أحمد منصور والتطاول المصري!
ويأبى مذيع قناة الجزيرة الفضائية أحمد منصور إلا أن يضيف وجعاً آخر أشد وأفظع إلى أوجاع السودان والسودانيين الذين تلقوا خلال الأيام القليلة الماضية وابلاً من صفعات التهكم والسخرية من بعض سفهاء مصر، لا لسبب إلا لأن السودان اتخذ قراراً بوقف استيراد الفاكهة والخضروات المصرية أسوة بما فعلته دول أخرى كثيرة بل أسوة بما أقدمت عليه مصر في مرات سابقات وهي تلغي عقود لتوريد لحوم ومنتجات سودانية بدون أن يحتج أحد من السودانيين أو يحقر أو يسخر من مصر وشعبها.
أحمد منصور قال بدون أن يطرف له جفن أو يفكر فيما يمكن أن يحدثه كلامه في نفوس الشعب السوداني الذي لطالما عانى من (بلطجية) مصر وإعلامها الداعر ..قال:(حتى السودان قررت منع استيراد الخضروات والفواكه من مصر بسبب تلوثها بمياه المجاري والسموم التي يتجرعها شعب مصر)، ثم لما هاج السودانيون وماجوا ثأراً وانتصاراً لكرامتهم المهدرة حاول الرجل أن يبرر فعلته المنكرة باعتذار هزيل قال فيه إنه لم يكن يقصد الانتقاص من السودان وأهله وزاد بقوله (كلا وحاشا والله إن السودان وأهله من أحب الناس إلى نفسي ولكني قصدت بالمعنى مكانة السودان بالنسبة لمصر من صلة القربى والجيرة،وأضاف أن تعبيره يشبه حال من يعبّر بالقول (حتى أخوه غير راضٍ عنه)!.
لو كانت هذه أول إهانة يتلقاها السودان وشعبه من هذا المغرور لربما صدقناه ولكن الأستاذ عثمان ميرغني ذكرنا بسقطة أخرى للرجل لن تجعلنا نصدق تبريراته الفجة قبل أن يلج الجمل في سم الخياط، فقد بدرت من هذا المنتفش (في الفاضي) رغم تصنعه أنه يصدر عن سلوك وانتماء لمرجعية إسلامية صدع بها رؤوسنا بعد الربيع العربي وانقلاب السيسي في مصر ، أقول بدرت منه عبارات فاجرة محتشدة بالازدراء والتهكم من السودان وشعبه، فعندما قالت له جيهان السادات أرملة الرئيس المصري الأسبق إنهم حاولوا الاستفادة من تجربة السودان في أمر يتعلق بحقوق المرأة انتفض كالملدوغ وأخرج أضغانه ومشاعره العنصرية المنحطة وقال بتلقائية: (هو السودان امريكا !) واضطر الرجل إلى الاعتذار تحت ضغط الاحتجاجات السودانية العاصفة كما فعلها هذه المرة ظانا بأننا أغبياء يسري علينا المثل السوداني الساخر : (الإضينة دقوا واتعضر لو)!.
في تعليقه على حديث جيهان السادات استكثر أحمد منصور على السودان (الوضيع في نظره)أن يصبح أنموذجا يحتذى لمصر وهذه المرة استنكر أن يرفض السودان (المنحط في نظره) الفاكهة المصرية حتى لو كانت موبوءة بكل أمراض وأقذار الدنيا، فنحن في نظره اتفه من أن نحتج ونرفض القاذورات والأوبئة لأننا (شبهها)، أما ساداته ممن يقتات من وظائفهم وينعم بخيراتهم فإنه لا يجرؤ على أن ينبس ببنت شفة إن أوقفوا المنتجات المصرية أو حتى لو قطعوا عنقه كما فعلوا بلسانه الصامت إلا عن السودان وشعبه.
عنجهية هذا المغرور أنسته حق زمالة عدد كبير من السودانيين الذين يعملون معه في قناة الجزيرة في وظائف مرموقة ويتمتعون بقدرات يشهد الجميع بتميزها، ولم أنس إشادة المذيع الأشهر في قناة الجزيرة فيصل القاسم بالصحافيين السودانيين وقوله لي إن الاستاذ فوزي بشرى هو أفضل كاتب للتقارير في تلك القناة، وليت الرجل يتذكر كيف كان متدرباً صغيراً خلال النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي في مجلة الإصلاح بدبي حين كنا نزوده بالمواد المترجمة ونرسلها جاهزة من أبوظبي لتنشر في تلك المجلة الإسلامية.
لذلك كنت أستغرب أن يتطاول أحمد منصور ليحاور دكتور الترابي بذلك التطاول الغريب الذي لم يتح للترابي أن يتحدث بحرية ليشهد على التاريخ، فقد كان يقاطعه ويتعامل معه بتعالٍ وغرور مع كثير من التهكم بالرغم من أنه أصغر من أن يكون تلميذاً في مدرسة عالمنا الجليل ومفكرنا الكبير رحمه الله.
إنني لأطلب من سفارتنا بالدوحة أن تشكو هذا الرجل لإدارة قناة الجزيرة، فمثله ينبغي أن يعاقب على صنيعه المسيء سيما وأنه تكرر فقد أساء الرجل إلى السودان وإلى شعبه ويجب أن يحقق معه ولا يكتفى باعتذار كذوب ظل يكرره المرة تلو الأخرى.
كذلك فإن الحملة الإعلامية ينبغي أن تستمر حتى تصل إلى كل مصري فلسنا بطير مهيض الجناح ولن نستذل ولن نستباح ومن شأن موجة الاحتجاجات أن توقف هذه الحملات الظالمة من سفهاء مصر وإعلامها الجهول فوالله أنه ليس من مصلحة مصر أن تستعدي الشعب السوداني ذلك أن ما يمكن أن يقدمه السودان لمصر وشعبها على المدى الطويل والإستراتيجي ليس متاحاً لأية دولة أخرى مهما أوتيت من الإمكانات.
الصيحة