بوتين الروسي – السوري حرامي
يتمتع الرئيس الروسي – السوري فلادمير بوتين بوجه (بلاطي) أو ما يسمى بالإنجليزية بوكر فيس، فلاعب البوكر (القمار) المحترف يحرص على أن لا تفضح تعابير وجهه عن نوع الورق الذي في يده، حتى لا يعرف غرماؤه ضعف أو قوة موقفه، فيرفعوا مبلغ الرهان أو ينسحبوا من اللعب ولا اعتقد أن أيا منكم رأى بوتين هذا مبتسما، فالرجل أصلا ضابط مخابرات (كيه جي بي) محترف في حقبة دولة الاتحاد السوفيتي الاشتراكية، ورجل المخابرات يتعلم كيف يخفي عواطفه، وسيحتاج بوتين خلال الأيام المقبلة لكل البرود المخابراتي ليغطي على فضيحة شخصية تتمثل في أنه سرق البحث الذي نال به درجة الدكتوراه في الاقتصاد عام 1997، من دراسة أعدها البروفسوران الأمريكيان وليام كنغ وديفيد كليلاند من جامعة بتسبيرغ الأمريكية عام 1978، والأدهى من ذلك أن البحث المسروق لم يكن يؤهل مقدمه للحصول على الدكتوراه، ولكن الجامعة التي منحت بوتين تلك الدرجة المرموقة كانت سانت بيترسبيرغ (ليننغراد سابقا) الواقعة في الإقليم الذي كان بوتين وقتها حاكمه.
وكشفت صحف أمريكية رصينة، كيف أن بوتين نقل رسومات بيانية وإيضاحية وجداول بالمسطرة (أي حرفيا) عن الباحثين الأمريكيين. السرقات الأكاديمية والأدبية تعرف بـ plagiarism وتعتبر من الكبائر في الدول الغربية، وقبل سنوات تعرض واحد من أكثر أعضاء الكونغرس الأمريكي شهرة وأطولهم لساناً وهو السناتور جو بايدن (نائب الرئيس الأمريكي باراك أوباما حاليا) إلى «بهدلة وتريقة» بعد أن اتضح أنه وخلال خطبة ألقاها في محفل عام سرق فقرات كاملة من خطبة لزعيم حزب العمال البريطاني الأسبق نيل كينوك.
أما الروس فنظرتهم إلى هذه الأمور «عربية» – أذكركم بموقع الإنترنت الذي ذكر أسماء شخصيات تشغل مناصب كبيرة في مختلف الدول ومن بينهم تسعة من العرب – المهم أنه وبالمنظور الروسي والعربي، ما فيها شيء أن ينال شخص درجة الدكتوراه دون أن يقرأ أو يكتب سطرا واحدا من البحث الذي حمل اسمه.. وعادي جداً أن يتألف بحث الدكتوراه من أربعة فصول كل واحد منها مأخوذ (زي ما هو) من بحوث قدمها أشخاص آخرون (يفضل أن يكونوا من الأموات). وفي الفترة التي كنت فيها من كتّاب مجلة «المجلة» قرأت فيها تقريراً طريفاً جاء فيه أن عددا كبيرا من كبار المسؤولين في السلطة الوطنية الفلسطينية صاروا بين عشية وضحاها (دكاترة)، وجاءتهم الدرجات وهم في مكاتبهم في غزة، وكان ذلك أشبه بما يسمى بحرق المراحل في الثورات، فقد كان معروفاً أن بعض المتدكترين السلطويين الفلسطينيين، لم يدرسوا ما بعد المرحلة الإعدادية وكان هناك (مؤهلون) جامعيا ولكنهم رأوا أن درجاتهم الجامعية لا تناسب تطلعاتهم الوظيفية، وهكذا نال من كان يحمل بكالوريوس جغرافيا الدكتوراه في علم الإحصاء أو الفيزياء النووية. (تقصيت وتحريت الأمر لاحقا واكتشفت أن معظم درجات الدكتوراه تلك من جمهورية رومانيا، والمعروف أن ديكتاتور رومانيا الهالك تشاوشيسكو كان صديقا لقيادات منظمة التحرير الفلسطينية ويبدو أنه وحتى بعد قتله وتغيير نظام الحكم في رومانيا ظل بعض الديناصورات الفلسطينيين «واصلين» في رومانيا).
وأعرف في لندن نفرا من العرب يكسبون قوتهم بإعداد رسائل الماجستير والدكتوراه لمن يرغب من الزبائن العرب، وتستطيع أن تعرف أن صاحب الدكتوراه حرامي إذا كان – مثلاً – قد نالها من جامعة بريطانية أو أمريكية ثم التقيت به وقلت له: هاو آر يو؟ فيرد عليك بكل غضب: أنا هاو؟ يا قليل الحياء.. أنا دكتور… (لو حاول أحدكم أن يحصل مني على عنوان واحد من الذين يعدون الدرجات الجامعية بنظام المقاولة فسأفضحه).