في الخليج الزواج أنواع
طال انتظاري لأختي وكنا قد افترقنا في مدخل المركز التجاري الضخم –ذهبت هي للتسوق في متجر الأغذية –وتجولت انا بين المتاجر –وعندما عدت لم تكن قد خرجت بعد—فقررت انتظارها بمحاذاة الابواب الضخمة ليتاح لي رؤيتها —بدأت في ملاحظة القادمين والخارجين –وانا في حالة التامل هذه—دخلت من الباب الضخم ثلاث أسر في وقت متقارب—أثارت انتباهي المفارقات في الهيئة والسلوك –فوجدتني اتابع تحركاتهم داخل المول—الأسرة الاولى كانت سودانية مية مية- رجل وامراة وابنهما الصغير–ترتدي المرأة التوب السوداني –لا تقولوا لي ترتديه الموروتانيات ايضا—فالصفة التانية كان الرجل يرتدي الجلابية السودانية ويسير مبتعدا بمسافة تزيد ولا تنقص عن المتر –ويتحدث في الموبايل بيد ويدفع عربة التسوق بالاخرى—سمعته وهو يقول لشخص ما في الهاتف (ياخي الجماعة ديل ما سريعين—بيدوك سعر عالي ساكت—الشهر الفات وصلوا القروش للحاجة بعد خراج روح)—كان هو قد سبق زوجته في الدخول ولم يلتفت خلفه ليشاهدها وهي كانت قد توقفت لتقنع ابنها ان يبتعد عن تجمعات لالعاب الكترونية—وصارت المسكينة تتلفت لتنادي عليه ولم ينتبه الا عندما لفته احدهم—-الأسرة التانية—كانت من بني خواجة –رجل وامراة وطفلة صغيرة يبدو انها حديثة الولادة –كان يحملها الرجل بواسطة الحقيبة التي تجعل الطفل ملتصقا بالصدر –وفي ذات الوقت كان يمسك بيد زوجته بيد ويمسك بالأخرى سلة صغيرة للتسوق ويسيران جنبا الى جنب يتحدثان بصوت خافت –فابتسمت ابتسامة واسعة اذ تذكرت فتوى لاحد شيوخ النت قراتها لا ادرى أين؟ تقول الفتوى (لا يجوز ان تمسك بيد زوجتك في الأسواق ففي ذلك تشبه بالكفار –ولكن يجوز ربطها بحبل لكي لا تضيع لانها ناقصة عقل)—الله يجزيك خيرا عنا يا شيخ—لا داعي للحبل في هذا الزمن –يمكن لكل واحد أن يلزم زوجته بفتح الجي بي اس –لتحديد الموقع ويا دار ما دخلك شر—أعود للأسرة الثالثة –كانت اسرة خليجية— الرجل يدفع العربة ويسير صامتا –بجانبه تسير زوجته من نوع يامن تراني ولا أراك يغطيها السواد من كل النواحي –خلفهما تسير الفلبينية حاملة الطفل— توقفت الأسر جميعها امام مدرجات الخضار— كان الرجل السوداني يضع كميات من الانواع المختلفة من الخضار بدون الرجوع للزوجة—التمست له العذر –فقد كان لايزال في قمة الانشغال بحديث الموبايل—الخواجات كانوا ياخذون قطعة من الطماطم مثلا ينظرون اليها من جميع الاتجاهات —يقرأون اللافتة المختصة بالسعر –ثم ينتقون ثلاثة او اربعة قطع –ويتحولون الى خضار اخر—الاسرة الخليجية –تشير الزوجة الى نوع الخضار –تتحرك الفلبينية اليه –تتحدث الفليبينية مع الرجل –الذي أعتقد انه يحدد الكمية –تتناولها وتضعها في عربة التسوق—أكثر شئ اثار انتباهي –هو انعدام الحديث بين السوداني وزوجته (عشان الموبايل وكدا) وبين الخليجي وزوجته والطريف انهما الاثنين كانا يتوجهان بالحديث للفلبينية —أما بني خواجة فقد كانا يضحكان ويتمازحان ويلاعبا الطفلة طوال الوقت—الشئ الاخر –هو ان السوداني والخليجي –امتلات عربات تسوقهما بكميات تجارية من انواع الخضار واللحوم –اشك في انهم سيستهلكونها جميعها—واعتقد ان نصيب سلة النفايات سيكون وافرا—عكس الأسرة الخواجاتية فقد أخذوا ما يكفيهم من غذاء في سلة صغيرة وانصرفوا سعيدين ضاحكين—لمبة عبقرينو قالت لي ان هناك رابطا قويا بين كمية الاكل وهذا الصمت الذي لاينتهي بين الازواج—فهل هي محقة؟ ام هناك حاجات تانية حامياني؟–عندما حضرت اختى وجدتني أترنم باغنية ثنائي العاصمة (دنيا الريد غريبة سر ما بنفهمو—ناس افراحها زايدة—وناس يتألموا).
د. ناهد قرناص