نازك يوسف العاقب : دعوةلتسهيل الطاقة النظيفة
الى الاستاذة نازك صاحبة الزاوية المقروءة حواف حادة
فى اطار الاعتراف الدولي بالحقوق الاساسية للانسان تأتي اهداف التنمية المستدامة تاكيدا لضرورة التمتع بهذه الحقوق والسعي لتحقيقها ومن اهم الاهداف التنموية التي تمثل تحديا كبير امام السودان الهدف المتعلق بحصول الانسان على الطاقة النظيفة و متجددة وباسعار معقولة بصورة مستديمة بعيدا عن التلوث البيئي الذى لاتحصي مضاره، فعلي الرغم من ان السودان بلد غني بمصادر متعددة للطاقة النظيفة والتي يمكن استخدامها وترشيدها بصورة تخدم الانسان وخصوصا فى المناطق الريفية مثل الرياح والشمس على سبيل المثال لا الحصر نجد أن توفير سبل الوصول إلى خدمات الطاقة في المناطق شبه الحضرية والريفية في السودان يمثل تحديا كبيرا ، فعلي الرغم من زيادة استهلاك غاز البترول المسال من 31،000 طن في عام 2000 إلى أكثر من 300،000 طن في عام 2010 الا ان معدل انتشاره لا يزال منخفضا ويشمل 6٪ من انحاء البلاد. وكما يتركز استهلاك غاز البترول المسال في المناطق الحضرية، ولا سيما في وسط السودان، حيث تستهلك الأسر بالخرطوم حوالي 60٪ من غاز البترول المسال المخصصة للاستهلاك المحلي. بينما ينخفض معدل انتشاره خاصة في المناطق الريفية، ويرجع ذلك إلى ان التكاليف الأولية عالية ، وتكلفة النقل عالية (تصل إلى 60٪)، وتكاليف إعادة التعبئة عالية، اضافة الي قلة الوعي، الاجتماعي- الحواجز الثقافية وعدم وجود شبكات التوزيع. وبعد استقلال جنوب السودان فقدت البلاد حوالي ثلثين من إنتاج النفط الخام وهذا يؤدي إلى نقص متكرر، كما انه على الرغم من أن شبكة الكهرباء الوطنية قد توسعت بشكل كبير خلال السنوات الاخيرة وأن 50٪ من إجمالي الطاقة الكهربائية المستهلكة من قبل الأسر (ما يعادل حوالي 30٪ من السكان) لا سيما في المناطق الحضرية الا ان نسبة وصول سكان الريف تقدر بحوالي 13٪ فقط من قبل وزارة الكهرباء، في الوقت الذي فيه كثير من الأسر الفقيرة – الحضرية أو الريفية – لا يستطيعون دفع رسوم الاتصال بشبكة الكهرباء ، واذا توفرت خدمات الكهرباء – كما في معظم الاحيان – عن طريق بعض أصحاب المشاريع الصغيرة في المناطق الريفية الا انه توفر محدود ولكن تكاليف الوقود والصيانة تميل إلى جعل استمرار هذا الأمر بالغ الصعوبة .ولا شك ان الآثار السلبية المتنوعة من عدم الحصول على الطاقة كثيرة ولها انعكاسات علي مستوي النمو الاقتصادي والتنمية البشرية الا ان التأثيرات الصحية مدمرة علي سبيل المثال نتيجة لاستخدام حطب الوقود للطبخ . وفي الواقع ان سهولة الوصول والحصول على الطاقة ليس بمسألة فنية بحتة – بل هي إنسانية في المقام الأول وهي من العوامل الاساسية لخروج الفقراء من دائرة الفقر، وفي هذا المجال هناك كثير من الجهود المبذولة عبر مناهج عمل مختلفة من بينها جهود منظمة براكتيكال اكشن التي تدور حول العدالة التقنية ، حيث تسعى المنظمة لادماج التقنية الوسيطة فى التنمية واتاحتها للجميع والعمل مع الفقراء لتحسين حياتهم وتتبني الحراك الكبير نحو ترسيخ مفهوم العدالة التقنية عبر سهولة الوصول والحصول على المعرفة ،المهارات ، ألادوات أو التقنيات التى تساعد الناس لأداء مهامهم أو عملياتهم بطريقة فعالة من أجل تحسين نوع الحياة ، حيث تنفذ بكسلا وشمال دارفور مشروع درء آثار الدخان والذى يندرج تحت محور الحصول على الطاقة كحق اصيل و اساسي للمجتمعات في إطار تحقيقها للعدالة التقنية كما يسهم في الحصول على طاقة نظيفة بتقديمه بدائل للمصادر التقليدية للطاقة مثل الفحم والحطب وذلك بعد ما اثبتته البحوث و الدراسات عن مخاطر استخدامها.، وينعكس المشروع إيجابيا كمساهم في الحفاظ على الموارد الغابية التي اصبحت مهددة بالقطع الجائر وتغيرات المناخ، كما يحمي النساء إجتماعيا بتقليل الجهد المرمي على عاتقهن في الحصول على الحطب من مناطق بعيدة مما يعرضهن للعديد من المخاطر والتي لا تنتهي بالمخاطر الصحية الناجمة من استخدام الحطب فى الطبخ و قد نال المشروع جائزة الامم المتحدة الاطارية بشان تغيير المناخ 2013م بمساهمته في تقليل انبعاثات الكربون وتوفير أكثر من ست وخمسون الف طن من ثاني اكسيد من العام 2010 الي 2014 م ، كما تستخدم المنظمة تقنية الطاقة الشمسية فى توليد المياه فى المحطات الريفية واستبدلت مولدات الديزل ذات التكلفة العالية فى الصيانة والوقود ، وأكدت التجربة ما للطاقة الشمسية من فوائد عديدة اهمها قلة تكلفة الصيانة وعمرها الافتراضى الطويل، ومن واقع ما لمسته اثناء عملي علي ارض الواقع من نتائج ايجابية لتلك التجارب العملية والتي ادت الي تغيير حقيقي و ايجابي في حياة الناس بتلك المجتمعات المستهدفة ، وما اطلعت عليه من ممارسات و تجارب لدول اخري ملهمة عبر الموارد المعرفية التي توفرها المنظمة للجميع في هذا المجال اري ضرورة ان يتجه السودان الي استخدام الطاقة النظيفة المتجددة وادعو الي ان تتبني الدولة ومنظمات المجتمع المدني هذا المنحي ضمن استراتيجيتها وسياساتها وتدخلاتها في مجالات محاربة الفقر والمساهمة في تحقيق التنمية البشرية المستدامة.
بقلم ناهد علي – ضابط اتصال ومعرفة بمنظمة براكتيكال اكشن