منوعات

عن شقاء شعب الجنوب

لو حدثتمونا عن شقاء الشعوب، فلن تجدوا في هذه الدنيا شعباً أشقى من شعب جنوب السودان، لأن أشقياء العالم والأشقياء من حولنا بعضهم عاش مراحل من الاستقرار والأمان تخللت عمرهم البائس والشقي لكن شعب جنوب السودان ظل شقياً منذ أكثر من ستة عقود متتالية يمكن أن نستثني منها بعض سنوات ما بعد اتفاقية أديس أبابا عام 72 وإن كانت تلك السنوات نفسها سنوات صراعات داخلية فيما بينهم وعدم رضا من الانفصاليين بفيتو رئيس الجمهورية بحسب الاتفاقية، ونعرات قبلية مشتعلة في الجمعية التشريعية الإقليمية التي كانت موجودة حينها ولم ينعم خلال تلك السنوات شعب الجنوب بالاستقرار بمعناه، قبل أن تنفجر الأوضاع في 83 ويستمر بعدها حال الجنوب بين الحرب والحرب والحرب في كل المراحل اللاحقة إلى يومنا هذا .
حتى فرحة الانفصال تلك كانت أكبر وهم عاشه شعب الجنوب للحظات فإرادة الصراع وبيئته وبنيته الثقافية قادرة على افتراس حمائم السلام الواهنة مثلما يقفز النمر الجائع ليختطف حمامة جريحة تحاول الطيران في ارتفاع منخفض .
مكتوبٌ عليهم الشقاء، وبرغم وحدويتنا وإحباطاتنا من خيار شعب الجنوب بالانفصال عن السودان إلا أننا لم نشعر لحظة واحدة بأن الشعب الجنوبي ملام على خياره وعليه أن يتحمل مسؤوليته وحده الآن، لأنه اختار الانفصال هروباً من الحرب وأملاً في أن يعيش يوماً من عمره في سلامٍ وأمان، وكان شعب الجنوب مخطئاً نعم، لكنه كان معذوراً لحد ما في تقديري، وهو يختار الانفصال ويختار هذا الخيار الخاطئ لأن الانفصال بالنسبة له كان بمثابة خيار الأزمة وخيار الأزمة دائماً لا يكون خياراً حكيماً هادئاً صائباً دقيقاً.. هو مجرد اجتهاد لفعل شيء كان من المفترض أن يتدرب فاعله على فعله قبل أن يخوض التجربة.. كان من الأعدل أن لا نجعل شعب الجنوب يقرر مصيره في ظروف ما بعد الحرب وقلة الوعي والمعرفة بمآلات وتحديات ومتطلبات كل خيار من الخيارين أمامه (الوحدة أو الانفصال).. لكننا تركناهم يقررون قرارهم بنصف وعي سمح للانفصاليين بأن يوعزوا لشعب مرهق نفسياً ومحروم من الأمان والاستقرار، يوعزوا لهم بهذا الخيار فيختاروه، خاصة وأنهم كانوا في الأثناء ينظرون الى الشمال فيجدوا من يصرخ في وجههم ويرغي ويزبد في لعن الوحدة وتجهيز ذبائح الانفصال .
هذا الشعب الشقي.. ظلم نفسه بنفسه لأنه لم يكن في وعيه، ثم ظلمته نخبه السياسية الفاشلة، ليتصدر بجدارة قوائم الموت الذي لا ثواكل له والبؤس والنزوح والصراعات اللانهائية.
شعوب عربية مثل الشعب السوري والشعب العراقي وشعب اليمن عاشت مراحل استقرار في عمرها الحديث ثم دارت عليها الدورة بالشقاء وكذا الشعب السوداني ليس هو في شقاء كامل ولا هو عديم البؤس.. أما شعب الجنوب فهو الشقي دوماً بمعنى الكلمة .
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.

تعليق واحد

  1. شعب الجنوب انفصل عن الشمال لنهم طمعو في البترول لنفسهم فقط و كتنو يتمنو ان لا ياخذ الشمال برميل واحد منهم وكتنو يريدون ان يعيشو كشعب غني و يتفوق علينا .حتي رسوم مرور البترول كان يبحثون عن طريق مختلف حتى يحرمونا منه ظنا منهم ان الشمال سوف يركع لهم و نسو ان هذا البترول قد استخرجة السمال من مال شعب الشمال و جهده في الوقت الذي كانت فيه قادة التمردد يخاربون في الجنوب و يدمرون المنشآت البتروليه لمنع الاستخراج