(محركة) الخارطة.. وخيارات الأحزاب الحقيقية
الكيانات والأجسام الناتجة عن تحالفات مرحلية وتكتيكية بين أحزاب وحركات وغير ذلك.. من الطبيعي أنها تتعثر في إصدار مواقفها من قضايا الحل والحوار والتفاهم مع الطرف الآخر، مثل حالة تحالف نداء السودان الذي وصفه الصادق المهدي نفسه بأنه كيان غير متماسك ومليئ بالشكوك الداخلية والاختلاف في مستويات المواقف ورغبات الحل بين مكوناته، لذلك لم يكن هناك أمل في إقدامه على اغتنام فرصة خارطة الطريق بشكل موحد قبل أن يخضع لضغوط خارجية قد تجعله الآن قريباً من التوقيع مجرجراً أقدامه بما يكفي من التردد والتلكؤ.. وفي مقابل ذلك كان قرار الحكومة في التوقيع على خارطة الطريق سهلاً ومباشراً بمجرد عرضه عليها لأنها ببساطة عبارة عن كيان سياسي برؤية وموقف واحد.
لذلك كان متوقعاً أن يفضي اجتماع قوى نداء السودان للخروج بإضافات على الخارطة أو مثل هذا الملحق الذي اشترطت قوى نداء السودان إضافته للخارطة للتوقيع عليها لأن القناعات الداخلية بضرورة الحل متفاوتة في مستوياتها ولذلك يأتي مثل هذا الملحق كتسوية داخلية بينهم بغرض تمكين هذا الكيان المترهل من الزحف ولو خطوة واحدة إلى الأمام.. لكن حتى ولو تمت معالجة هذا الملحق ودمج بنوده مع الخارطة فإن كيان نداء السودان لن يصل الى محطة الحوار كاملاً بل سيتفكك ويتقسم في مرحلة التوقيع قبل الوصول إلى الحوار ثم لا يصل منه إلى الحوار إلا جزء أو بعض من أجزائه ومكوناته ويتخلف الجزء الآخر.
ذلك لأن النداء ليس كياناً توافقياً متماسكاً في الرؤى والمواقف بل هو كيان تجميعي وجسم يبدو ظاهرياً في شكل واحد لكنه في الحقيقي ملفق الأجزاء.
لذلك فإن على المقتنعين بخارطة الطريق وبالحوار من قوى نداء السودان أن يستعدوا لمحك وشيك يفرض عليهم إما أن يختاروا المسار الذي يؤمنون به وهو مسار الحل وإما أن يسلموا أمرهم لكيانات أخرى حليفة لهم داخل نداء السودان وهي قوى حرب متعنتة وليس لديها أي استعداد أو نوايا للمشاركة في عملية التسوية السياسية والتفاوض ووقف الحرب.
خارطة الطريق التي طرحتها الوساطة هي محك صعب لاختبار حقيقة المواقف داخل قوى نداء السودان والتمييز بين من يريدون الحل وبين من يحلمون بسلطة مطلقة يحصلون عليها بواسطة البندقية أو تسويات خاصة عبر اتفاقات ثنائية يتوقعون أن يحصلوا بها على أنصبة أكبر من أحجامهم السياسية والجماهيرية.
موضوع الديمقراطية نفسه هو شعار براق ينادي به بعض من هم على قناعة كاملة بأن نصيبهم منها في السلطة في حالة خوضهم للانتخابات لن يسوى شيئاً يذكر، وبالتالي فإنهم يتغنون بهذه الأغنية للتبرير وللترويح عن أنفسهم في دورب الشوق للوصول إلى السلطة عبر خيار الحرب.
هؤلاء ليسوا أهل ديموقراطية سيدي الصادق المهدي ومن معه من حملة اللافتات السياسية ذات الوزن الجماهيري، إنكم تتحالفون مع مجموعات لن تكتب إقرار نهايتها بيدها أو توقع على خارطة طريق ومسار حل يفضي في نهايته الى المشاركة في انتخابات لأنهم على يقين قاطع بأن هذا المسار سيورطهم في المواجهة مع حجمهم الجماهيري الحقيقي.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.