خيارات مأساوية، إما الموت في عرض المتوسط، أو مواجهة مصير مجهول في معسكرات اللجوء في أوروبا، ولن يتوقف هذا الدفع طالما أن الوضع آخذ في مزيد من الانفجار.. فإذا كانت سوريا قبل نحو خمسة أعوام ثاني أكبر بلد يستضيف لاجئين في العالم، الآن، سوريا تنافس أفغانستان في احتلال المركز الأول من حيث تصدير اللاجئين.. فكيف يكون المشهد، مستقبلاً.. إما التكيُّف مع جحيم الأوطان أو الموت بحثاً عن وطن بديل.

شمائل النور

التيار