منوعات

تعرّف على الطبق الرمضاني الذي وحّد بين مائدة اليهود والمسلمين في تونس

في ضاحية حلق الوادي المطلّة على البحر –شمال تونس- تمتد سلسلة من المطاعم يمنة ويسرة يهب إليها المئات من التونسيين والأجانب لحجز طاولاتهم قبل ساعات من موعد الإفطار حيث تتحوّل المطاعم هناك لخلية نحل تفوح منها روائح مشاوي السمك والمقليات بكل أنواعها.

غير أن أبرز ما يميزها هو ذلك الطبق الذهبي الذي لا تكاد تخلو منه طاولة والمسمى بالبريك التونسي والذي تقول عنه الشابة إيناس التي وجدناها منهمكة في إعداد عشرات الأطباق منه لزبائنها “تقريباً لا تخلو أي مائدة في تونس من طبق البريك أو “الملسوقة” لاسيما خلال هذا الشهر الفضيل وهو عجينٌ رقيق أصنعه من الدقيق الممزوج بالماء ثم أقوم بحشوه بالبقدونس والبصل والتونة والبيض ثم يقلى في الزيت”.

هذه الشابة تشير إلى أنها تحضر من 100 إلى 200 قطعة من البريك يومياً خلال هذا الشهر فضلاً عن باقي أيام السنة وقد تعلمت الصنعة من والدها الذي تعلّمها بدوره من اليهود التونسيين بمدينة حلق الوادي الذين اشتهروا بهذه الأكلة الشعبية وتفنّنوا في إعدادها.

عادة توارثها اليهود جيلاً بعد جيل
وفي ذات السياق يقول بيريز الطرابلسي رئيس الطائفة اليهودية في تونس لـ”هافينغتون بوست عربي” “إن يهود تونس هم من ابتكروا صناعة البريك وتوارثها الأبناء عن الآباء كما نقلوا سر إعداد هذا الطبق لإخوانهم من التونسيين بحكم التعايش المشترك فيما بينهم”.

ويضيف “في جزيرة جربة جنوب شرق تونس تختص الطائفة اليهودية بهذه الأكلة ويتضاعف التهافت عليها خلال موسم حج اليهود للغريبة باعتبارها الأكلة الشعبية رقم واحد عندنا”.

انتقل من اليهود إلى المسلمين
طبق البريك الذي انتقل من مطابخ اليهود إلى بيوت الأسر التونسية حتى أضحى تقليداً رمضانياً راسخاً يعتبره الباحث في علم الاجتماع الحبيب تريعة أمراً طبيعياً بحكم التعايش بين اليهود والتونسيين الذين كانوا يعيشون جنباً إلى جنب سواء في جزيرة جربة أو حي لافيات بتونس العاصمة أو بجهة حلق الوادي حيث لا فرق بين يهودي أو مسلم.

ويضيف قائلاً “ربما ما يميز يهود تونس هو أنهم سوقوا لطبق البريك من خلال مطاعمهم وروجوا له كطبق استهلاكي يختصون به دون سواهم وهو ما ساهم في انتشاره في كامل محافظات البلاد”.

وحول تغيّر العادة الاستهلاكية لدى التونسيين في رمضان يرى تريعة أنه نتيجة عقلية راسخة لدى فئة كبيرة في المجتمع أن شهر رمضان هو شهر احتفالي بالأساس تكثر فيه الشهوات وتنفتح فيه شهية التونسي على كل ما لذ وطاب من الأكلات بالتوازي مع ممارسة الطقوس الدينية.

وبالرغم من انتشار تقليد إعداد البريك في أغلب مطاعم تونس وداخل البيوت التونسية إلا أن أصلها ظل ماركة مسجّلة لدى يهود تونس جيلاً بعد جيل، فأسماء طهاة مثل هاشير عشوش وفوفون ذاع صيتها بين جزيرة جربة وحي لافيات بالعاصمة التونسية منذ نحو نصف قرن، واشتهر هؤلاء بتفننهم في إعداد البريك وبيعه للمسلمين واليهود على حدٍّ سواء.

هافغنتون بوست