جلال الدقير.. رجل المفآجات
ما أن يخرج حزبه من خلاف وتخمد نيرانه إلا وتشتعل من جديد، وكأنما كان حظ الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي الدكتور جلال يوسف الدقير أن يدخل في مواجهات مستمرة مع المقربين إليه من حزبه، ويصبح أصدقاء الأمس أعداء اليوم.. آخرهم مساعدته في الحزب للشؤون التنظيمية والتي كانت تعتبر المدافع الأول عنه وعن الاتحادي، إشراقة سيد محمود، والتي دخلت هي الأخرى في صراع يعتبر الأقوى من نوعه .
يوم أمس الأول فجر الدقير مفاجأة لم تكن في حسبان كل المراقبين والمهتمين بالشأن الاتحادي خلال احتفال حزبه بالذكرى العاشرة للشريف زين العابدين الهندي، المفاجأة التي استقبلها أنصار الدقير بالرفض الممزوج بالدموع كانت استقالته من منصب الأمين العام للحزب، تلك الاستقالة التي لم يمض عليها أكثر من نصف ساعة ثم سرعان ما تراجع الرجل عنها تحت ضغوط جماهيره .
المولد والنشأة
تقول سيرة الدقير إنه من مواليد مدينة النهود بغرب كردفان في العام 1951م، التي هاجر إليها والده، وتعود جذور الأسرة إلى ولاية الجزيرة، ويعتبر الابن الأكبر في الأسرة، نشأ وترعرع في كنف أسرة صوفية، تلقى تعليمه الأولى بالمجلد الابتدائية والأوسط برجل الفولة، ثم الثانوي بخور طقت الثانوية، ومنها إلى كلية الطب جامعة الخرطوم، وتخرج منها في العام1975م، وحصل على درجة الماجستير في طب المناطق الحارة بدرجة الامتياز في عام 1983م، كما حصل على درجة الدكتوراة في علم المناعة بجامعة لندن 1987م، ثم نال زمالة المعهد البريطاني لعلوم الأحياء 1989م.. متزوج من ابنة خاله، وله ثلاثة أبناء وبنت واحدة، تخرجوا جميعهم من الجامعات البريطانية
محطاته
ومع أن الدقير سياسي، إلا أنه لم يهجر مهنته، كما فعلت قيادات المؤتمر الوطني – على سبيل المثال – إذ يعتبر أول طبيب عربي يحصل على زمالة الكلية البريطانية لعلم الأمراض في علم الفيروسات عام 1990م، وحصل على دكتوراه ثانية في علوم الطب عام 1992م، عمل الدقير طبيباً واستشارياً وأستاذاً في جامعات أمبريال كولج وكنج كولن بلندن، وله عشرات الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات الطبية العالمية، وله العديد من الأنشطة الاقتصادية، وعمل رئيساً لعدد من مجالس إدارات شركات مختلفة بالداخل والخارج السياسي..
ورث جلال العمل السياسي عن والده الذي كان ينتمي لحزب الأشقاء في ذلك الوقت، وكان مرشح الحزب بدائرة المجلد، وولج عالم السياسة منذ أن كان طالباً في الجامعة، حيث كان رئيساً لاتحاد الطلاب السودانيين بلندن في فترة الثمانينات، ثم عمل في قيادة العمل المعارض ضد نظام مايو مع الشريف حسن الهندي، وأكد شقيقه الأصغر محمد الدقير أن جلال التقى بالشريف حسين في العام 1977م وكان وقتها للتخصص في الجراحة، حيث طلب منه الهندي التفرغ للعمل الحزبي وترك الطب واستجاب له، مشيراً إلى أنه رغم صغر سن جلال وقتها، كان الشريف حسين يكلفه بمهام خاصة، وكان موفده لعدد من الرؤساء والملوك، كما أوكل إليه الإشراف على مجلة الدستور المعارضة، ويضيف محمد الدقير «بعد وفاة الشريف حسين، وبعد انتفاضة أبريل 1985م ترك الدقير العمل السياسي وغادر إلى لندن وأكمل دراسته في الطب والعمل فيه، وظلت علاقته ممتدة مع أشقاء الشريف حسين وتوطدت بزين العابدين، حيث اختاره نائباً له في العام 2001م ثم انتخب أميناً عاماً للحزب في المؤتمر العام للحزب 2003م».
مناصب وزارية
دخول الاتحادي في اتفاق سياسي مع المؤتمر الوطني عام 1996، مكن الحزب من المشاركة في الحكومة، وتم اختيار جلال وزيراً للصناعة في من 2001 إلى 2010م على فترتين، ثم وزيراً للتعاون الدولي في الفترة من يونيو 2010 إلى نوفمبر 2011م، وبعدها عين مساعداً للرئيس حتى الآن
صراعات
بعد انتخابات 2010 شهد الحزب صراعات أدت لخروج مجموعة صديق الهندي ود. مضوي الترابي بسبب عدم انعقاد المؤتمر العام للحزب والوحدة الاتحادية، واحتدت الصراعات بينهم والدقير، وأعلنت هذه المجموعة في 2010م عزل الدقير من الحزب والمكتب السياسي ورفضهم المشاركة في الحكومة واتهموه بتحويل الحزب إلى «ترلة» للمؤتمر الوطني، وكان للرجل قسم شهير، حيث أقسم بالطلاق بأنه لن ينقاد وراء الوطني، وأن الذي بينهم وبينه التزاماً سياسياً، وتجددت الخلافات هذه الأيام لذات السبب، ورفعت مجموعة من القيادات برئاسة إشراقة سيد محمود مذكرة لمجلس شؤون الأحزاب تطالب فيها بسحب الثقة عنه، والدعوة لتكوين لجنة إشرافية للترتيب للمؤتمر العام. يهوى الدقير رياضة المشي والاستماع للمدائح النبوية والغناء القديم.. وكاد أن يهوى هزيمة خصومة، فهل سيواصل ذات الهواية مع إشراقة؟ أم انه سيبدأ رحلة جديدة من مشواره السياسي ويدخل في تسوية مع غريمته ومساعدته في شؤون التنظيم ؟
ثناء عابدين
صحيفة آخر لحظة