وكان الله يحب المحسنين .. !
“الموهوبون يجدون الحلول أما العباقرة فيكتشفون المشكلات” .. هانز كرايلشيمر ..!
(1)
يقولون إن الذكاء الأكاديمي هو “مقدرة الطالب على حل المعضلات الفكرية”، فإذا سلمنا بتراجع مدرسة الذكاء الوراثي وغلبة مدرسة الذكاء المتأثر بالعوامل البيئية على التحصيل الدراسي في السودان، سوف نخلص – ببساطة – إلى فاجعة أكاديمية! .. فكم من طالب علم فقير وقفت رقة حال أسرته أمام طموحه الأكاديمي وقذفت به المعايش الجبارة إلى سوق الله أكبر! .. ومعلوم أن كل المذاهب الفقهية تجيز – بتفاوت – إعطاء مال الزكاة لطالب العلم الذي لا يغطي دخل ذويه نفقات تعليمه على الوجه الذي يوازي تعليم أبن المستطيع! .. فلماذا لا يكون هذا الباب وجهاً من وجوه مكافحة الفساد في أرض بات يشكو التعليم – فغير الخاص فيها – ضعفه وهوانه على الناس؟! .. في اعتقادي أن سوء هذه الحال ومآلات هذا السؤال تقتضي استحداث “علاقة ما” بين وزارة التعليم وديوان الزكاة ..!
(2)
بعد أن كثر الحديث عن تنازع الاختصاص باعتباره أخطر أدواء السلطة التنفيذية في بلادنا .. ما الذي يقعد هذه الحكومة عن جمع وإعادة ترتيب المسئوليات والصلاحيات في سلة تنفيذية واحدة،عوضاً عن تبديد جهدها وتضييع وقتنا في مراقبة سلوك الوزراء والمسئولين؟! .. لماذا لا تتبنى هذه الحكومة – وعلى الفور – قراراً يقضي بتحجيم أدوار الشخصيات الإعتبارية من خلال فصل السلطات بين الوزارات والهيئات التنفيذية بحيث يقتصر دور الأولى على التخطيط، وينحصر دور الثانية في التنفيذ ..؟!
(3)
لا حديث للمسئولين في الوزارات، والأئمة في الجوامع، والمعزين في بيوت البكاء، والمتحلقين حول ستات الشاي – هذه الأيام – إلا عن آليات محاربة الفساد .. طيب بمناسبة هذه الالتفاتة القومية الجامعة، لماذا لا نجتهد في تكريس مفهوم المواطنة بمواقف قاطعة في سلوكنا الشخصي حكومة وشعباً؟! .. كيف يبارك المواطن محاربة الفساد وهو ما يزال يعتبر نجاحه في التهرب من الضرائب شطارة ؟! .. لأنه ببساطة لا يعرف خارطة طريق أمواله من وإلى جيب الحكومة، ولا يرى لها أثراً في أي خدمات أو تنمية .. ومن أبجديات المواطنة الحقة أن تتخلى الحكومة – نفسها – عن تشجيع النعرات القبلية لدعم مواقفها السياسية، وأن لا تشيح بوجهها عن بعض رموز العنصرية لتمكين أسباب بقائها .. القبلية في السودان هي أم الفساد، لأنها تمنح أولي القربى حصانة دائمة ضد المحاسبة، وتستبعد الكثير من الكوادر الجيدة وفقاً لتصنيفها الإثني .. فلماذا لا نبدأ من هنا ..؟!
(4)
لماذا يهزم الفساد خطط الحكومات لمحاربته، عوضاً عن أن تهزمه القوانين؟! .. لأن “هزيمة الفساد شبه مستحيلة في بلاد تشجع تقاليد الحكم فيها بعض منسوبيها على الإفلات من مسئولية أفعالهم! .. فالقوانين دوماً واضحة ولكن في آليات تطبيقها أمور مشتبهات .. يكفي أن ما بين لحظة توجيه الاتهام وساعة انتهاء الاستجواب مسافة تقييم شاسعة تنتهي بإهدار الكرامة وتمكين الأخطاء الذي ينتهي دوماً بإهمال جبر الضرر وإغفال المحاسبة! .. السلطة المطلقة هي أخت الفساد، لذا قبل أن تفكر الدولة في هزيمته عليها أن تجتهد في نصرة بعض القوانين ..!