منوعات

سناء العاجي: الغش في الامتحانات، قدرنا؟

كل سنة في نفس الفترة، يبدأ الحديث عن تسريب امتحانات الباكالوريا والغش في الامتحانات.

لا يمكننا الاستهانة بالأمر لأنه بالفعل مشكل حقيقي يطرح مصداقية الشهادة ويطرح مستوى التلاميذ… دون أن ننسى كل التلاميذ الجادين الذين يدفعون أحيانا الثمن سواء بحصول مَن هُم دونهم مستوى على نقط أرفع أو حين يتم إلغاء امتحان استعدوا له وأجروه بشكل جيد… لكننا لا يمكن أن نستمر في طرح السؤال بشكل موسمي ونسيانه مباشرة بعد امتحانات الباكالوريا.

أولا، الغش ليس مرتبطا فقط بتلاميذ الباكالوريا… لماذا لا نربط الحديث العمومي عنه في المغرب والجزائر ومصر وغيرها إلا بتلاميذ الباكالوريا؟ ألا يغش تلاميذ الإعدادية وطلبة الكليات؟ أليس الغش أصبح ظاهرة ثقافية في العديد من مناحي الحياة الخاصة والعملية؟

كم موظفا يغش في مهامه؟ كم تاجرا يستعمل ما نسميه في المغرب “التوجيهة”، أي الجزء البارز من السلع. حيث تكون هذه “التوجيهة” بمستوى عالٍ من الجودة، وحين تصل بيتك تكتشف سلعا في حالة سيئة؟ البائع قدم لك “توجيهة مغرية”، لكنه غش في عملية البيع النهائية.

الغش إذن أصبح هيكليا في حياتنا اليومية. لن نقول إنه عام لكي لا نظلم الكثيرين، لكنه للأسف مستشري: عند الطبيب والمعلم والتلميذ والقاضي والحِرفي… بل أن بيننا من يستهين به باسم التعاطف: “التلاميذ مساكين لا يريدون إلا النجاح”، هذا البائع مسكين يسترزق الله”… وهكذا نطبع تدريجيا مع الغش كسلوك عادي.
هذا أساس المشكل… وليس فقط في امتحانات الباكالوريا.

مسألة الغش والتسريبات تطرح أيضا سؤال هيكلة التعليم. حين ستكون لدينا مناهج مدرسية تعتمد على التفكير بدل الاستظهار، سيكون بإمكان التلاميذ أن يَحْضروا لامتحاناتهم ومعهم ما شاؤوا من الكتب والمراجع، لأن المطلوب منهم حينها ليس استظهار ما حفظوه عن ظهر قلب وإنما التفكير والتحليل والنقاش.

سؤال الغش في الباكالوريا لا يمكن أن نعالجه بالمقاربة الأمنية والزجرية فقط…لأنه يطرح علينا أسئلة أخطر وأعمق تتعلق بتعليمنا أولا وبثقافتنا المجتمعية ثانيا.

مونت كارلو