صلاح حبيب

سفير اسمه “الحمادي”!!

كثير من السفراء المعتمدين لدى بلادهم بالسودان يمضون سنواتهم الأربع ويغادرون دون أن يذكرهم أحد، وأحياناً يخشون من خلق أي علاقات لمصلحتهم أو لمصلحة بلادهم، ومعروف أن السفير في محطته الخارجية تعول بلاده عليه في خلق علاقات مميزة وإعمارها إن كانت هناك حالات من الجذب والتوتر.
ارتبطت بيني وبعض السفراء علاقات ارتفعت إلى المستوى الشخصي، علاقات ليست مبنية على المصلحة أو المنفعة.
فأول علاقة صادقة كانت مع السفير القطري “علي بن حسن الحمادي”، علاقة بنيت على المحبة والأخوة الصادقة، عرفته في أول لقاء بمقر إقامته بالمنشية ضمن مجموعة من الصحفيين ومسؤولين، كان يكرم ضيوفه بنفسه يقدم لهذا ولذاك ويجلس هذا هنا وهذا هناك، وصفته وقتها بأنه سفير فوق العادة، “الحمادي” كان فعلاً سفيراً فوق العادة، وتكررت زياراتنا له في الأعياد الوطنية لدولة قطر في الخرطوم أو زيارات بانعقاد المؤتمرات التي كان يحرص أن يذهب لها بعض الصحفيين، فكان يختارهم بنفسه وكنت واحداً من بين أولئك.
ظل “الحمادي” سفيراً لبلاده بالخرطوم لفترة امتدت ثماني سنوات متواصلة، عرف فيها السودان عن قرب وعرف الشعب السوداني معرفة حقيقية، وأصبح كأنه واحداً منهم.. كان مهتماً بالعلاقات الثنائية بين البلدين وجذب عدداً كبيراً من المستثمرين القطريين للسودان، كان حريصاً أن يأتي المستثمر القطري للسودان ولم توقفه بعض الحالات المنفرة من قبل العاملين في جهاز الاستثمار، كان يضغط على نفسه ولا يهتم لأي نوع من السلبيات المنفرة للمستثمرين، كان عاشقاً وولهاناً للسودان وشعبه، لم يحمل حقائبه ويغادر البلاد عندما تواجهه بعض الإشكاليات خاصة ممن يحاول ترغيبهم في الاستثمار، وأذكر أن أحد المستثمرين القطريين جاء إلى السودان، ولكنه لم يحصل على تأشيرة دخول من بلده فرفض المختصون بمطار الخرطوم دخوله، فألح عليهم بأنه جاء للاستثمار وهو على ضمانته، ولكنهم أصروا أن يعود إلى بلاده، وهذا الموقف لم يؤثر فيه ولم يلعن السودان ولم يقل نذهب للاستثمار في أثيوبيا، واصل مساعيه لدخول المستثمرين القطريين، لا لشيء إلا حباً في هذا الوطن وأهله، كان يزور السياسيين وأهل الطرق الصوفية ويتصل على أي صحفي كتب حرفاً عن قطر.
لقد بنى “الحمادي” علاقات متينة لبلاده بالسودان ومن حبه إليها دخل في مشروع استثماري لأنه يعرف السودان معرفة حقيقية أرضه وشعبه، فبدأ مشروعه الاستثماري والآن أينع ونما وبارك الله له فيه.
السفير “الحمادي” شخصية غير عادية فمنذ أن كان سفيراً لبلاده كانت داره مليئة بالضيوف، وكما يقول أهلنا فهو شيخ عرب، جواد وكريم يخدم ضيوفه بنفسه، ليس متكبراً أو به أنفة ولذلك استحق لقب عميد السلك الدبلوماسي، كل السفراء كانوا يتجمعون عنده، فهنيئاً لقطر ولوزارة خارجيتها التي أنجبت سفيراً مثل “الحمادي” الذي أحسن التعامل وأحسن وظيفته التي استحقها عن جدارة.