حب المال !
من أين للإنسان كلّ هذا الجشع للمال. فتراه يهدر حياته في جمعه و تكديسه، و كأنّه سيعمّر و يخلد على الأرض، ما خلد الكون.
ما هذه الشراهة إلى المكاسب الماديّة، التي تجعل من الإنسان كائناً لا يشبع، ولا سقف لمطالبه الدنيويّة. ما دام يعي أنّه يجمع لغيره ، و يبيع آخرته بدنيا سواه.
عندما تتحوّل ثروات الإنسان إلى أرقام فلكيّة لا تزيد فيها الأصفار و لا تُنقص شيئاً من رفاهيته و حياته ، يغدو الصفر الحقيقيّ الوحيد في تلك الثروة الافتراضيّة هو صاحب الثروة نفسها. فلا أفقر منه على ثرائه. و لا أشقى منه على بطره. يكفي أنّ سعادته مع كلّ مكسب تتحوّل إلى أسًى. لأنّه لن يستطيع أن يمدّ في عمره لينفق كلّ ما كسب. و لأنّ ثروته ستنتهي عند ورثة لا يدري كيف سينفقونها و على من. فما جمعه بالحلال أو بالحرام ، و ما دفع مقابله من صحّته و وقته ، و أعصابه و قلقه و أرقه، ليس في النهاية ملك له. إنّه رهن المجهول ، و ملك الله الذي لا مالك سواه. يتصرّف به كيفما شاء و يعطيه بعده لمن شاء.
يقول إمام المتقّين و إمام البلغاء و المتكلّمين علي بن أبي طالب “و لا تجمع من المال فلا تدري لمن تجمع “.
و يقول رضي الله عنه
” أموالنا لذوي الميراث نجمعها * * و دورنا لخراب الدهر نبنيها”. فمن يتعظ ؟