بالفيديو..قصة نجم يظهر الأربعاء في السعودية ويتغيّر معه المناخ
هذا الأربعاء، وكل 24 أغسطس، يظهر في جوف الفضاء نجم للناظرين من معظم أنحاء السعودية، باستثناء مناطق مجاورة في أقصى الشمال للأردن، ففيها يراه سكانها بديسمبر تقريباً، الا أن ظهوره يصادف دائما ظاهرة انقلاب تدريجي للمناخ من صيفي حار إلى خريفي معتدل، خصوصا في المساء، حيث تتغير هبّات الرياح باردة من مصادرها، فتلطّف معها الأجواء، خصوصا أن النهار يصبح أقصر.
كثيرون يظنون أن Canopus المعروف باسم “سهيل” عربيا، هو سبب التغير المناخي، مع أن الأشد لمعانا بين نجوم “كوكبة القاعدة” والثاني لمعانا في فضاء الأرض بعد Sirius الشهير باسم “الشعرى اليمانية” المذكور بآية قرآنية، بعيد طبقا لما قرأت “العربية.نت” في سيرته المتوافرة بمواقع علمية عدة، أهمها NASA الفضائية، أكثر من 310 سنوات ضوئية عن الأرض، ويستحيل تأثيره عليها، سوى إمتاع سكانها بمنظر جميل.
ويبقى “سهيل” مرئيا طوال 53 يوما تقريبا، أوائلها أواخر الصيف، والباقي خريف معتدل، وفق ما يقول ملم بشأنه، استشارته “العربية.نت” الأحد، وهو السعودي عبد العزيز الحصيني، العضو في “لجنة تسمية الحالات المناخية” وهي أهلية، يذكر نشاطه فيها تغريدا بحسابه @A__alhussaini في “تويتر” حيث يتابعه 35 ألفا. كما أن فلكيا كويتيا، هو الدكتور صالح العجيري، ورد عنه في الحساب “التويتري” لمجلس النواب، قوله إن من علامات نجم سهيل: “كثرة الربيان و تدر الأغنام ألبانها” وفق رأيه.
“ونصح بعدم النوم في العراء” إذا هبّ الهواء باردا
قال الحصيني عبر الهاتف، إنه لا وجود لأي علاقة بين ظهور Canopus للعيان وبدء اعتدال المناخ في السعودية وبقية الجزيرة العربية “سوى أنها صدفة تامة، فليس له أي تأثير على الإطلاق، وبداية التغير المناخي تصادف ظهوره فقط، لا غير” أي لو أن “سهيل” اختفى بنكبة فضائية ما، فإن التبدل المناخي من حار الى خريفي سيستمر يبدأ دائما في 24 أغسطس من كل عام بالسعودية.
وأخبر أنه لا يعرف إذا كان ميل محور الأرض أثناء دورانها حول الشمس، المسبب لتبدّل الفصول، هو السبب أيضا بظهور “سهيل” في الفضاء لمن يعاينه بدءا من 24 أغسطس بالذات، فاختصر الشرح وقال: “ظهوره لا يقدم ولا يؤخر، هي صدفة فقط مهما كان السبب” وعن اسمه ذكر أن الغربيين يسمونه Suhayl أيضا، لأن العرب اجمالا كانوا يهتدون به في الترحال، لذلك اشتهر بهذا الاسم من زمن بعيد.
وهذه ليست أول مرة يتحدث فيها الحصيني عن “سهيل” الشهير بشؤون أخرى أيضا، فيوم الجمعة الماضي نشرت صحيفة “الجزيرة” السعودية، نصيحة منه فيها “بعدم النوم في العراء خارج المدن إذا تزامن آخر الليل مع كتلة هوائية باردة” مضيفة معلومة منها عن “سهيل” بأن العرب، باديها وحاضرها “تستبشر بطلوعه (..) وبأنه أكبر من الشمس، ويمكن مشاهدته في الجهة الجنوبية من الجزيرة العربية” طبقا للوارد بخبرها الصغير.
“وأنه هو رب الشعرى”
وفي مثل هذا اليوم من 2012 بالذات، نشرت “العربية.نت” موضوعا عنوانه ” الخليجيون يترقبون ظهور النجم سهيل لكسر حرارة الصيف” وذكرت أنهم يستبشرون به، لأن ظهوره “بدء مرحلة انكسار حدّة درجة الحرارة واعتدال الطقس” وأنه كمعظم النجوم يختفي عن الأنظار فترة ثم ما يلبث أن يعود، ويعتبر من أكثر النجوم التي يحرص العرب وغيرهم على متابعته، خصوصا بالجزيرة العربية. كما نجد شرحا ذلك العام من “الجمعية الفلكية بجدة” عن عدم وجود “أي علاقة مباشرة أو غير مباشرة بظهور سهيل أو غيره من النجوم وأحوال الطقس على الأرض وغيرها من الظواهر الجيولوجية” وفق تأكيدها.
كما في تراث العرب، ذكر كثير عمن لا يعرف عبد العزيز الحصيني سبب إطلاق اسم “سهيل” عليه، ربما لأن رؤيته سهلة على الباحثين عنه “بشرط أن يكون بحثهم خارج المدن المعطلة رؤيته بأنوارها” طبقا لما قال عن نجم تغنى به العرب وذكروه، ومنهم “شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء” الشهير أيضا باسم “سجين المحبسين” وهو الضرير الراحل قبل أكثر من 1000 عام، أبو العلاء المعري، فقد كان مولعا به على ما يبدو، ووصفه في قصيدته “النونية” شبيها باحمرار خدود العشاق عند الخجل:
وسهيل كوجنة الحب في اللون… وقلب المحب في الخفقـان
ضرّجته دمـا سيوف الأعـادي… فبكت رحمة لـه الشعريان
وفي مصر لدغته حية وقتلته مسموما
واسم Canopus وارد في لائحة تضم 40 نجما، أعدها فلكيون عن الأشد لمعانا بالكون، وفيها يأتي ثانيا بعد “الشعرى اليمانية” المعروف بالنجم الوحيد الوارد اسمه في القرآن، إضافة للشمس، ونجده في الآية 49 مع سلسلة آيات متلاحقة تجلّ عظمة الخالق في “سورة النجم” وتقول: “وأنه هو أمات وأحيا. وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى. من نطفة اذا تمنى. وأن عليه النشأة الأخرى. وأنه هو أغنى وأقنى. وأنه هو رب الشعرى” وهذه وحدها تكفي كإشارة الى أن “الشعرى اليمانية” كان له شأن عند العرب، حتى إن بعضهم عبده قبل الاسلام.
إلا أن “سهيل” لامع أيضا وله أهمية، اكتشفتها NASA الأميركية منذ زمن، فجعلت منه “وسيلة من وسائل تحديد الملاحة الفضائية” وفق ما قرأت “العربية.نت” من الوارد بشأنه في موقع “ويكيبيديا” المتضمن أن من تحديد موقعه تقوم الوكالة بتوجيه بعض السفن والمركبات الى مساراتها البعيدة.
أما Conopus فمعروف لبعض الشعوب فقط، واستمدوه مما ورد بأسطورة عن أحدهم بالاسم نفسه، كان قائد أسطول ملك اسبرطة “ومعشوقا من النبية المصرية ثيونوي” ودخل “طروادة” تسللا مع آخرين في الحصان الشهير، وفي طريق عودته هبت عاصفة وقادت أسطوله الى مصر، وفيها لدغته حية وقتلته مسموما. وحين بنوا مدينة قرب النيل سموها “كانوب” قرب الاسكندرية، أطلقه الإغريق على النجم الذي نجده بعلم البرازيل ممثلا ولاية “غوياس” بوسط البلاد. كما يسميه الأتراك Süheyla وفي التيبت يسمونه Karma Rishi وفي الهند سماه أحد الفلكيين Agasti وعنه توجد روايات كثيرة ألفها مشاهير، حتى وأفلام سينمائية ورد فيها اسمه. و “سهيل” لا يزال طفلا يحبو في الفضاء، والسبب أنه ولد قبل 20 مليون سنة فقط.
لمشاهدة الفيديو على قناة فيديو النيلين أضغط هنا
العربية نت