الاستثمار في السودان… قوانين تصطدم بواقع مزيف وتحديات تستخدم “الذكاء الجبان”
قررت الحكومة تعديل قانون الاستثمار للعام 2013م ليتوافق مع متطلبات المرحلة القادمة وأعلن وزير الاستثمار الدكتور مدثر عبد الغني عن شروع وزارته في إصلاحات إجرائية وقانونية واسعة تستوعب التطورات العالمية في مجال الاستثمار. هذه الاجراءات وصفها محللون بأنها سوف تصطدم بواقع بيروقراطي وإجراءات تجعل من المستثمر يستخدم طرقاً عدة “الذكاء الجبان” للحفاظ على أرباح استثماراته.
ويصف وزير الاستثمار الدكتور مدثر عبد الغني الإجراءات بأنها تأتي في وقت تشهد فيه علاقات السودان تطوراً على المستويات الإقليمية والدولية بعد أن وصل حجم الاستثمار الأجنبي في السودان الى 42 مليار دولار إلا أن بعض المحللين يرون أن الوقت ما زال مبكرا لإعلان تلك الإجراءات مطالبين بتسوية كل الملفات العالقة فيما يتعلق بالخارطة الاستثمارية والتوافق بين جهات الاختصاص الثلاث “وزارة المالية ” “والبنك المركزي” “ووزارة الاستثمار” لضمان انجاز قانون مستدام يبعث الطمأنينة لدي المستثمر.
وذكرت تقارير موثقة لدى وزارة الاستثمار أن العام 2015 صادقت الوزارة على 3648 مشروعاً استثمارياً نصيب القطاع الصناعي 1131 مشروعا يليه القطاع الخدمي بواقع 1357 مشروعا أما الزراعي عدد 839 مشروعاً وتصدرت الدول العربية قائمة المشروعات المصدقة في السودان بنسبة 86%، تليها الاستثمارات الآسيوية بنسبة 26% ومن ثم استثمارات أوروبا وافريقيا مع عدم وجود للاستثمارات الأمريكية وأستراليا.
وبرغم تباين وجهات النظر بين قطاعات المجتمع ورؤية كل مختص فيما يتعلق بالاستثمار في السودان خلال السنوات الأخيرة إلا أنهم يتفقون على أنه يقوم بدور أساسي على ثلاثة مستويات الأول المستوى القومي باعتباره يحدث تغييرًا اقتصادياً في مجال التنمية وثانياً مؤشر حقيقي لنشاط قطاعات الأعمال اضافة الى تأثيره على القطاعات الاقتصادية المختلفة.
ومع هذا التباين فإن وزير الاستثمار الدكتور مدثر عبد الغني يؤكد جاذبية الاستثمار في السودان، وقال الفاو رشحت السودان لإطعام العالم، ومازالت الفرصة سانحة فالمساحات الزراعية غير المستغلة تضاعف من وجود الدول العربية مجتمعة.
ويعدد الوزير إمكانات السودان الاستثمارية ويقول إنها واضحة للعيان وإن إبرازها في قالب استثماري جيد هو التحدي الحقيقي خاصة في القطاعات المرتبطة بالإنتاج في الأراضي الزراعية الخصبة ووسائل الري المتنوعة من ري طبيعي وأمطارمضافاً إليها المياه الجوفية التي تعتبر من مقومات الاستثمار في قطاع الزراعة والثروة الحيوانية، وهنالك قطاعات أخرى كالتعدين والنفط والإرادة السياسية فهي تعد من المزايا الطبيعية وتعد الركائز الأساسية بجانب القوانين الجاذبة للاستثمار. ويضيف الوزير ان حجم الاستثمارات الأجنبية بلغ 42 مليار دولار في العام المنصرم، وقال من ضمنها الاستثمارات الصينية الأولى في السودان بحجم استثماري 15 مليار دولار تليها الاستثمارات السعودية بحوالي 11 مليار دولار بينما تصدرت ألمانيا الدول الاوربية بحجم استثمار بلغ 1.4 مليار دولار.
إلا أن الواقع الاستثماري يظل محل نقاش متبادل بين متخذي القرار وبين متابعي الشأن الاقتصادي والمراقبين على حد سواء. فبينما يرى الخبير الاقتصادي الدكتور هيثم فتحي ان حجم الاستثمارات الأجنبية التي دخلت الى السودان لا تتناسب مع حجم الموارد الموجودة والمتاحة في السودان يؤكد الدكتور فياض حمزة رملي مستشار مالي ان السبب يعود الي ورقية القوانين دون تنفيذها في الواقع بجانب عدم استقرار العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية والتي وصلت الآن الى 13.7جنيه سوداني مقابل الدولار مع توقعات بعدم الثبات في هذا المستوى مما يجعل المستثمر يستخدم “الذكاء الجبان”. ومن ناحيته يؤكد الدكتور هيثم فتحي وجود بعض الضغوط العالمية والعقوبات الاقتصادية الفاعلة منذ العام 1997م من قبل الولايات المتحدة الامريكية التي أثرت على البنيات التحتية في معظم انحاء السودان من حيث إنشاء الطرق والسكك الحديدية، وأضاف على المستوى الداخلي هنالك بروقراطية وتعقديات وإجراءات إدارية حيث يشكو من تعدد الإجراءات الاستثمارية، وقال كل ذلك ـثر على الاستثمار فبلغت عائداته 28 مليار دولار فقط خلال الأعوام الماضية.
ويضيف الدكتور فياض حمزة المستشار المالي بقوله ان استخدام “الذكاء الجبان” يتم حينما تعجز الشركات عن تحويل أرباحها إلى الخارج وتسعى الى تحويل الأرباح إلى اصول حتى لا تفقد الأرباح قيمتها الحقيقية معتبراً الأمر خسارة لتلك الشركات كما أن المشكلة ليست في القانون بل في التطبيق وقال في حال إعمال قانون للاستثمار يتطلب الأمر إشراك ثلاثة أضلاع وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي والبنك المركزي السودانى ووزارة الاستثمار.
أما الاقتصادى الدكتور محمد الناير أستاذ مشارك “بجامعة المغتربين” فقال ان حجم الاستثمارات لا تتوافق مع الإمكانات والموارد الطبيعية، وقدر حجم الاستثمارات في العقدين الماضيين بحوالي 50 مليار دولار في كل القطاعات وقال لم تحدث أثراً !! خاصة القطاع الزراعي، وأضاف حتى حينما صنف السودان في المراحل المتقدمة في الاستثمار عربياً وافريقيًا لم يحظ القطاع الزراعي إلا بنسبة ضئيلة لا تتعدى الـ3 % فقط من حجم الأموال الموجهة نحو الاستثمارات، وأضاف لكن الآن اختلف الوضع فهنالك توجه من الدول العربية للاستثمار في السودان خاصة الزراعة وأرجع ذلك الى نقص الغذاء وتزايد الفجوة الغذائية العربية المقدرة بـ 50 مليار دولار مبيناً أن السودان يحتاج الى استثمار 11 مليار دولار لتوفير مبلغ الـ50 مليار دولار في الوطن العربي ودعا الناير الى أهمية وضع قانون استثمار سوداني طويل الأجل خاصة وأن ظاهرة تعديل القوانين غير صحية وآثارها سالبة على الاستثمار.
وشمل قانون الاستثمار في العقد الأخير اربعة تعديلات تعديل قانون العام 1996م خلال العام 1999م الذي تم تعديله في العام 2013 والآن تعتزم وزارة الاستثمار في السودان على إصدار قانون جديد للاستثمار بغرض معالجة السلبيات التي صاحبت تطبيق قانون الاستثمار للعام 2013 عبر لجنة تم تشكيلها لمعالجة قضايا الاستثمار وجعل السودان أكثر جذباً للاستثمارات في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.
الصيحة
سلام
نسي الكاتب الشيء المهم: ما هو المردود المباشر على المواطنين الذين تصادر أراضي بلادهم وتملك للأجانب والأثرياء لمدة 100 عام ليتحولوا إلى متفرجين وفي أحسن الأحوال عمال عند الإقطاعيين الجدد