الصحافة السودانية بين إغلاق وتعليق ومطاردة للصحفيين
استنكرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان قرار المجلس القومي للصحافة والمطبوعات، الصادر في 19 تموز/ يوليو، بتعليق صدور صحيفة الجريدة السودانية لمدة ثلاثة أيام، على خلفية إعلان تم نشره في الصحيفة.
وكان المجلس القومي للصحافة والمطبوعات قرر في اجتماعه يوم 19 تموز/ يوليو، تعليق صدور صحيفة “الجريدة” لمدة ثلاثة أيام، وفقا لقانون الصحافة والمطبوعات الصحفية لسنة 2009، على أن يتم التنفيذ خلال 48 ساعة من تاريخ استلام القرار.
وجاء قرار المجلس القومي على خلفية إعلان لخريجي وطلاب جامعة الخرطوم، نشرته الجريدة في صفحتها الأخيرة، طالبوا فيه المستثمرين العرب والأجانب “أن ينأوا عن مباني جامعة الخرطوم ومتعلقاتها، وإلا ستطالهم يد القانون”، وهو ما اعتبره المجلس إعلانا مختلقا وغير مؤسس على أي خبر أو قرار حكومي، واعتبره مخالفة لقانون الصحافة والمطبوعات لسنة 2009، وميثاق الشرف الصحفي، كما اعتبر المجلس أن الإعلان جاء مخالفا للتقاليد الأمنية، فلم يذكر عنوان أو رقم للاتصال للمعلنين، ولا يوجد توقيع لأفراد يمثلون تلك الجهات.
واعتذرت الصحيفة لقرائها عن الاحتجاب القسري، مؤكدة أنها ستستأنف الصدور الاثنين، الموافق 25تموز/ يوليو.
وقالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان “إن تعليق صدور صحيفة الجريدة يتنافى ومبادئ حرية التعبير ومواثيق العمل الصحفي، التي تحظر مصادرة الصحف، ولم يخرج الإعلان عن قواعد العمل الصحفي، فقد أفصح الإعلان عن شخصية المعلن”.
وأضافت الشبكة: “لقد اعتادت السلطات السودانية على انتهاك المواثيق الدولية والدستور السوداني، فسبق أن صادر جهاز الأمن 14 صحيفة يومية في فبراير الماضي، وعلق صدور عشرات الصحف إلى أجل غير مسمى، دون اللجوء إلى القضاء، وبزعم “تجاوز الخطوط الحمراء”، كما يعاني الصحفيون من الاعتقالات والاستدعاءات؛ بسبب قضايا متعلقة بالنشر”.
وطالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان السلطات السودانية بالتوقف عن مصادرة الصحف أو تعليق صدورها، على خلفية قضايا نشر، واحترام الحق في حرية الرأي والتعبير والاعتقاد والتجمع السلمي.
تاريخ في الحجب
وللسلطات السودانية تاريخ في حجب الصحف ومنعها من النشر، حيث قامت خلال السنوات الأخيرة بإغلاق عدة صحف، كلما نشرت مواد تتعلق بالفساد أو الأداء الحكومي وغلاء الأسعار وغير ذلك.
ففي السادس عشر من كانون أول/ ديسمبر الماضي، علقت السلطات السودانية صدور صحيفة التيار إلى أجل مسمى؛ لتناول الصحيفة بالنقد خططا حكومية برفع الدعم عن الوقود والكهرباء والقمح.
كما اعتقلت السلطات بعد يومين من الإغلاق رئيس تحرير وناشر صحيفة التيار السودانية، عثمان ميرغني، وألقت في اليوم ذاته القبض على رئيس تحرير صحيفة الصيحة أحمد يوسف التاي.
يشار إلى أنه في حزيران/ يونيو 2012، أوقفت السلطات السودانية صدور جريدة التيار السودانية إلى أجل غير معلوم، قبل أن تسمح لها بعد عامين بإعادة مزاولة الصدور، بموجب قرار أصدرته المحكمة الدستورية السودانية.
كما قامت السلطات الأمنية السودانية بمصادرة عدد الأحد 27 آذار/ مارس 2016، من صحيفة الأيام السياسية المستقلة، بعد إعدادها للطباعة.
وفي آذار/ مارس عام 2014، قام جهاز الأمن السوداني بمصادرة عدد ذلك اليوم لصحيفة “الصيحة” بعد طباعتها، دون أي أسباب.
وكانت صحيفة “الميدان” الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوداني قد أوقفتها سلطات الأمن السوداني عن الصدور في حزيران/ يونيو عام 2013، كما أوقفت قبلها صحيفة “الصحافة” المستقلة في نيسان/ أبريل من العام نفسه.
كما تم في أيلول/ سبتمبر إيقاف صحيفة “الانتباهة” السودانية، لسان حال حزب منبر السلام العادل، عن التوزيع.
وقد نفذ صحفيون سودانيون مرات عديدة إضرابات جزئية عن العمل، ووقفات احتجاجية، رفضا لما أسموه الهجمة الشرسة على حرية الصحافة، مطالبين برفع الرقابة القبلية والبعدية عن الصحف، بجانب إطلاق زملاء لهم اعتقلوا.
وتقول السلطات السودانية إنها تتخذ إجراءاتها وفقا للقانون، واستنادا إلى مادة في الدستور تتيح التدخل في العمل الصحفي في حالة وجود تهديدات أمنية.
وقد كانت هناك مادة تسمح للأجهزة الأمنية بالرقابة على الصحف، لكن هذه المادة ألغيت في تعديل على قانون الصحافة، لكن ما زالت هناك شكاوى من تدخل السلطات الأمنية في العمل الصحفي؛ بحجة حماية أمن البلاد، وعدم إثارة الفتنة والبلبلة وضرب النسيج الوطني.
عربي21