منوعات

مع سعيك إليها دائمًا.. لماذا يجب عليك أن تخرج من «منطقة الراحة»؟

نعتاد طريقًا واحدًا نقطعه يوميًا إلى العمل، وغالبا ما نطلب في المطعم نفس الطبق، في الغالب يبدو لنا أكثر راحة ألا نغامر بتجربة شيء جديد، الأكثر أن بعضنا، ولنفس السبب، يستمر في العمل لسنوات متعايشًا مع سلبياته؛ حتى لا يضطر لتغيير السلبيات التي يواجهها إذا انتقل لعملٍ جديد، وهكذا نخلق لأنفسنا فضاءً نتحرَّكُ في إطاره نعرفه جيدا، ولا شيء فيه يمثل مفاجأة لنا، نشعر بالاطمئنان داخله، ولا نرغب في تغيير ما يسمى بــ«منطقة الراحة» .

لكنك إذا كنت تفعل الأمور هكذا بانتظام: تحسب ـ دائمًا ـ المخاطر التي تحيط بالخيارات الجديدة، وتفضل أن تتجنبها فتعود لما اعتدت فعله، فقد وقعت أسيرًا لمنطقة الراحة، بالرغم من أنها حالة سعيتَ لتصلَ إليها، لتستقرّ الحياة، داخل هذه المنطقة هناك مشكلات بالطبع لكننا أصبحنا نعرفها ونعتادها ولم تعد تسبب التوتر، فيصبح زحام المرور أو مشكلات مدير العمل أو خلافاتنا مع الأصدقاء ـ أيضًا ـ جزء من منطقة الراحة.

لكنّ تحقيق أهدافنا دائمًا يتطلب عمل شيء «غير مريح»، وفي السطور القادمة نخبرك لماذا يتوجب عليك الخروج من هذه المنطقة، وما الذي يمكن تحقيقه خارجها، وكيف يمكنك مغادرتها:
إنها حالة نفسية فقط

منطقة الراحة هي أفكار من نسج عقولنا نرى من خلالها الكون، حالة نفسية ترضينا ونتوقع ما يحدث بها، لذلك فهي تختلف من شخصٍ لآخر، المشترك أنها حالة يرتاح فيها العقل من التوتر والقلق وعدم اليقين، ويعيش حالة من الروتين الذي يصل حتى لحد الملل.

الخروج من منطقة الراحة يبدأ من أفكارنا، ومشاعرنا، وبمجرد الانطلاق سنكتشف أن الخوف المحيط لم يكن سوى وهم. الخوف مما لا نعرفه ينطوي على خوفٍ من الفقد، من فقد ذاواتنا وما نحن عليه، وعلينا دائمًا التفكير مليًا فيما إذا كانت مخاوفنا من التغيير، حقيقة، أم مجرد أوهام نسجن فيها أنفسنا!
ماذا يوجد خارج «منطقة الراحة»؟

خارج منطقة الراحة نشعر بالخطر، والتوتر وربما الخجل، إنها مساحة أخرى يمكن أن نسميها بمنطقة الألم أو منطقة عدم الخبرة، لكن ما لا نعلمه أن العيش في منطقة الراحة يمنعنا فعلًا من الحياة التي نريدها، وأننا بالخروج منها وعبورنا لمساحة الألم نصل لما يمكن أن نطلق عليه «المرحلة الساحرة»، المليئة بالأشياء الرائعة التي لا نعرفها حتى الآن؛ لأننا لم نصل إليها بعد.

تشير الدراسات إلى أن الخروج من منطقة الراحة يعزز قدرتك الإبداعية، ويزيد قدرتك الإنتاجية، ويصل بك لمراحل غير متوقعة من النجاح والإنجاز لم تكن لتحققه؛ إذ لا يمكن أن تدمج في حياتك بين الراحة والنمو.

يؤدي خروجك من هذه المنطقة إلى تحسين نوعية الحياة، ويحفِّز نشاط الدماغ ويحفظ الصحة العقلية، إلى جانب أنه يطور شحصيتك ويزيد مرونتها، إلى جانب أنه يعزز الصحة ويقي من الأمراض. أشارت دراسة تم إجرائها عام 1908 إلى أن شعورك بالراحة يضمن معدلًا ثابتا في أدائك، لكنّ زيادة قدرتك على الإنتاج يتطلب أن تتحرك في فضاء تشعر فيه بـ «القلق الأمثل».

الخروج من هذه المنطقة يعني التعلم المستمر وتطوير الشخصية، القلق الذي يصاحبنا خارجها – في البداية على الأقل- يمثل حافزًا يدفعنا للتقدم باستمرار.

التغيير ينطوي على مخاطر واحتمالات معقدة.. لكن الخيارات الأفضل موجودة دائمًا خارج هذه المنطقة

الأمر يشبه الأيام الأولى التي بدأت فيها في تعلم قيادة الدراجة، القلق نفسه والتعثر، لكنك بعد الانطلاق بها أدركت أن المتعة كانت تستحق القلق.
مفارقة

وفقًا للخبراء، فإن التعليم والتطور الشخصي يتحقق فقط خارج هذه المنطقة، وعلى الجانب الآخر، هذا التطور واحد من أهم مصادر شعورك بالرضا، أنت إذن أمام مفارقة: تصل للرضا عبر شعورك بالقلق وعدم الراحة، أو تبقى في حالة الراحة التي تقودك إلى الشعور بالإحباط.

هذا هو السؤال: هل تفضل أن تتطور حياتك يومًا بعد يوم إلى أن تصل لحالة الرضا؟ أم تفضل أن تعيش حياة خالية من التوتر والقلق في منطقة الراحة إلى أن تصل لحالة من الإحباط؟

الشجاعة ليست في أن يغيب الخوف عن حياتك.. الشجاعة في أن تواجهه
كيف يمكننا الخروج؟

التحرك خارج نطاق منطقة الراحة في صحبة شعور مستمر بالخوف يبدو صعبا وخاصة في بدايته، لكن الناجحين يؤمنون بدور هذا الشعور بالخوف في دفعهم للمخاطرة وتحقيق النجاح، وقد تساعد النصائح التالية:
1. فكر في الأسباب

الأسباب التي أقنعتك بالخروج من منطقة الراحة مهمة جدًا وستحتاجها بين الحين والحين؛ إذ ستواجه بها رغبة العقل في العودة إلى «منطقة الراحة» حين تفكر في التراجع، وتشعر بالفشل.
2. حدد عاداتك .. ثم غيرها

أهم ما يميز منطقة الراحة هي العادات والروتين، وبالتالي فالبداية تكون بتغيير العادات، لذلك سيكون عليك التفكير في كل ما يريحك استمراره، ثم تغييره، سيكون عليك أن تفكر مليا في نمط حياتك، والقيام بفعل الأشياء بطريقة مختلفة، يمكنك سماع موسيقى مختلفة عما اعتدته، وزيارة أماكن جديدة، لتخلق حدودًا ذهنية لعاداة أكثر اتساعًا من سابقاتها.
3. ابحث عن رفيق

الخروج من منطقة الراحة يبدو معقَّدًا، وقد يساعدك في ذلك صديق يبحث أيضًا عن نفس ما تبحث عنه. الوصول إلى نقطة أبعد من النقطة التي يقبع فيها آمنًا، ويواجه معك بحماس التحديات نفسها.

وبشكلٍ عام، عليك أن تحيط نفسك بمجموعة ذات أفكار مختلفة، بعيدًا عن الأشخاص الذين يدفعونك دائمًا للبقاء في قوقعتك.
4. تحرَّك بخطواتٍ قليلة

الأنسب حين تقرر الخروج من منطقة الراحة أن تحدد أهدافًا قصيرة المدى وتحققها، وأن تتخيَّر حاجزًا لتكسره، ثم تبدأ في كسر الحاجز التالي.
5. تعلم أن تتقبل

خارج منطقة الراحة يبدو كل شيء مختلفًا، ونشعر بأننا نفقد السيطرة المحكمة على الأمور كما اعتدنا، وهنا يكون علينا أن نتعلم كيف نتقبل الجديد الذي سنواجهه، والشخصيات المختلفة التي سنتعرف عليها.

إجمالًا فإن الخروج من منطقة الراحة سيساعدك في أن تعيش حياةً أكثر ثراء بالأشخاص والمعتقدات والأفكار، وأن تطور نسخة أفضل من ذاتك.
6. غيِّر ما يحيطك من أشياء مادية

نحن نرتبط أيضًا بالأشياء المادية حولنا ونعتادها، ولكي نشعر بالتغيير يمكن تغيير بعض الملابس التي اعتدناها أو تغيير ديكور المنزل، سيكون لهذه التغييرات أثرًا عليك أيضًا، يشبه الأثر الذي ستدخله التغييرات الداخلية الاكثر عمقا.
7. توقع الأعذار التي ستخلقها لنفسك وحاصرها

في الغالب فإن شعورك بعدم الراحة، سيقود عقلك لاختلاق الاعذار التي تسمح لك بالتوقف، وقد تشعر بالرغبة في التوقف في منتصف الطريق والعودة لمنطقة الراحة من جديد، وسيساعدك هنا المثابرة وتذكر ما يمكن أن تضيف لحياتك كسر الروتين.

في النهاية فإن الهدف هو اختبار تجارب مختلفة وعلاقاتٍ جديدة، وطرق أخرى لممارسة حياتنا، وتدريجيًا ستصبح مساحات الأمان لدينا رحبةً أكثر، المثير أن العودة لمنطقة الراحة بعد طول ابتعادٍ عنها لن تستغرق الكثير من الوقت؛ لأن نطاق هذه المساحة أصبح رحبًا، وفي طريقنا للخروج سنكون قد تغلَّبنا على الكثير من المخاوف.

ساسة بوست