غزل «شخصي»
كتبت هنا في أخبار الخليج قبل سنوات خاطرة حول الموضوع الذي أتناوله اليوم مجددا بشيء من التفصيل: فقد صرت خلال السنوات الأخيرة مقتنعاً بأنني شخص جميل، بمعنى وسيم ومليح وحلو التقاطيع! وبأن مهند التركي راح فيها، وقد يجعلك كلامي هذا تلقي نظرة على صورتي أو تتذكر ملامحي إذا كان لك شرف معرفتي شخصيا، وتضحك قائلاً: إن القرد في عين نفسه غزال! قد تراني قبيحاً: عيون على «قد حال»، تجعلك تحسبني صينيا لولا لون البشرة، وأنف كثير التعريجات والمطبات، وبشرة «سوداء»، ولكن رأيك لا يهمني، طالما أنا جميل في نظر نفسي. ولا تنس (يا جماعة لا تكتبوا في سياراتكم: لا تنسى ذكر الله بل «لا تنس، لأن لا حرف جزم وينبغي حذف حرف العلة في آخر أي فعل مضارع يتبعه، وإذا لم تكن تعرف حروف العلة فلا فالعلة في النظام التعليمي).
المهم يا قارئي العزيز لا تنس أنني أقول هذا ليس فقط أمام قراء هذه الصحيفة بل على رؤوس الأشهاد، فبحكم طبيعة عملي فإنني ألتقي يومياً أو شهرياً بأشهر «نجمات» التلفزيون. وخلال عملي في تلفزيون بي بي سي في لندن كنت ألتقي كثيرا بممثلات ومطربات شهيرات كاسيات عاريات ولا أعيرهن التفاتة، بل لا أعطي أيا منهن الإحساس بأنها تتفوق علي؛ لأن خصرها نحيل وخدها كحيل وشعرها يتهادى ناعماً كالحنان وطويلا كنظرات المتطفلين! من تكون أنجلينا جولي المعصعصة مقارنة بجعفر عباس؟ كوندوليسا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأسبق مازالت من العوانس بينما جعفر أبو العبابس، متزوج مزمن وما زالت ألف من تتمناه ولكنه لا «يعبرهن».
وليس معنى هذا أنني معجب بنفسي ومغرور، بل معناه أنني راضٍ عن نفسي، وبما قسم الله لي من ملامح. طيب لماذا جاءني إدراك كوني شخصاً جميلاً فقط خلال السنوات الأخيرة؟ الإجابة هي أنني ظللت أطالع في الصحف إعلانات يومية على مدى سنوات متصلة عن عمليات تجميل: تصغير الأنوف.. شفط الدهون من البطون والأرداف.. تكبير وتصغير النهود.. ترقيق الشفاه وهناك من تطالب بتغليظ الشفاه.. هذا على صعيد النساء أما الرجال فقد أصابهم أيضاً فيروس التصابي والتجمل وصاروا يسافرون إلى الخارج ويعودون وهم أكثر شبابا! كان صاحبك قبل سفرته الأخيرة يعاني من وجود أكياس تحت عينيه، وكانت خدوده متهدلة تتحرك يمنة ويسرة كلما تعرضت لنسمة هواء وفجأة صار وجهه مشدودا وعليه «لمعة». ويتوقع منك: ما شاء الله عليك شكلك ما اختلف منذ المرحلة الثانوية، بينما أنت تقول في سرك: ما هذا يا مخبول؟ في عاقل يحشو خدوده بالسراميك؟.
وكما قلت فإنني وبحكم عملي في مجال الإعلام أخالط نساء يهيم ملايين المراهقين (ما بين الخامسة عشرة والخامسة والستين) بحبهن، ولكن يتسنى لي أن أراهُنَّ على حقيقتهن أو قبل خضوعهن لعمليات الترقيع والشد والمط والربط قبل الجلوس أمام الكاميرات فأزداد رضا عن نفسي: ما شاء الله، جمالي رباني، فقد خلقني الله في أحسن تقويم ولن أسمح لطبيب العبث بملامحي لأخدع نفسي باكتساب ملامح «فالصو».. ماذا أكسب من وجه مشدود وكرش مشفوطة بعمليات جراحية وأنا أعرف أن مصاريني «بايظة» ومفاصلي سائبة وجهازي الهضمي غير موثوق به كما الشرطة العراقية لأنه يعمل ضدي وصار مصدر «عكننة» لي بينما هو مكلف بتوفير الطاقة والأمان لبقية أعضاء جسمي.
ومن ثم فإنني أدعو القراء جميعاً لأن يقفوا أمام المرآة ويتأملوا محاسنهم ويحسوا بالسعادة. ويا بناتنا أنتن جميلات بلا حاجة إلى تدخل جراحي. لا تجعلن مثلكن الأعلى هيفاء وهبي، فهي مثل باربي حسناء البلاستيك؛ لأن معظم أجزاء جسمها تعرضت للحذف والإضافة والتعديل حسب الكتالوجات التي أتت بها إلى عيادة التجميل.. وتذكر أن جعفر الذي ترى صورته أمامك يحس بأنه أحلى من «عجرم» فأنظر لنفسك جيداً وستكتشف أنك أحلى من جعفر الذي هو أحلى من عجرم.. كل ذلك من دون بنج أو مشرط.. يا بلاش.