تعرف.. إلى حكاية نابغة البوسنة خريج السعودية الذي حصل على إجازة حفظ القرآن بـ7 ساعات
على الرغم من أعجمية لسان الإنسان البوسني وصعوبة نطق اللغة العربية لا يكاد يخلو بيت من بيوت العائلة البوسنية المسلمة من واحد أو أكثر يحفظون كتاب الله عن ظهر قلب، فتقف حائراً وأنت العربي الذي أنزل القرآن بلغتك حين تستمع لهم وهم يقرؤون القرآن مجوداً وبصوت شجي يخرج من القلب إلى القلب؛ حيث لا تفاضل ولا تفاخر لديهم بالمال أو الجاه إلا بما يحمله المسلم في قلبه من آيات القرآن الكريم، وفي القرب من الحدود الكرواتية في أقصى شمال غرب البوسنة في مدينة تسازين القريبة من نهر الأونا كان موعدنا مع نابغة البوسنة القادم من وسط السعودية الذي ذاع صيته بمقدرته على تسميع القرآن غيباً في 7 ساعات، وحصل على إجازة حفظ القرآن الكريم بذلك، فيما أن الإجازة وفقاً للمشيخة الإسلامية يحصل عليها الطالب بـ15 يوماً.
يقول الطالب البوسني “حمزة هاكيا” البالغ من العمر 16 عاماً الذي يجيد اللهجة العامية السعودية بطلاقة، وهو يروي حكايته مع القرآن لـ”سبق” من داخل مدرسته مدرسة جمال الدين تشاوشفتش بتسازين: “ولدت في السعودية حيث كان يدرس والدي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى مرحلة الدكتوراه، وفي مرحلة طفولتي في إجازة الصيف للصف الثاني الابتدائي كان موعدي مع ختم القرآن الكريم لأول مرة بإشراف والدتي حفظها الله، إلا أن الحفظ كان يغلب عليه الأخطاء في حينها وغير ثابت، ولم تكن لدي طلاقة بالقراءة، ثم استمريت في الحفظ وسط البيئة السعودية المحفزة لتعلم القرآن الكريم حيث وجود البرامج التي تُقيمها المدارس والمسابقات فيسهل على أي شاب أن يحفظ القرآن الكريم.
وتابع: مع الوقت تطور حفظي حتى استطعت أن تكون لدي القدرة ولله الحمد بتسميع القرآن الكريم كاملاً في يوم واحد؛ حيث كررت ذلك بنجاح أربع مرات في أيام متفرقة من خلال البرامج التي كانت تقام في المدارس؛ حيث كان البرنامج الأول في مدرستي متوسطة الإمام السوسي، والبرنامج الثاني في ثانوية ابن كثير، وآخر في مدارس الفرقان، والرابع في أحد الجوامع؛ حيث كانت الفكرة أن تقرأ القرآن من الفجر وحتى صلاة العصر غيباً.
وأضاف: “مع إصراري في تطوير حفظي ولدت لدي فكرة تحدٍّ مع نفسي بتسميع القرآن مجوداً في أقصر مدة، وتمكنت من تسميعه في تسع ساعات ونصف، وكان ترتيبي الأخير ضمن زملائي البالغ عددهم عشرين طالباً، ومع الإصرار المستمر استطعت أن أقرأ القرآن الكريم في سبع ساعات عن ظهر قلب مجوداً، ثم قلت في نفسي: لماذا لا أجرب ذلك في بلدي بعد عودتي لها.
وتابع: “عدت في 23 رمضان الماضي للاستقرار في البوسنة وسمحوا لي بتسميع القرآن بمدة سبع ساعات، علماً بأن إجازة الحفظ في البوسنة مدتها حسب النظام 15 يوماً، وبالفعل تقابلت مع اللجنة واجتزت ولله الحمد؛ حيث بدأت الساعة الثانية ظهراً وانتهيت العاشرة مساء من ضمنها وقت الصلوات والاستراحة، وحصلت على الإجازة، وهذا كله بفضل الله تعالى.
وقال: “أشكر بلدي الثاني السعودية على ما تعلمته منها، ولكافة المعلمين في الرياض ولأصدقائي، فأحياناً أتحدث مع أصدقائي هنا عن تطبيق الشريعة في السعودية فلا يصدقون، وخاصة ما يتعلق بلبس المرأة ووجود حلقات التحفيظ وإغلاق المحال وقت الصلاة.
من جهته قال “الدكتور والد حمزة”: المملكة العربية السعودية كان لها فضل بعد الله في صنع شخصية حمزة، لو كان في بلد آخر ربما ما صار لما هو عليه الآن؛ لأن البيئة التي عشناها هناك محفزة للحفظ لوجود الأنشطة وحلقات التحفيظ، كل هذه الأمور تساعد، نحن في البيت نرسم له مشروعاً يسير عليه، ولكن إذا كان هناك دعم من خارج المنزل تظهر نتائج إيجابية، وهكذا اجتمعت الأمور فتيسر لحمزة الحفظ.
يذكر أن مدرسة جمال الدين تشاوشفتش التي درس فيها الطالب “حمزة” في الصف الأول الثانوي هي على اسم أكبر علماء المنطقة مفتى الدولة في زمانه، بنيت في عام 1867م من خشب، وتم إحراقها من قبل مملكة النمسا والمجر، ثم أعيد بناؤها مرة أخرى في عام 1890م من حجر، وكانت في الخدمة حتى عام 1918م، وتوقفت بسبب سوء الأوضاع المادية، وفي عام 1945م سلبها الاتحاد الشيوعي من الوزارة الإسلامية كما فعل مع كل الأوقاف. ثم عادت للعمل عام 1993 في وقت الهجوم الأخير على هذه البلاد، وفي عام 1998م أعيد بناؤها في مبنى جديد وانتهى في عام 2004م ولا زالت حتى اليوم.
سبق