مرور طائرة نتنياهو عبر السودان إقلاع من منصة الحرب الإعلامية أم اختراق لأجواء الخرطوم؟
تذكر حقائق التاريخ أن الكيان الإسرائيلي وبعد عام واحد من تكوينه على الأرض الفلسطينية وفي العام 1949م سعى إلى الولوج إلى الأراضي السودانية مستغلا العلاقة التي تربطه مع المستعمر البريطاني، وكان أن وافقت إدارة الاستعمار للطائرات الإسرائيلية بالمرور عبر الأجواء السودانية، ومن ثم الهبوط في مطار الخرطوم للتزود بالوقود، إذ إنه ورغم أن البلاد حينها كانت ترزح تحت نير الاستعمار إلا أن المقاطعة المفروضة من الدول العربية وبينها السودان على الاحتلال الإسرائيلي منعت بريطانيا من إقامة علاقات بين السودان وإسرائيل، وقالت حينها إنها تفضل ترك الأمر للسودانيين لكنها لم تر ضررا من العبور الجوي أو التزود من وقود مطار الخرطوم، غير أن ذلك الأمر انتهى برفع علم البلاد، ومنذ ذلك الحين انقطع الأمر وآل إلى مقاطعة تامة ليفجره خبر صغير وخارطة توضيحية نشرا أمس الأول في مواقع إسرائيلية بينا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبر الأجواء السودانية جيئة وذهابا خلال رحلة نفذها إلى أربع دول أفريقية مطلع الأسبوع.
تأكيد إسرائيلي
وحمل الحساب الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو باللغة العربية على موقع تويتر، تغريدة مفادها أن طائرته عبرت الأجواء السودانية ذهاباً وإياباً، ونشر صورة توضح مخطط رحلة الطائرة التي تقل نتنياهو وبرنامج الزيارة للدول الأفريقية الأربع، وبين أن الطائرة تحركت من تل أبيب إلى يوغندا عبر أجواء مصر مرورا بالأجواء السودانية وأجواء جنوب السودان، ثم إلى كينيا ومنها إلى رواندا، وبعدها إلى إثيوبيا، ثم العودة من هناك عبر أجواء السودان مرة أخرى عبر مسار مختلف يحادد الجانب الشرقي حتى خروجها إلى مصر.
نفي قاطع
ورغم تأكيد عدد من المواقع الإخبارية لصحة المعلومة لكن هيئة الطيران المدني بالخرطوم، قطعت بأن المعلومات الواردة تحمل جينات تكذيبها في داخلها فقد أكد الناطق الرسمي باسم سلطة الطيران المدني عبد الحافظ عبد الرحيم، في حديث لـ(الصيحة) عدم عبور أي طائرة إسرائيلية الأجواء السودانية خلال الأيام الماضية سواء كانت طائرة رئاسية أو أي طائرة أخرى، لافتا إلى أن مرور الطائرات محكوم بأسس وقواعد لا يمكن تجاهلها، مبينا أن حركة المراقبة الجوية لم تسجل ابدا مرور طائرة عبر المسار المرسوم وقاطعا بأن المراقبة لم تستلم طائرة من مصر. مشيرا إلى أن قواعد المرور الجوية على كل دولة مراقبة الطائرة عبر مراقب جوي من لحظة دخولها إلى خروجها من الأجواء، لافتا إلى أن المراقب السوداني عادة ما يستلم الطائرات الداخلة من مصر عند الحدود الشمالية بأبو سمبل ويبدأ في مراقبتها ومتابعتها حتى لحظة خروجها إلى أي دولة أخرى قاطعا بعدم مرور أي طائرة عبر هذا الممر.
5 أسباب جوهرية
وبعرض الخارطة على الفنيين بإدارة الحركة الجوية ببرج المراقبة الجوي أكدوا أن المخطط المرسوم لممر الطائرة التي نشرها نتنياهو معيب جدا وقطعوا بأنه لا يوجد في الأصل ممر جوي كما هو مبين بالخريطة، مستندين على خمسة أسباب جوهرية في عدم صدقيتها باعتبار أن الممر المرسوم ما بين تل أبيب وكينيا يستغرق 4 ــ 5 ساعات، وكان يمكن لأي مهندس ممرات جوية أن يرسم ممرا تستغرق الرحلة من خلاله نحو ساعتين وتستهلك وقود اقل وتكون أكثر أمنا فضلا على أن ممرات الشرق الأوسط كلها لا يوجد فيها خط جوي من إسرائيل إلى مصر يمر عبر سيناء كما ورد بالخارطة، بالإضافة إلى أن الخارطة توضح أن الطائرة دخلت من منطقة اقرب لحلايب وهي منطة لا توجد فيها نقطة تسليم وتسلم بين السودان، كما أن النقطة التي خرجت منها الطائرة إلى كينيا غير حقيقية أيضا علاوة على أن ممر العودة معيب ايضا وفيه خطأ كبيرا لأنه مرسوم في منطقة تربط بين السودان واريتريا وإثيوبيا مع الأخذ في الحسبان بأن إثيوبيا لا تتعامل مع اريتريا في المجال الجوي نظرا للعلاقات بينهما.
فرضية الاختراق
ربما تكون طائرة الاحتلال الإسرائيلي قد عبرت الأجواء السودانية اختراقا تلك فرضية قد تكون واقعة، لكن عبد الحافظ نفي أن تكون الطائرة قد اخترقت الأجواء السودانية دون علم ودون إذن، مشيرا إلى أنهم لم يرصدوا دخول أي جسم خلال الفترة الماضية وإلا فإنهم حينها كانوا سيعملون على إبلاغ وزارة الدفاع التي تتعامل عسكريا مع أي اختراق، لافتا إلى واقعة حدثت في حالة اختراق سابقة تعاملت معها المضادات الأرضية لوزارة الدفاع، مشيرا إلى أن رئيس وزراء إسرائيل لا يمكن أن يغامر باختراق الأجواء لأن من المحتمل حينها إسقاط الطائرة، مبينا أن سلطة الطيران المدني كانت قد أعلنت مطلع العام إكمال التغطية الجوية برادارات ستة تم تركيبها وتشغيلها في أنحاء مختلفة من البلاد تعمل على تغطية كل أنحاء البلاد وبعض الأجزاء من الدول المجاورة.
الممرات الجوية
ويؤكد عبد الحافظ أن الممرات الجوية خاضعة لاتفاقيات دولية ويديرها قسم كامل في سلطة الطيران المدني باحترافية عالية عبر الرادارات الستة، مبينا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ما كان له أن يدخل عبر الأجواء السودانية في وقت يمكنه أن يمر عبر المياه الإقليمية في البحر الأحمر إلى إثيوبيا دون أن تواجهه أي مشاكل أمنية.
الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة