جدل بالمغرب بسبب اتهام قياديَيْن إسلاميين بـ”الخيانة الزوجية”
علقت حركة التوحيد والإصلاح عضوية كل من عمر بن حماد وفاطمة النجار، نائبي رئيس الحركة، وذلك بناء على تصريحهما لدى الضابطة القضائية بوجود علاقة زواج عرفي بينهما.
وقال بلاغ للحركة، التي تعد شريكا استراتيجيا لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة المغربية، إن المكتب التنفيذي تداول هذه النازلة في اجتماع استثنائي بتاريخ 17 ذي القعدة 1437 هـ، الموافق 21 آب 2016، مؤكدا رفضه التام لما يسمى الزواج العرفي، وتمسكه بتطبيق المسطرة القانونية كاملة في أي زواج”.
كما قرر المكتب “تعليق عضوية المذكورين في جميع هيئات الحركة، تطبيقا للمادة 5-1 من النظام الداخلي للحركة”.
واعتبر البلاغ أن “ارتكاب الأخوين مولاي عمر بن حماد وفاطمة النجار لهذه المخالفة لمبادئ الحركة وتوجهاتها وقيمها، وهذا الخطأ الجسيم، لا يمنع من تقدير المكتب لمكانتهما وفضلهما وعطاءاتهما الدعوية والتربوية”.
رواية الأمن
وكانت صحف مقربة من الأجهزة الأمنية قالت إن مصالح الأمن ببن سليمان (شمال الدار البيضاء) ألقت القبض في السابعة من صباح السبت على أحد قياديي حركة التوحيد والإصلاح داخل سيارة مرسيدس في وضع جنسي مع أرملة بمنطقة المنصورية على مقربة من البحر.
وقال مصدر مطلع إن قيادي حركة التوحيد والإصلاح، مولاي عمر بنحماد، قال للشرطة في البداية إن مرافقته هي زوجته، لكن بسبب غياب ما يؤكد ذلك اعترف للشرطة بأنه متزوج عرفيا من السيدة التي كانت رفقته في وضع جنسي عندما داهمتهم عناصر الأمن.
وبعد الاستماع إلى قيادي الحركة، وهو في الوقت ذاته أستاذ جامعي، تم الإفراج عنه بعد أن تنازلت زوجته عن متابعته بتهمة الخيانة الزوجية، فيما ظلت رفيقته متابعة في حال سراح بتهمة المشاركة في الخيانة الزوجية، ومن المنتظر أن يتابع بنحماد هو الآخر في حالة سراح، بتهمة محاولة الإرشاء، ذلك أنه حاول تقديم مبلغ مالي لعناصر الشرطة التي اعتقلته.
بنحماد ينفي
كشف مصادر مقربة من مولاي عمر بنحماد أن هذا الأخير تم توقيفه صباح السبت الساعة السابعة صباحا من طرف العديد من العناصر من الشرطة القضائية بشاطئ المنصورية داخل سيارته رفقة فاطمة النجار.
وأكد المصدر أن بنحماد قال إنه كان في وضعية عادية ويتناول وجبة الفطور، وأنه لم يكن قط في وضعية جنسية أو ما شابهها رفقة فاطمة النجار.
هكذا تم التوقيف
قال بنحماد إنه تفاجأ بحضور العديد من رجال الشرطة القضائية بزي مدني وعلى مثن ثلاث سيارات واحدة رباعية الدفع، وإنهم خاطبوه بداية بالقول إن هذا المكان في خطر على حياتكما، وإنه مكان معروف بالسرقة والإجرام، قبل أن يجيبهم بنحماد بأنه لا يملك نقودا، ولا ما يمكن للصوص أن يأخذوه، وهنا ذكر مصدرنا أن أحد عناصر الشرطة خطابه بالقول: “واش بغيتي ترشيني زعما”، وهي الواقعة التي ستتحول إلى “تهمة محاولة الإرشاء”، التي يتابع بسببها الآن بنحماد.
وضمن عناصر المحاورة التي دارت بين بنحماد وعناصر الشرطة سؤالهم عن السيدة التي رفقته، فكان جواب بنحماد بأنه متزوج وله أولاد، وأنها زوجته الثانية، فلما طالبوا بما يثبت ذلك، أجابهم بأنه زواج بطريقة عرفية، أي بواسطة الشهود، فأجابوه بأن هذا الأمر غير قانوني، ليجيبهم بأن الأمر تم بحضور شهود، وأنه سيتم توثيقه بعد تجاوز بعض الصعوبات العائلية.
هذا ما نعرفه
من جهته، قال رئيس حركة التوحيد والإصلاح، عبد الرحيم شيخي، إنه لا علم له ولا لقيادة الحركة بموضوع الزواج العرفي بين كل من نائبيه مولاي عمر بنحماد وفاطمة النجار اللذين تم تعليق عضويتيهما في الحركة عقب لقاء استثنائي للمكتب التنفيذي للحركة الأحد.
وأضاف شيخي أن الذي نعلمه منذ حوالي 5 أشهر أنه تم إخبار بعض قيادات الحركة باتفاق بين بنحماد والنجار على الزواج في إطار القانون وبناء على رغبتيهما، غير أن هذا الموضوع توقف بسبب اعتراض أسرة فاطمة النجار.
شيخي أوضح انه لم يسبق للمكتب التنفيذي للحركة أن تداول في موضوع الزواج هذا أو باركه، معتبرا بأن الأمر شأن خاص وشخصي يهم الطرفين.
شهادة الريسوني
قال أحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين: “لو تعلق الأمر بغير الأستاذين الفاضلين فاطمة النجار ومولاي عمر بن حماد، لعُدَّ ما وقع منهما حسنة من حسناتهما ومكرمة من مكارمهما: رجل وامرأة يدبران بصبر وأناة أمر زواجهما الشرعي القانوني، المرفوض عائليا… ولأجل تسويغ مجرد لقاءاتهما التشاورية والتحضيرية، وإخراجها من كل شك وشبهة أمام الله تعالى، عمَدَا إلى الاتفاق وإجراء زواج عرفي مؤقت، بما فيه من إيجاب وقبول وإشهاد وصداق، في انتظار توثيقه وفق القانون، بعد تحقيق التفاهمات العائلية اللازمة”.
وتابع: “لو كان هذا السلوك وهذا التدبير وقعا من غير الأستاذين الكريمين، لكان شيئا محمودا يحسب لهما. ولكنّ المشكلة تكمن في المقام الرفيع الذي يوجد فيه المعنيان بالأمر. فهذا المقام لا يليق به، ولا يُسمح فيه بالوقوع العمدي في مخالفة قانونية وشبهة عرفية، وهي المخالفة التي استغلتها “الفرقة الوطنية” العتيدة، فتتبعت الضحيتين، وتربصت بهما عدة أسابيع؛ بغية تحقيق انتصارها على قياديين إسلاميين”.
وزاد: “ولأن حركة التوحيد والإصلاح حركة مبادئ وأخلاق والتزام شرعي وقانوني وتنظيمي، لا تقبل التساهل ولا الاستثناء، فقد قررت مؤاخذةَ قيادييها الكبيرين، وتعليق عضويتهما بكافة مؤسساتها التنظيمية”.
وأفاد: “قد حضر مولاي عمر بكل شجاعة أمام المكتب التنفيذي للحركة، قبل أن يذهب حتى إلى منزله، حضر ليقدم روايته ويدلي بشهادته، ويعبر عن شهامته. وقد ختم كلامه بالقول: أنا أتحمل مسؤوليتي، وأوافق مسبقا على أي قرار ترونه مناسبا للحركة ومبادئها ومواقفها”.
وسجل أن “هذه بعض من حسنات الأخوين مولاي عمر بن حماد وفاطمة النجار، ولكن ما العمل وهما إن شاء الله من طبقة المقَرَّبين، وقد قال علماء السلوك: حسنات الأبرار سيئات المقربين؟”.
حسابات السياسة
قال النقيب عبد الرحمن بنعمرو، الكاتب العام السابق لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، إن واقعة توقيف ومتابعة القياديين بحركة التوحيد والإصلاح، مولاي عمر بن حماد وفاطمة النجار، بتهمة الخيانة الزوجية، لا تتوفر فيهما عناصر جريمتي الفساد أو الخيانة الزوجية، حتى ولو أنهما أقرا بوجود زواج عرفي بينهما. وأضاف بنعمرو أن توقيف بن حماد والنجار، ومتابعتهما، يدخل في خانة التعدي حلى الحريات الخاصة للأفراد.
وأكد نقيب المحامين الأسبق، في تصريح صحافي، أن “هذه الواقعة تحكمها حسابات أخرى، وتدخل في إطار التسلط والتحكم والشطط في استعمال السلطة”.
عربي21