مستر شو !
( مستر شو)
_________
:: قبل سنوات، كان أحد الزملاء يحتجب كثيراً بلا أسباب، فسألت رئيس التحرير عن سر الإحتجاب، فقال : ( صاحبكم دا بيستمتع لمن نضع صورته واسمه ثم نكتب تحتهما (يحتجب اليوم)، أكثر من إستمتاعه بما يكتبه)، أي الغاية هي الصورة والإسم ..ويبدو أن مؤسسة الملياردير السوداني محمد إبراهيم – الشهير بمستر مو – للحكم الراشد تمضى على ذات الخطى .. منذ تأسيسها في العام (2006)، لم تمنح المؤسسة جائزتها لغير أربعة رؤساء سابقين بأربع دول إفريقية ..وتحجب الجائزة سنوياً، ثم يصبح الحجب حدثاً يطرب ( مستر مو )..!!
:: لمستر مو حق التصرف في أموال مؤسسته.. ولكن لو كان جادا في غرس قيم الحكم الراشد في افريقيا، لإجتهد في حقن عود افريقيا بأنسلوين الرشد وليس فروع افريقيا.. وأعنى بالعود الشعوب والمجتمعات وبالفروع حكامها.. إذ لن تطيب رائحة الفروع ما لم يكن عودها طيبا ..وحكام افريقيا – الراشدون منهم والفاسقون – لا تمطرهم سحب الخريف على أرض بلادهم، بل انهم بعض ثمار زرع مسمى بالمجتمع الافريقي وثقافته وعاداته وتقاليده وأمراضه وجهله ..!!
:: وتنظيف أرض هذا الزرع من الجهل والمرض والفقر يساهم كثيرا – آجلا أو عاجلا – فى إنتاج ثمار الحكم الراشد بدون مغريات وجوائز ..وعلى سبيل المثال، تأسيس فضائية واعية – يديرها مثقف صومالي واعٍ – خير للصومال من منح زعيم إحدى فصائلها مال قارون.. أو تأسيس إذاعة راشدة – يديرها كنغولي راشد – خير للكنغو من إغراء زعيمها بذهب المعز..أو تأسيس مؤسسة صحفية ناضجة – لصحفي يوغندي ناضج – خير من التلويح بحدائق بابل لموسفينى.. ، أو توزيع مؤسسات تعليمية ومدارس محو أمية ومراكز تثقيفية على بلاد القارة اليوم خير لغد البلاد من انتظار تنحي احد حكامها ليستلم (شيك المؤسسة).. !!
:: فالوعي الشعبي – في أي مكان وزمان – هو الدواء الناجع لداء الحكم الفاسق.. هكذا يجب أن يفكر مستر مو إن كانت الغاية هي ترسيخ قيم الوعي في حاضر ومستقبل إفريقيا.. حال حكام افريقيا ما هو إلا ملخص لحال شعب ومجتمع افريقيا، وباصلاح حال الشعب والمجتمع ينصلح حال الحكام آجلا أو مستقبلا ..هذا ما يجب، إن كان مستر مو بسعى لإصلاح حال افريقيا وليس لإعلاء شأن المؤسسة.. ولكن هناك أكثر من نشاط لمستر مو في السودان و مصر يعكس بأن الأشياء ليست هي الأشياء، أو كما يظنها الغافل ..!!
:: فلندع مستشفى السرطان المشيًد – على أرض حكومية بالخرطوم – بإعتباره ( خيري)، ولم يعد خيرياً منذ التشغيل، بل أغلى من بعض المشافي الخاصة ولم يعد يموله (مستر مو).. ثم لمستر مو، مؤسسة خيرية تقدم منح تعليمية لبعض أبناء السودان ومصر، ليتعلموا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بشرطين : أحدهما بأن يكون الطالب ( نوبي)..وهذا شرط غير حميد ومستفز، وناشدته – أكثر من مرة – بأن يتجاوز هذا الأفق العنصري الضيق إلى رحاب الوطن الأوسع، بحيث تشمل المنحة كل أبناء السودان بمختلف أعراقهم وقبائلهم.. !!
:: ثم الأدهى والأمر، أي الشرط الثاني لنيل هذه المنحة الدراسية، هو أن يتجاوز هذا الطالب النوبي – سودانياً كان أو مصرياً- امتحان لغة إنجليزية تضعها تلك الجامعة.. وللأسف – منذ عقد ونيف – لم ينجح أحد من أبناء السودان في هذا الإمتحان.. أي سنويا، يحظى طلاب مصر بالمنح ويعود طلاب السودان بخفي حنين، ويضج إعلام مصر بالحدث لحد المطالبة بتكريمه، ويفرح ( مستر شو)..!!