برامج الأطفال.. العودة إلى الواجهة عبر “أعز أصحاب” البلو نايل تخطف الاضواء
دائما ما أصف حظي بالتعيس، ولكن في ثامن أيام رمضان وأنا أحرك الريموت كنترول عبر قنوات التلفاز تغير حظي تماما، وكنت من المحظوظين بمتابعة الحلقة المميزة من برنامج (أعز أصحاب) بقناة النيل الأزرق، حيث أدهشني المذيع محمد محمود باستضافة أشخاص كان لهم الفضل في تكوين شخصية غالبية الأطفال من جيل الثمانينيات عبر برنامج (جنة الأطفال) في التلفزيون وركن الصغار في الإذاعة.
كان يوم الجمعة يوماً مميزاً في حياة الأطفال لمتابعة ماما عشة وماما صفية والجد شعبان ويحيى شريف في فقرة مسرح العرائس ويوسف عبد القادر، ويمكنني القول إنها حلقة استثنائية لاجترار الذكريات مع أشخاص يفتقدهم أطفال اليوم الذين يشاهدون قنوات متخصصة للصغار، وتفتقد للرسالة التربوية والتثقيفية والاجتماعية على عكس برامج جنة الأطفال الذي يعده أساتذة ومعلمون هم خريجو بخت الرضا، وذلك لتربية الطفل قبل تعليمه لأن التربية هي أساس النجاح.
رؤية يحيى وجمال
وفي السياق، يقول يحيى شريف صاحب فقرة مسرح العرائس: “أنا صاحب تسع شخصيات في برامج الأطفال من ضمنها الأراجوز ومسرح العرائس وعمي هدايا ومسرح الحاوي وغيرها”. ويضيف: “دخلت برنامج جنة الأطفال في الستينيات وغادرتها في التسعينيات”. وقال: “رسالتنا تتمحور في الاهتمام بالطفل تربويا وثقافيا، ويجب على الدولة منح العاملين في برامج جنة الأطفال وسام الخدمة الطويلة لعملهم في المجال قرابة الخمسين عاما”.
من جهته يقول جمال حسن سعيد أحد أعضاء جنة الأطفال الذي عمل مع صاحب شخصية جحا: “سليمان حسين له تاريخ في الحركة المسرحية، بجانب عمله مع محمد بشير دفع الله (حريكة) وقمت بأداء شخصية كعبور وبرنامج جنة الأطفال ساهم في تشكيل شخصية الطفل السوداني، فكثيرا من الأطفال الذين خرجوا من كنف هذا البرنامج الآن فنانون كبار، فالطفل السوداني مظلوم ويحتاج إلى دراما ومسرح حقيقي”.
ارتباط وثيق
ويواصل جمال حسن سعيد حديثه قائلاً: “برنامج الأطفال مرتبط بالجمعة، فالكبار يحرصون على حضوره، فكل شخص داخله طفل صغير لأنه رمز البراءة، والطفولة هي المنطقة التي تتكون منها الشخصية، فالطفل يحتاج لمواكبة لما يدور في العالم، فصغار اليوم ليس كإطفال زمان حيث أن الجيل الجديد مضى مع الوسائط التقنية وتطور التكنولوجيا، لذلك نوصي الأطفال بالمحافظة على التراث، وهم بكل تأكيد يحتاجون لنص جديد وإعداد جديد. ويرى يوسف عبد القادر إنه سعيد بلقائه بأعضاء جنة الأطفال بعد غياب لعشرين عاما. وقال إنه نشأ في برامج الأطفال ومسؤول عنها في الإذاعة. وأردف: “الحمل ثقيل ويحتاج لدعم الخبراء أمثال (ماما عشة)، وتمنيت أنا أرى نفسي في التلفزيون أمام الكاميرات لأن البرنامج على الهواء مباشرة”. ويرى يوسف أن نشأة برامج الأطفال نشأة تربوية، وكان الاختيار يتم على أيدي أساتذة وخريجي بخت الرضا، فالغرس التربوي ظل موجوداً، والبرنامج يحتوي على إحدى وعشرين فقرة، بجانب ثماني فرق موسيقية، ويوم الجمعة هو أهم الأيام بالنسبة للأطفال الذين يحرصون فيه على عدم الخروج إلى الشارع.
عطاء بلا حدود
ماما عشة أو (عائشة سالم) الاسم لوحده يكفي، وعن برامج الأطفال تقول: “قضيت نحو اثنين وعشرين عاماً في برامج الأطفال وبالنسبة لي فإن الفن ليس كلية الفنون ولا الرسم فقط، فالفن الجميل يظهر في تشكيلة تياب فرقة ألوان الطيف، فالحياة فنون في التعامل والبيت والعمل”. وتضيف: “كنت أتمنى استمرار فقرة الفنون، يوم الجمعة كانت مخصصاً للتلفزيون فقط وبالتعاون مع زوجي كنت أقضي يومي في التلفزيون، وتعد فقرة الفن أهم من المجاملات، لأن كل السودان ينتظرني يوم الجمعة”. وأردفت: “السبب في نجاح البرنامج يعود إلى اجتهاد الفئة العاملة لأن المعرفة بسيكولوجية الطفل هي الأهم من إضحاك الصغير”. وناشدت ماما عشة القائمين على الأمر بأن يكون إعداد برامج الأطفال في المستقبل عن طريق المربين الذين يعرفون كيف يضعون الكلمة والحرف.
صحيفة اليوم التالي