مؤمن الغالي : دروس مجانية من الكفار (1)
❊ ويذهب مولانا الإمام محمد عبده إلى باريس عاصمة النور والكونكورد وقوس النصر وإيفل.. ولاحقاً تلك العاصمة التي (داست) بأقدامها العميل (فيشي) ووهبت فرنسا والدنيا (ديجول).
❊ يذهب الإمام إلى فرنسا ليبقى زمناً ثم يعود إلى (القاهرة) لم يحدث المصريين عن (شراب) أولئك الكفار الأبالسة (الخمر) علناً في (البارات) والحانات.. لم ينطق حرفاً واحداً عن ملابس الباريسيات و(التنورة) و(الشورتات) و(البرمودا).. لم يحدثهم عن مكاتب (المراهنات) والمصارف الربوية.. بل أوجز كل رحلته ونثر كل عصار غربته.. بجملة واحدة أصبحت معلماً وبقيت أثراً وصار الجيل بعد الجيل يرويها.. فقد قال قولة حق غير عابئ بأي سلطان.. وغير مكترث لأي صولجان.. قال الإمام: ذهبت إلى فرنسا فوجدت إسلاماً ولم أجد مسلمين وعدت إلى دياري ديار الإسلام فوجدت مسلمين ولم أجد إسلاماً.
وهل أقول غير (صدقت.. صدقت) يا مولانا وأفصحت فأبنت يا أيها الإمام.
❊ والذي يفري الفؤاد ويشق الكبد أن الأمر الذي أغضب وأحزن مولانا ما زال يجري ..بل يركض على قدم وساق.. فها هي الأعلام الاسلامية تخفق في الفضاء وما زالت تتماوج مع دفقات الريح فوق العواصم الإسلامية وها هي الحناجر تجلجل بـ(لا إله إلا الله محمد رسول الله) ولكن ما زال تحتها وتحت ظلالها ولا مسلم واحد من الذين عناهم الإمام (محمد عبده) إسلام في الكتب والصحف والتظاهرات وحناجر تزرع الفضاء ولكن سلوكاً وأعمالاً الإسلام منها براء.
❊ وما زال المشهد الذي رآه مولانا ماثلاً لم تتغير فيه نقطة أو شولة.. وما زالت دول أولئك الكفار تتقدم في سرعة الضوء وما زال مواطنوها يتقلبون في كفوف الراحة.. وما زال حكامها يقيمون العدل بالقسط.. وما زالت العدالة الاجتماعية تنتظم حتى العاطلين عن العمل.. وما زال الحكام الكفار وكل شعوبهم يفعلون أشياء ومنكرات يخجل منها حتى الشيطان ولكنهم مطلقاً.. مطلقاً.. وأبداً أبداً لا يكذبون (الخواجة) بل المواطن الغربي عموماً والأوربي خصوصاً يفعل علناً من الموبقات ولكنه لا يكذب مطلقاً وكأنهم يطبقون بالفعل والممارسة حديث النبي المعصوم (صلى الله عليه وسلم) الذي قال فيه إن المؤمن يزني ويشرب الخمر ويسرق ولكنه لا يكذب.. وبالأسف الأليم والأسى الحزين هنا يفعل المؤمن أو المسلم كل تلك الموبقات في الخفاء وتحت أستار الليل البهيم ويتوج هذا بالكذب الصراح .. وما أصدق ذاك الذي قال:
يتمرغون على القذارة والقذي
ويحدثونك عن صفاء الكوثر
أحبتي.. كل الذي أهاجني واستدعى كل ذلك الحزن حتى عدت إلى أيام (الإمام محمد عبده) هو الاستفتاء الأخير الذي تم في المملكة المتحدة ..وليس الاستفتاء ونتيجته هما اللذان أثاراني.. بل لم يحركا سبيبة في رأسي .. الذي أثارني وأوجعني هو موقف الرئيس البريطاني ديڤيد كامرون الذي استقال من منصبه بعد إعلان النتيجة مباشرة .. وهذا ما نواصل فيه غداً.