تجاوزات ومخالفات كشفها تقرير المراجع العام ولاية النيل الأبيض.. أربعون مليوناً في مهب الريح
المراجع العام: 1،4 مليون جنيه صُرفت بطريقة مخالفة في التأمين الصحي
275 وظيفة تم اعتمادها بدون إجراءات الاختيار والسبب تصديقات فردية من الوالي وبعض الوزراء
صرف مبلغ 245 ألف جنيه عبارة عن عمل مسائي للتدريب المهني بتصديق من الوالي
كشف تقرير جهاز المراجعة القومي بولاية النيل الأبيض عن تزايد حالات الاعتداء على المال العام والتجاوزات المالية في الفترة من سبتمبر 2014 إلى أغسطس 2015، وأوضح التقرير الذي تم استعراضه أمام تشريعي الولاية أن حالات الاعتداء على المال العام زادت بنسبة 212% عن العام السابق وبلغت 1،4 مليون جنيه، فيما بلغت التجاوزات المالية 9،6 ملايين جنيه، وكشف عن صرف مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه للدستوريين كدعم اجتماعي دون وجه حق، علاوة على تجنيب مبلغ 5،023،930 جنيها لم يتم إظهارها في ايرادات إدارة البترول بما فيها رصيد في البنك بلغ 89 ألف جنيه، علاوة على عدم تضمين مبلغ تسعة ملايين جنيه ضمن ايرادات الولاية وبالتالي فإن صافي التشغيل لم يكن سليما للسنة المالية المنتهية، وكشف التقرير عن مفاجأة من العيار الثقيل وذلك حينما أشار إلى فقدان مبلغ 14،272،37 جنيها من ايرادات ذات ربط كان يمكن أن يسهم في تغطية الالتزامات وهي تمثل إعفاءات دون الاستناد على قانون يخولها أو بالأحرى بذل إعفاءات فوق السقف المسموح به.
منهجية وايرادات
وكشف مدير جهاز المراجعة القومي بولاية النيل الأبيض، عبد الوهاب عمر أبوبكر، أن مراجعة حسابات الولاية جاءت وفق منهجية الملاحظة والأثر والتوصية وردود الإدارات ،واشتمل التقرير على ملاحظات المراجعة السابقة ومدى الالتزام بردود الإدارة وتقييم نظام الرقابة الداخلية وموقف قفل الحسابات وتنفيذ الموازنة والاستثمارات والزكاة وحالات الاعتداء على المال العام، وأشار التقرير إلى أن جملة الايرادات الذاتية للفترة الزمنية التي يغطيها التقرير بلغت 416 مليون جنيه بنسبة تنفيذ بلغت 154% بنمو واضح بلغت نسبته 53%، فيما شهدت الايرادات الضريبية بحسب التقرير نسبة نمو سالب بلغت 26%، حيث تراجعت من مبلغ خمسين مليون في العام 2013 إلى37 مليون في العام 2014 ، فيما بلغت نسبة نمو الايرادات الأخرى 77%، وأشار إلى أنه لم يحقق تعويض الفارق الزراعي أي نسبة نمو، وكشف عن أن نسبة مساهمة الحكم المحلي الولائي من إجمالي الايرادات الذاتية بلغ نسبة 91% مقابل 9% للحكم المحلي، ورأى أن هذا يستوجب إيجاد مصادر لزيادة الايرادات لمقابلة خدمات مستوى الحكم المحلي المتمثلة في التعليم والصحة .
اعتداء وتجاوزات
وأوضح التقرير أن الاعتداء على المال العام في ذات الفترة بلغ 1،9 مليون جنيه، فيما بلغت جملة المخالفات المالية 9،2 ملايين جنيه، وشملت المخالفات المالية وحدات ولائية واتحادية وبلغ المسترد من الأموال التي تعرضت للاعتداء في الوحدات الحكومية 318 ألف جنيه، وأكد أن كل حالات الاعتداء على المال العام أمام النيابة، وأشار المراجع القومي من خلال تقريره إلى جملة من المخالفات المالية، وعلى سبيل المثال كشف عن صرف مبلغ 1،4 مليون جنيه بموجب لائحة شروط خدمة مخالفة للقانون في التأمين الصحي، علاوة على تعيين عدد 275 وظيفة بدون إجراءات الاختيار والمعاينات حسب شؤون الخدمة وذلك بموجب تصديقات فردية من والي الولاية ووزير المالية السابقين، ولفت التقرير ايضا إلى صرف مبلغ 245 ألف جنيه عبارة عن عمل مسائي للتدريب المهني بدون شروط خدمة مجازة من مجلس الوزراء بل بتصديق من الوالي على أن تسري هذه الشروط بأثر رجعي حسب خطاب مدير مكتب الوالي السابق، وأشار ايضا إلى مخالفة مالية أخرى تتمثل في عدم تحصيل مبلغ 600،059 دولار أمريكي وتم التحصيل بما يعادل الجنيه السوداني بمبلغ 3،111،496 جنيها، واعتبر المراجع أن هذا عاد سلبا على خزانة الولاية لعدم الاستفادة من العملات الحرة في استيراد المهمات التي تحتاجها الولاية من الخارج وكذلك الخسائر المالية لفرق السعر، وأوصى مدير جهاز المراجعة القومي في هذا الصدد بضرورة الالتزام بأحكام المادة 1/64 من دستور الولاية، وكذلك قانون شاغلي المناصب الدستورية وغيرها من قوانين تهدف إلى ضبط المال العام.
مخالفون وجهات
وكشف التقرير عن الوحدات الحكومية الولائية والاتحادية التي شهدت اعتداء على المال العام وأبرزها وزارة المالية بواقع ثلاث حالات اعتداء، بالإضافة إلى وزارة الزراعة وصندوق الإمداد الدوائي، محلية الجبلين وثلاث حالات اعتداء بمستشفى ربك، وثلاث أخرى بوزارة المالية ايضا، وتم استرداد بعض الأموال وكشف التقرير أن كل القضايا أمام النيابة، ومضى في كشف الوحدات الحكومية التي شهدت اعتداءات على المال العام ومنها أراضي ربك التي شهدت ست حالات اعتداء على المال العام، وثلاث حالات بوزارة التربية والتعليم وواحدة بأمانة الحكومة واثنتان بالحكم المحلي دون وجه حق، وكشف التقرير عن حالات الاعتداء على المال العام تمثلت في عدم التوريد وتزوير وصرف دون حق، أما المخالفات المالية فقد تمثلت في عهد لم تتم إزالتها وبلغت 220 ألف جنيه، وكذلك عدم تحصيل أو توريد وتأخير في التوريد بجملة مبلغ خمسة ملايين جنيه، أما صرف بدون وجه حق فقد بلغ ثلاثة ملايين، وصرف بفواتير مبدئية بلغت جملته 68 ألف جنيه، مخالفات في العقود بلغت جملتها 28 ألف جنيه لتبلغ جملة المخالفات المالية 9،3 ملايين جنيه.
أموال مهدرة
ولفت مدير جهاز المراجعة القومي في فقرة أخرى من تقريره إلى الكثير من المخالفات الأخرى مثل بيع الأراضي بسعر متدن وفقا لمنهجية الأرض مقابل التنمية وذلك لانعدام المنافسة، علاوة على عدم تضمين مبلغ 5،023،930 جنيها ضمن ايرادات الولاية وبالتالي فإن صافي التشغيل لم يكن سليما للسنة المالية المنتهية، وكشف التقرير عن مفاجأة من العيار الثقيل وذلك حينما أشار إلى فقدان مبلغ 14،272،37 جنيها من ايرادات ذات ربط كان يمكن أن يسهم في تغطية الالتزامات وهي تمثل إعفاءات دون الاستناد على قانون يخولها أو بالأحرى بذل إعفاءات فوق السقف المسموح به، وأوصى التقرير بإيقاف سياسة استنزاف بيع الأراضي بأسعار ابسط ما توصف بأنها غير حقيقية لبعض الشركات في إطار منهجية الأرض مقابل التنمية، وكذلك أهمية إدراج الايرادات الخاصة بإدارة البترول في حسابات الولاية أولا ثم تخصيصها لإدارة شرطة المرور لمقابلة الصرف على معينات العمل على أن يكون وفقا للائحة الإجراءات المالية والمحاسبية وأولويات الصرف، وأوصى المراجع ايضا باسترداد المبالغ التي تم إعفاؤها بدون قانون مع محاكمة المتسببين في هذه المخالفات .
رقابة الالتزام
وعلى صعيد متصل أشار تقرير جهاز المراجعة القومي إلى ارتكاب الوحدات الحكومية عددا من المخالفات منها المادة 64/أ من دستور الولاية الانتقالي لسنة 2005، حيث أصدر الوالي السابق مرسوم مؤقت رقم 8 لسنة 2014 بفرض رسوم لصالح تطوير وتأهيل جهاز الضباط الإداريين، كما أصدر مرسوم آخر بفرض رسوم لصالح خدمات الشرطة، كما حدث تجاوز للمادة 14 من قانون شاغلي المناصب الدستورية ومخالفة اكثر من سبعة مواد قانونية أخرى متعلقة بالتعاملات المالية بالإضافة إلى مخالفة المادة 2،12 من لائحة الشراء والتعاقد.
وكشف المراجع
ديون وملاحظات
ومن الملاحظات التي ابداها تقرير جهاز المراجعة القومي عدم وجود إفادة عن مديوينة شركة الأقطان على الأفراد التي تم تحصيلها لصالح الولاية بعد أن تم تسديد المديونية عن طريق أراض استثمارية من قبل الولاية، كما لفت المراجع إلى أنه من المخالفات التي تبينت لهم عدم تقديم شهادات إنجاز للمبالغ التي تم دفعها للجان الشعبية بغرض التنمية والتي بلغت 1،344 مليون جنيه، وكذلك لم تسترد المبالغ التي تم صرفها بواسطة المعتمدين دون وجه حق والتي بلغت 214 ألف جنيه، وكذلك لفت إلى أن الأموال المجنبة خارج الموازنة بلغت 7،129 ملايين جنيه، وأوضح أنه تم تخصيص ايرادات المعاملات المرورية لصالح شرطة المرور بموجب تصديق من وزير المالية إلا أن هذه المبالغ لم تورد في إدارة البترول بل وافق مدير عام المالية على توريدها في حساب خاص لشرطة مرور النيل الأبيض حمل الرقم 10044ببنك الخرطوم وبعد مراجعة المصروفات الخاصة لهذه الحسابات وضح أن جزءا مقدرا منها ذهب نحو البدلات والحوافز والمساهمات الاجتماعية والنثرية والضيافة بواقع مليون وخمسائة ألف جنيه، فيما ذهب مبلغ مليون ومائه وستة وعشرون مليون جنيه في معينات عمل الترخيص بالإضافة إلى رصيد نقدي بلغ 81 ألف جنيه، وأكد التقرير أن كل هذه الأموال تم صرفها خارج موازنة وزارة المالية.
تجاهل القانون
ونوه تقرير مدير جهاز المراجعة القومي بولاية النيل الأبيض، إلى عدم احترام عدد من الوحدات الحكومية للقوانين وللوائح وبالتالي وقوعها في أخطاء وتجاوزات تضرر منها المواطن وضرب مثلا بعدد من النماذج منها فرض رسوم إضافية على الرخص التجارية بمبلغ عشرة جنيهات والصحية بواقع خمسة جنيهات وجنيهان على الشهادات الإدارية وذلك لصالح تطوير جهاز الضباط الإداريين وتورد الرسوم في حساب اتحادهم وبالتالي لا تخضع للرقابة العامة، كما أنها بحسب التقرير يتم توريدها في حساب الأمانات مما يجعلها اقرب للتجنيب وقد بلغت 89 ألف جنيه، وأشار المراجع إلى نقطة في غاية الأهمية وتتمثل في صرف مبلغ مليون وخمسمائة ألف جنيه للدستوريين كدعم اجتماعي دون وجه حق، وكذلك تجنيب مبلغ 5،023،930 جنيها لم يتم إظهارها في ايرادات إدارة البترول بما فيها رصيد في البنك بلغ 89 ألف جنيه، وايضا أوضح التقرير صرف مبلغ 42 ألف جنيه تحت بند مشقة ومخاطر، وللمفارقة فإن هذا البند لا وجود له في لائحة الخدمة المدنية بالولاية لسنة 2009، بالإضافة إلى توقيع عقد بمبلغ 20،722،000 جنيه دون اتباع إجراءات المناقصة العامة، وكذلك دون اتباع إجراءات المناقصة المحدودة التي تم اختيارها لضيق الوقت وارتباط ذلك بطرف على علاقة مع عدم الإفصاح عنه مما يعد تأكيدا على عدم الشفافية، وهذا ما قاد إلى عدم الحصول على العرض الأفضل وفقا لأقل قيمة ورغم ذلك تم توثيق العقد لدى المستشار القانوني، كما تم صرف مبلغ 4،517،393 على التنمية بدون اعتمادات، وأوصى تقرير المراجع العام بضرورة وضع إستراتيجية تحت شراكة ذكية بين الأجهزة الرقابية للحد من ظاهرة الفساد وحالات الاعتداء على المال العام، وشدد على أهمية إحالة كل حالات الاعتداء على المال العام إلى المحاكم وعدم الاكتفاء بتوريد المبالغ، الالتزام بضوابط منح الحوافز على أن يتم التقيد بلائحة مخصصات العاملين بالولاية مع الالتزام سلطة التصديق في حالة المدير التنفيذي والمدير العام.
صحيفة الصيحة