هل تُحكم الحركة الشعبية عقلها في الجولة القادمة؟!
توصيل المساعدات الإنسانية لدارفور ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير أو التي أدت لانهيار المفاوضات بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال، فالحكومة ترى أن المساعدات الإنسانية لا بد أن تدخل عبر السودان وليس عبر دول أخرى لأنها تحط من قدر السودان إذا ما وافقت على ذلك، ولكن الحركة الشعبية قطاع الشمال ترى غير ذلك وتريد أن تدخل تلك المساعدات عبر دول أخرى إثيوبيا أو أي منطقة أخرى، فقطاع الشمال لا بد أن يعرف أن تلك المساعدات داخلة للمتضررين من أبناء دارفور، فسواء دخلت عبر أصوصا الإثيوبية أو عبر المدن السودانية هي مساعدات إنسانية، إلا إذا كانت الحركة تريد من تلك المساعدات استخدام غرض آخر غير هذه المساعدات.
مساعد رئيس الجمهورية المهندس “إبراهيم محمود حامد” قال في تصريح تناقلته صحف الأمس، إن الحكومة على استعداد على وقف العدائيات من دون شروط مسبقة وهذه قضية أخرى كانت تتحجج بها الحركة، فلا ندري لمصلحة من تعمل الحركة، ألم يكفها كل التنازلات التي تقوم بها الحكومة من أجل الأمن واستقرار البلاد، لماذا دائماً الحركة الشعبية تكون خميرة عكننة، وإفشال أي مفاوضات بينها والحكومة.. فالجولة القادمة التي أعلنت عنها الحكومة ووصول “أمبيكي” المشرف على كل خطوات المفاوضات السابقة واللاحقة، ألم تكن هذه جدية من الحكومة ويجب أن تلتقط الحركة القفاز للاستمرار في المفاوضات حتى نطوي هذا الملف، ملف الحرب والتحول إلى ملف السلام.
لا أدري كيف يفكر “عرمان” و”الحلو” و”عقار” ألم يفكروا في مصير أبناء هذا الشعب الذي حصدته الآلة الحربية التي استجلبوها من الخارج ليس لإعمار تلك المناطق، ولكن (لدك) البنية التحتية إن كانت هناك بنية تحتية في المناطق التي أدخلت فيها هذه الآلة.. كان ينبغي على “عرمان” و”الحلو” و”عقار” أن يدخلوا الآلة التي تساعد على التنمية والإعمار بدلاً من ضرب الأبرياء وقتلهم وتشريدهم. لماذا حول أولئك (عرمان، والحلو، وعقار) مشاريع التنمية إلى خراب، ألم يأتوا كما قالوا لإعمار السودان أو كما قال الراحل “جون قرنق” الذي أراد أن يحكم السودان من نمولي إلى حلفا، ماذا فعل “قرنق” وماذا كان مصيره بعد اتفاق نيفاشا، لو كان “قرنق” استخدم العقل والآلة للإصلاح بدلاً من الدمار لكان السودان الآن في مصاف الدول المتقدمة وليس في ذيلها، كما هو الآن. إن ما يسعى إليه أولئك النفر ليس في مصلحة البلاد، بل في دمارها وخرابها، وإذا أرادوا فعلاً إعمار الوطن واستقراره ووقف الحرب، يجب أن تكون جولة المفاوضات القادمة من آخر جولات التفاوض بينهم والحكومة، عليهم أن يضعوا البندقية جانباً وأن تمتد الأيادي لترفرف حمامة السلام في كل ربوعه.
المجهر