هنادي الصديق : غول الفشل الكلوى
* لم يعد غريبا أن نسمع أو نشاهد مئات الحالات المتأخرة أمام مراكز غسيل الكلي يوميا في مختلف مدن السودان، ولم يعد مستغربا مشاهدة العدد الهائل من السودانيين المصابين بأمراض الكلي ولا يجدون الماكينات العاملة ولا المعينات من أدوية منقذة للحياة، ولم يعد غريبا مشهد أسر المرضي وهم يغلقون الشوارع الحيوية بالعاصمة الخرطوم طلبا للعلاج الذي بات عسيرا، ولا يكاد يخلو بيت من خمسة بيوت من مصاب بهذا الداء اللعين الذي فتك بربع سكان السودان إلا قليلا، إن لم تزد.
* ورغم ذلك لم يكلف مسؤولا واحدا نفسه أو من هم تحت مسؤوليته لمعرفة أسباب تفشي هذا الداء وسط السودانيين بلا استثناء، لم يعد في ذاكرتهم مقولة(الوقاية خير من العلاج).
* ومعروف أن بعض ولايات السودان تعاني من إرتفاع نسبة الإصابة بأمراض معينة دونا عن غيرها مثل البلهارسيا التي عرفت بها المناطق الزراعية المروية (بالترعة)، وهناك أمراض الغدة بأنواعها، والتراكوما، وغيرها.
* توقعت أن تقوم الدولة من أعلي هرمها حتي في حملاتها الانتخابية بإعلان حالة الطوارئ وإجراء مسح شامل لكل ولايات السودان لمعرفة أسباب ومسببات الفشل الكلوي بعد أن تزايدت أعداد المصابين به بشكل مخيف، بل فاق الملاريا والصداع النصفي، وكنت أتوقع أن يبدأ المسح بالقمسيون الطبي لمعرفة الإحصائيات الحقيقية للسودانين المغادرين للعلاج بالخارج لعمل زراعة أو حتي غسيل فقط، ومن بعدها، يشمل المسح جميع المستشفيات والمراكز الصحية، بل ويمتد الأمر لطرق أبواب المواطنين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه إن كانت هنالك حالات غير معروفة لدي أصحابها، ووقاية المواطنين ضد المرض إن كان بالإمكان.
* مشكلة السودان مع المرض الكلوي ومن خلال الواقع المعاش، لا علاج لها مع نظام يوفد منسوبيه للعلاج بالخارج في أكبر مستشفيات أوربا على حساب الدولة، بينما محمد أحمد لا يجد الأدوية البسيطة (من حر ماله).
* الجمعية السودانية لحماية المستهلك يُنتظر منها الكثير لدرء المخاطر عن الشعب بتوجيهه بتجنب كل ما من شأنه أن يقود إلى التهلكة، ورغم ذلك يظل خطر مياه الشرب قائم ، والمواطن في النهاية لا غني له عن الماء بأي حال من الأحوال، فهل إنتبهت قيادة الدولة لذلك أم أنها لا زالت في وادٍ آخر.