بعد التوقيع .. نظرة في عمق الخارطة
{خيراً فعلت الحركات الثلاث (العدل والمساواة، حركة التحرير “مناوي” والحركة الشعبية قطاع الشمال) وحزب الأمة القومي، بتوقيعهم على خارطة الطريق التي وضعتها الآلية الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة “ثابو مبيكي”، فلم يعد مفيداً تضييع الوقت على ما لا ينفعهم، ولا ينفع شعب السودان الصابر المتفرج .
{بالاطلاع على نص خارطة الطريق، سيكتشف كل ذي بصر وبصيرة، أن قوى (نداء السودان) وبقية أحزاب المعارضة بالداخل التي كانت وما يزال بعضها رافضاً للخارطة، إنما يمارس المخالفة الحمقاء، دون وعي أو تدبر .
{فليس هناك بند في النص يمكن أن يعترض عليه سياسي (معارض) – أكرر معارض – عاقل وحصيف، لأن جميع البنود تتحدث عن وقف العدائيات، ووقف إطلاق النار الدائم، واتفاق (سياسي) خاص بدارفور والمنطقتين، مع ترك مناقشة القضايا القومية في إطار الحوار الوطني الذي دعا له السيد رئيس الجمهورية وانعقد في أكتوبر الماضي، مع الإقرار بأنه حوار (ناقص) لأن الأطراف الموقعة على الخارطة لم تكن جزءاً من هذا الحوار. هذا باختصار تلخيص غير مخل لخارطة الطريق .
{أعود وأقول إن هذه الخارطة في صالح المعارضة والحركات أكثر من صالح (المؤتمر الوطني)، ولا أدري هل هي في صالح الوطن ككل أم لا، لكننا سننتظر ونرى .
{وقد ذكرت هنا في هذه المساحة قبل أسابيع – لو تذكرون – أن البعض في المؤتمر الوطني لو اطلع على الخارطة وقرأ السطور وما بين السطور، سيستشعر قلقاً .. لا محالة. وقلت إن أمريكا التي تدفع المعارضة والحركات دفعاً للتوقيع على خارطة الطريق، لا يمكنها أن تفعل ذلك من أجل (سواد عيون) المؤتمر الوطني وحلفائه الحاكمين !!
{لكن المعارضة – غالباً – رعناء .. أي معارضة في معظم بلدان العالم الثالث، تظل تبحث عن مشروعات (نضال) متوهمة أكثر من بحثها عن حلول ومخارج سياسية لأزمات شعبها، ولو جاءها الحل سهلاً على طبق من ذهب عبر التفاوض مع الحكومة، رفضته وعقدت خيوطه وانتظرت حلاً شبيهاً بعد سنوات أخريات، حتى لا تتهم في ذمتها (النضالية) !!
{هل تمعنتم – سادتي – عبارات في خارطة الطريق من شاكلة: (تتفاوض الأطراف للوصول لاتفاق سياسي حول القضايا ذات الصلة الخاصة بدارفور والمنطقتين)، وضرورة أن يترافق الاتفاق السياسي مع ترتيبات الوقف الشامل لإطلاق النار والمساعدات الإنسانية ؟
{اتفاق سياسي خاص بالمنطقتين .. هو مجرد تبديل لاسم (الاتفاق الإطاري) الذي رفضته الحكومة في العام 2011م (نافع – عقار)، واتفاق سياسي حول دارفور هو بالتأكيد قسمة جديدة للسلطة والثروة في الإقليم بين الحكومة والحركات، لا علاقة له باتفاق الدوحة الذي انتهى أجله وحلت مؤسساته .
{ورغم كل هذه الملاحظات والتنبيهات، فإننا لابد أن نرحب بهذا الخطوة الماضية نحو السلام .
{غير أنني لا أتوقع سيراً حثيثاً صوب الاتفاق الشامل من خلال مفاوضات المنطقتين ودارفور، فقد علمتنا تجارب المفاوضات السابقة أن نبدأ من جديد حساب (عدد) الجولات .
{ويلا يا صحفيين .. احسبوا .
{كنت وما زلت أعتقد أن الحل الشامل هو التراضي على دستور ديمقراطي وانتخابات حقيقية حرة وشفافة، تأتي بمن يختاره الشعب، أما اتفاقيات المحاصصات الجهوية والمناطقية فلن تورث الوطن غير الشتات والمزيد من الانقسام، وقد انفصل جنوب السودان عن شماله نتاجاً لاتفاق (سلام شامل)، ووقف دائم لإطلاق النار، واتفاق مساعدات إنسانية، وبرتوكولات للترتيبات الأمنية .
{الحل الشامل المجرب أن نقتدي بتجربة “إردوغان” في انتزاع الحكم عبر صناديق الاقتراع، ثم كان له أن فعل ما يشاء .
{لماذا نصفق لحزب (العدالة والتنمية) في تركيا، ولا نقتدي بتجربته، بياناً بالعمل؟!
تانى قسمة ثروة وسلطة وترقيات ومكافئات شغل ني وحزب ني شديد (طأطأة-أنبطاح-أنبراش)