معايير “غريبة” للجمال في أفريقيا
ترتبط معايير الجمال لدى الشعوب الأفريقية بثقافة قديمة حافظوا عليها على مدى قرون من دون السماح للثقافات الأخرى أو الحياة العصرية في تغييرها. وإذا كان الجسد النحيف المتجانس والبشرة البيضاء وغيرها تعد معايير عالمية تجمع عليها غالبية الشعوب، فللأفارقة معايير خاصة، وهي الأرداف الممتلئة والصدر الصغير والشفاه الغليظة، بالإضافة إلى اللون الأسود الغامق الذي يدل على صفاء عرق المرأة.
منحنيات
غالباً ما ترتبط معايير الجمال المثالية لدى الشعوب الأفريقيّة بالأرداف الممتلئة والخصر النحيل، وتزيد هذه من جمال المرأة ومن حظوظها في الزواج. وتشعر النساء اللواتي يتمتعن بهذه الصفات بالفخر في معظم البلدان الإفريقية. وتتباهى الأفريقيات في دول جنوب الصحراء بالمنحنيات في الجزء الأسفل من الجسد، ويحرصن على إبرازها من خلال ارتداء الأثواب الضيّقة. نسبة قليلة فقط ترتدي الجينز، وعادة ما لا يحبذنه بسبب عدم تناسب مقاساته مع أجسامهن.
ويعدّ لون البشرة الأسود معياراً أساسياً للجمال في أفريقيا. فاللون الأسود يؤكّد أن عرق المرأة لم يتأّثر بباقي الأعراق. وللتغلّب على مشكلة الشعر القصير، تستخدم النساء الجدائل الإفريقية التي تزيدهن جمالاً وسحراً، بينما تفضّل بعض القبائل حلق شعر الرأس تماماً، لتبدو المرأة أكثر أنوثة وجاذبية.
ورغم أنّ جمال وبياض الأسنان لدى الأفريقيّات لا يجعلهنّ في حاجة الى أي “تدخّل”، إلّا أنهن عادة ما يعمدن إلى تزيين اللثة، من خلال تلوينها باللون الأزرق، لتبدو أكثر بياضاً. وهن ما زلن يحرصن على استخدام السواك، وهي عادة أفريقية أصيلة.
كذلك، تولي النساء في أفريقيا اهتماماً خاصاً برائحة الجسم، بالإضافة إلى روائح الفم والشعر والمناطق التي تفرز العرق. ويحرصن على وضع الزيوت المعطرة ومضغ النباتات التي تطيّب رائحة الفم. ولا ينسين البخور والعطور الأفريقية ذات الرائحة القوية.
اختبار الرائحة
في هذا السياق، تقول خبيرة التجميل السنغالية سارة ديالو إنه لدى بعض القبائل الأفريقية عادة تسمى اختبار رائحة المرأة قبل خطوبتها. وتنال المرأة التي تحافظ على نظافتها وتضع العطور الإعجاب. أما السمنة، فهي دليل على جمال نادر، لكن ليس أي سمنة، بل تلك التي تبرز معالم الجمال في جسد المرأة. تضيف لـ “العربي الجديد” أن “الأرداف الممتلئة لا تعد عيباً في إفريقيا. على العكس، تحاول النساء من خلال وصفات تقليدية رسم معايير الجمال الأفريقي والحفاظ عليه من تأثيرات الموضة الغربية. على سبيل المثال، يحرصن على تناول غذاء دسم للحصول على جسد ممتلئ”.
في موريتانيا، كما في كثير من الدول الأفريقية، ما زال معيار الجمال يرتبط بالوصول إلى مستوى من السمنة والامتلاء يبرز مفاتن الجسم وتفاصيله. وتدفع العادات الاجتماعية النساء إلى البحث عن وسائل للوصول إلى درجة معينة من السمنة، كاتباع نظام “التبلاح”، أي تناول كميات كبيرة من الطعام واستعمال أدوية فاتحة للشهية بشكل عشوائي، و”ضرب مناطق معيّنة لتخزين الدهون”.
من جهته، يقول الباحث الاجتماعي محمد محمود ولد عبدي إن “ارتباط الجمال التقليدي بالسمنة له جذور تعود إلى البيئة والعادات السائدة سابقاً. وبحسب التقاليد القبلية في البلاد، لا تتزوج المرأة إلا في حال وصلت إلى درجة معينة من السمنة”. ويلفت إلى أن السمنة ميزة تزيد من حظوظ المرأة في العثور على زوج. كما يوضح لـ”العربي الجديد” أن “معايير الجمال في أفريقيا أحياناً تكون غريبة بالمقارنة مع باقي المجتمعات بسبب اختلاف الموروث الشعبي من مجتمع الى آخر”. يضيف أن “الجمال كلمة فضفاضة، وما يعتبره هذا المجتمع عيباً قد يراه مجتمع آخر ميزة. مثلاً، ترى بعض الشعوب الأفريقية أن الفجوة بين الأسنان أو بروز الأسنان الأمامية ميزة، في وقت تعمد نساء أخريات إلى تركيب قطع من الخشب والطين في شفاههن السفلى لتصبح متدلية وكبيرة الحجم. كذلك، هناك شعوب تعتبر أن الرقبة الطويلة والأكتاف العريضة والشفتان المشقوقتان والأرداف الممتلئة ميزات لا يتمتع بها غير الجميلات”.
العربي الجديد