أشعر أنني شجرة
في بعض أعمال عصر النهضة، كان يتم تشويه أقدام القدّيسين، كأن يضاف إصبع سادس للقدم، مثلما هو الأمر في لوحة “العائلة المقدسة” لـ جوليو رومانو، لكي يتم تمييزه عن الشخصيات الأخرى في اللوحة أو لجعل نسيانه صعباً على من يراه.
ربما يفعل مروان قصّاب باشي الأمر نفسه، بهذه الشخصية كبيرة الرأس، ذات الأطراف اللينة المخيفة، القادرة على تفكيك وتركيب نفسها، كما لو أنها طليقة الحركة والتلوّي في أي اتجاه وكيفما شاءت.
وإن كانت وجوه الفنان، أو وجهه المتعدّد، يأخذ جلّ اهتمام من يقرأ/يرى أعماله، غير أن هناك شيئاً فريداً في الجذع، ربما من الأفضل أن نستخدم هذه المفردة عوضاً عن “جسد”، لأن واحدة من الانطباعات الأولى التي تعطيها شخصيات قصّاب باشي، هي أنها جذوع مقصوصة الأغصان نبتت لها رؤوس، أشجار بشرية مشوّهة؛ “أشعر أنني شجرة” نقرأ في مقابلته مع جيمس باري.
في واحدة من الأعمال شخصية رجل يرتدي حذاء من الكعب العالي، آخر بثلاث أذرع أو أربعة. ثمة وهم بأن هذا الرجل واحد، وثمة وهم آخر بأنه اثنان، ربما هناك أحد يقف خلفه، مثلما يحدث في ألعاب الخدع البصرية.
العلاقات بالنسبة إليه وهمية، وكل شيء قابل للتشويه برتميّةٍ مكرّرة، حتى صحن الفواكه على الطاولة، إحدى لوحاته من مرحلة الطبيعة الصامتة، يبدو كما لو أنه صحن من النفايات.
العربي الجديد