شمائل النور : هل جَنّينا؟!
نهاية 2014م، طرحت إحدى شركات سيارات الأجرة في السويد فكرة وجود مُعالج نفسي في المقعد الخلفي، يرافق السائق خلال رحلته اليومية، المُعالج النفسي يقدم خدماته للزبائن التي تقوم على فكرة تجاوز شعور الوحدة والاكتئاب المرتبط بفصل الشتاء في السويد، جاءت فكرة وجود مُعالج نفسي داخل التاكسي نتيجة كثرة الحوارات التي تحدث بين الرُكاب والسائق، كثرة الحديث هذه أظهرت حاجة الركاب إلى شخص يتحدّثون معه.
إحصاءات رسمية أعلنتها وزارة الصحة بولاية الخرطوم، الإحصاءات تقول إنّ عدد (16.810) حالات إصابة بأمراض نفسية تم تسجيلها ببعض المستشفيات في ولاية الخرطوم خلال العام 2015م، الحالات تم تسجيلها في مستشفيى (التجاني الماحي) حيث سجلت (11.582) حالة، و(طه بعشر) وسجلت (5228). وحسب التصريحات الصحفية المنقولة، فالإحصاءات الرسمية لم تشمل كل المستشفيات، فقط تخص مستشفييْن، ولم توضّح الإحصاءات كذلك، الفئات العمرية للحالات ولا النوع (ذكور/ إناث) ولا أنواع الأمراض، لكن بصورة عامة الإحصاءات بقدر ما هي مُقلقة فهي منطقية جداً بالنظر إلى ما يجري يومياً من مصاعب حياتية فوق تحمل البشر، وربما نحتاج أن نعدل النصيحة الطبية “مراجعة الطبيب النفسي” لذوي الحالات المضطربة، لتصبح النصيحة للذين لا يشكون من أي نوع من مثل هذه الاضطرابات، لأن الوضع الراهن بكل تعقيداته الاقتصادية والسياسية والأمنية لا ينبغي أن يسلم منه إلا القلة القليلة، ولك أن تتصوّر، مثلاً، موظف يتقاضى راتباً بقيمة محددة، يذهب ثلاثة أرباع راتبه لصاحب إيجار المنزل، ثم ما تبقى، يتفرّغ بين الاحتياجات اليومية بما في ذلك التزامات مدارس، في ظل وضع محدود كهذا، تخيّل، مرض أحد أفراد الأسرة، ماذا بإمكانه أن يفعل، إمّا يسرق – إن وجد بقية – أو مصيره إلى مستشفى الأمراض النفسية.
للصدفة، نشر إحصاءات وزارة الصحة جاء مع حديث رئيس التنمية المُستدامة بولاية الخرطوم في مُنتدى عن معاش المواطن السوداني، حيث أكّد المسؤول الرسمي أنّ دخل العاملين لا يغطي سوى (خُمس) احتياجاتهم المعيشية، فما بالك بغير العاملين.. السودان سبق وأن تربّع على المركز الأول عربياً في تقرير منظمة الصحة العالمية في أعلى نسبة انتحار، حيث بلغ معدل الانتحار في السودان لأول بمعدل 17.2 حالة انتحار لكل 100 ألف شخص.
مَعلومٌ أنّ الأزمات الاقتصادية والتغيُّرات الاجتماعية الناتجة عن الوضع السياسي تلعب دوراً أساسياً في أسباب الأمراض النفسية، والنسبة التي أوردتها وزارة الصحة خطيرة، خَاصّةً إذا وضعنا في الاعتبار الثقافة السودانية التي لا تعطي المرض النفسي وضعه الطبيعي، فالحالات التي تصل إلى المستشفى عادةً تكون في المراحل الحرجة والتي باتت مُزعجة للأُسر وربما وصلت مرحلة الخطر الاجتماعي، لكن هذا لا يعني أن كل من هو خارج المستشفى بالضرورة هو في كامل صحته النفسية.