تدريس الشريعة الإسلامية في ألمانيا.. ما المراد؟
دعا رئيس الكنيسة البروتستانتية الألمانية إلى تدريس الشريعة الإسلامية في جميع المدارس الحكومية، وذلك للحؤول دون انجرار الشباب المسلم إلى التطرف.
وقال الأسقف هاينريخ بيدفورد-شتروهم، الذي يترأس الكنيسة الإنجيلية اللوثرية، إن التدريس الشامل للإسلام في المدارس الألمانية يمنح الطلاب المسلمين الفرصة لتبني “مقاربة نقدية لدينهم”.
وفي مقابلة مع صحيفة «هايل برونر شتيمَ»، أكد بيدفورد-شتروهم أن جميع الأديان في ألمانيا يجب أن تكون متوافقة مع الدستور الديمقراطي للبلاد؛ مضيفاً أن “التسامح والحرية الدينية وحرية المعتقد يجب أن تنطبق على جميع الأديان”.
واقترح الأسقف على الجمعيات الإسلامية في ألمانيا أن تكون مسؤولة عن هذه الدروس، معربا عن أمله بأن تنظم هذه الجمعيات نفسها لتكون “شريكة واضحة” للدولة الألمانية.
غير أن الخصومات والنزاعات بين الجمعيات الإسلامية، وتوتر العلاقات بين بعض الجامعات التي تدرب المعلمين لدروس الإسلام القائمة، تُعقد الجهود الرامية لإدارة التعليم الديني للمسلمين في بعض المناطق.
ويضيف اقتراح الأسقف إلى احتداما إلى النقاش الدائر حول دور الإسلام في المجتمع الألماني، فيما تعاني البلاد من إيجاد التوازن الصحيح بين التعددية الثقافية والهوية الوطنية. ووفقاً لأحدث التقديرات الإحصائية، فإن أعداد المسلمين تتزايد بسرعة في ألمانيا، وتغذي هذه العملية تدفق اللاجئين المستمر.
وفقاً لمركز Pew للأبحاث، فإن نسبة المسلمين في جميع أنحاء أوروبا تزايدت من 4 في المئة في عام 1990 إلى 6 في المئة في عام 2010. وإذا استمر هذا الأمر حتى عام 2030، فمن المتوقع أن يشكل المسلمون 8 في المئة من سكان أوروبا.
ومن الجدير بالذكر، أن سبعة من أصل 16 ولاية اتحادية في ألمانيا تُوفر شكلاً من أشكال الدروس الدينية الإسلامية في مدارسهم، على غرار الدروس الدينية الكاثوليكية والبروتستانتية التقليدية. وألمانيا لديها نحو أربعة ملايين مسلم، نحو خمسة في المئة من مجموع السكان.
وتشمل بعض المدارس دروساً في اليهودية أيضاً، ولكنها ليست إجبارية.
ويأتي هذا النداء بعد تصلب المواقف تجاه الإسلام، خاصةً بعد الهجمات الإرهابية في باريس وبروكسل من قبل المتطرفين الإسلامويين، ووصول أكثر من مليون لاجئ في العام الماضي، معظمهم من المسلمين.
علاوةً على ذلك، فقد أكدت وزارة الداخلية أن مئات الألمان المتطرفين انضموا إلى تنظيم “داعش” الإرهابي في سوريا والعراق منذ عام 2012.
كل هذه الأسباب ساهمت في صعود «حزب البديل من أجل ألمانيا» (AfD) المناهض لسياسة الباب المفتوح للاجئين، ولـ”أسلمة” ألمانيا؛ حيث يقول هذا الحزب، الذي ينتمي إلى أقصى اليمين، إن الإسلام ينتهك الدستور الألماني. لذلك يريد الحزب حظر بناء المآذن وارتداء النقاب في الأماكن العامة.
وقد اتفق ثلثا الألمان تقريباً مع حزب البديل المعارض، وقالوا أن الإسلام ليس له مكان في البلاد، وفقاً لدراسة ألمانية نشرتها وكالة الأبحاث الألمانية “إنفراتست ديماب” هذا الشهر.
في هذا الصدد، يقول الفيلسوف الألماني مارك يونغن إن نهج حزب البديل الشعبوي ضروري لمنع تحول ألمانيا إلى دولة فاشلة لسببين:
أولاً، العامل الاجتماعي؛ حيث إن القادمين الجدد غير متعلمين بما فيه الكفاية للاندماج في السوق والمجتمع الألماني. لذلك فإنهم ببساطة لن يجدوا فرصة عمل.
ثانياً، العامل الثقافي؛ حيث إن معظم اللاجئين يأتون من الدول الإسلامية التي تملك خلفية ثقافية مختلفة. وحزب البديل يتعامل مع هذا الأمر بموضوعية؛ فألمانيا لن تكون قادرة على إعادة تعليم اللاجئين في مثل هذا الوقت القصير.
لذلك، بحسب يونغن، فإن المسلمين سوف يحافظون على طريقة تفكيرهم، عاداتهم وتقاليدهم؛ وحزب الـAfD يرى مشكلة في ذلك. إذ، على الرغم من أن المسلمين كانوا في ألمانيا منذ عقود، فإن لديهم مشكلات في الاندماج.
وإذا كانت الحكومات الألمانية المتعاقبة قد رفضت الحديث عن هذا الموضوع، فإن مع الأحداث الأمنية الأخيرة في أوروبا، تتزايد الأحاديث عن موضوع اندماج اللاجئين المسلمين في البلاد.
كيفورك ألماسيان