هل تتدخل الرئاسة..؟
> بحديث الفريق طيار الفاتح عروة العضو المنتدب لشكة زين للاتصالات، أمس في مؤتمره الصحافي بفندق كورال، تكون صافرة البداية قد أطلقت في حرب كسر عظم الظهر بين شركتي الاتصالات (زين وسوداني)، وفتح الباب على مصراعيه لاستخدام الأسلحة المحرمة والممنوعة في المعركة الشرسة بين الشركتين المتنافستين. وبطبيعة الحال ليس موضوع شراء شركة كنار الإماراتية العاملة في مجال الاتصالات بالسودان هو السبب الرئيس أو الوحيد في هذا الصراع التنافسي غير الشريف الذي وصل إلى القاع والحضيض بتبادل الاتهامات والضرب تحت الحزام، فهناك نقاط كثيرة ودوافع عديدة كانت ناراً تحت الرماد طيلة السنوات الماضية، لكنها لم تصل الى مرحلة الاشتعال والانفجار كما حدث مؤخراً، وخاصة بالأمس عندما فتح الفاتح عروة حمم اللهب على منافسيه ووضع ذبابة سيفه على نحورهم في هجومه المضاد كما قال ..!لكن هل معه الحق في كل ما ذكره على رؤوس الأشهاد..؟ > الكثير من المعلومات والحديث الصريح للفريق الفاتح عروة أمس، والأحاديث في الجانب الآخر من المهندس طارق حمزة الرئيس التنفيذي لمجموعة سوداتل قبل أيام، كان يمكن أن تقال بعيداً عن مساقط الأضواء ولواقط الأصوات، وتحسم في الأطر الملائمة لها، لكن يبدو أن العقال قد فلت، ومضت الراحلة بلا خطام أو لجام، ونضح كل أناء بما عنده، في أسوأ معركة في تاريخ البلاد بين شركتين مهمتين تعملان في مجال حيوي لا غنى عنه ويدُر أرباحاً بمئات الملايين من الدولارات .. وتجاوزت هذه المعركة الكلامية والاتهامات الجزافية الحقائق الموضوعية في النزاع حول شراء أسهم شركة كنار المعروضة للبيع من فترة ليست بالقصيرة، وكان هناك مشترون آخرون تقدموا بعروضهم لشرائها، ويحجب غبار حوافر خيل المتصارعين الكبار، حقيقة الدوافع ونوع الأزمة الماثلة بين الشركتين ومداها وما سيترتب عليها من أخطار ستحدق لا محالة بقطاع الاتصالات كله، لو لم تتدخل الدولة بشكل عاجل وسريع لوقف هذا العراك العنيف ولجم عود الفتنة التي أطلت برأسها. > حقيقة الأمر أن الخلاف ليس في أسهم كنار المعروضة للبيع لذاتها، لكنه في حجم ونوع الخدمات التي ستتوفر لمن يشتري كنار ويستفيد من امتلاكها لواحدة من أهم شبكات (الفايبر) التي تنقل خدمة الإنترنت في البلاد ويمكنها أن تمتد الى دول الجوار السوداني. وإذا علمنا أن سوق الاتصالات يمر بمرحلة انتقال هائلة في كل العالم بأفول نجم المكالمات العادي لصالح الصوت عبر الإنترنت ( voice over internet protocol) ( VOIP) في التطبيقات الصوتية وعن طريق الفيديو التي توفرها الهواتف الذكية تتيح هذه الخاصية والبرامج مكالمات أرخص وبجودة أفضل وبالصورة والصوت، وهي بذلك تنهي عصر المكالمات العادية التي تراجع سوقها وعائداتها في كل العالم، وباتت شركات الاتصالات الكبرى تتسابق في تطوير خدماتها في مجال الإنترنت وتسعى الى تعويض أرباحها عبر رفع تعرفة خدمة الفايبر ونقل الداتا عبر الإنترنت. > ولأن زين لم تكن تمتلك نقالات لخدمة الإنترنت، فإنها في حال شرائها أسهم شركة كنار، ستكون ذات خصائص متقدمة على كل شركات الاتصالات خاصة بعد إدخالها خدمة الجيل الرابع وتطوير خدمة الجيل الثالث، وهذا يؤهلها لتقديم خدمة أفضل بجانب محاولاتها لتطوير خدماتها الأخرى ، ولا يخفى على أحد أن زين سعت من فترة لزيادة تعرفة الإنترنت ثم تراجعت عنه بعد حملة إعلامية واسعة وبوادر مقاطعة من مجموعات مشتركين، فإذا أفلحت في هذه الصفقة وأتمت شراء كنار، تكون قد اصطادت أكثر من عصفور بحجر واحد، مقابل ذلك ظلت مجموعة سوداتل باعتبارها شركة وطنية وليست استثماراً أجنبياً كما يقول مسؤولوها، تعمل للاستحواذ على كل منافذ الإنترنت في البلاد وبيع الخدمة الى الشركات الاخرى وهي تمتلك او تشارك في الكيبل البحري الناقل للإنترنت في غرب وشرق إفريقيا، وتتهمها الشركات الأخرى بأنها تسعى للحيلولة دون حصول غيرها على هذه الميزة. > ومن هنا فإن الصراع حول كنار كما بدا من سخونته و وطيسه الحامي كأنه صراع بقاء وحياة أو موت، وسيكون له تأثير مدمر على الاستثمار في البلاد خاصة في هذا المجال، كما أنه يكشف عجز الجهات الرسمية المسؤولة عن هذا القطاع في ضبطه، فإن المطلوب هو تدخل مؤسسة الرئاسة الفوري لمنع هذا العراك المكشوف والتراشق الذي سيتحول من لفظي واتهامات، إلى ما لا يحمد عقباه..