التدابير غير الاحتجازية.. جهود لإعادة تكيف الأطفال.. لجان مجتمعية
لأن الطفل هو عماد المستقبل تهتم كل الدوائر الرسمية وغيرها بأمره، وكيف يكون سليماً معافى ويؤدي دوره المنوط به بعيداً عن المشاكل الاجتماعية والنفسية التي تلعب دوراً كبيراً في تغيير سلوكه وتعرقل مسيرته الحياتية وتؤثر سلباً وبشكل مباشر في المجتمع بأكمله.
لذلك يسعى المجلس القومي لرعاية الطفولة تعزيز وتفعيل آليات إجراءات الإحالة والتدابير غير الاحتجازية للأطفال من خلال ورشة تدريبية نظمتها منتصف الأسبوع الماضي بالتعاون مع وزارة العدل ومنظمة اليونسيف، واستهداف “35” من وكلاء نيابة الطفل على المستوى القومي بجانب أربع ولايات.
اجتهادات شخصية
أوضح مجذوب كمال المستشار بإدارة حقوق الإنسان في وزارة العدل، مفهوم التدابير بأنها: كل التدابير التي يمكن أن تتخذها النيابه أو المحكمه أثناء التحري أو المحاكمه بالنسبة للصغار، غير السجن والاحتجاز كإحالته إلى لجان مجتمعية، لمعرفة الأسباب التي أدت إلى جناحه لارتكاب الجريمة، وقال إن التدابير وضعت للأطفال المعرضين للجنوح لإعادة تكيفهم اجتماعياً، خاصة وأن هذا النوع من الأطفال قد يكون مجبراً على ذلك نتيجة للوضع أو البيئة التي نشأ فيها، وأضاف: من خلال الورشة تعرفنا على بعض النماذج الناجحة التي عرضتها الشرطة والنيابة والقضاء، والتي أثبتت فعاليات الإحالة إلى النظام غير القضائي، ودور اللجان المجتمعية وحلت كثيرا من القضايا، وأيضا كيف قادت إلى دمج الأطفال في المجتمع، واستدرك: كل هذه التجارب جاءت نتيجة لاجتهادات شخصية، لذلك نحتاج إلى تنظيم وتكوين لجان مشابهة لمعرفة الجهات المُحالة إليها.
تجارب عديدة
ويقول مجذوب: الاستفادة كانت متبادلة حيث أننا تعرفنا على تجارب وكلاء النيابات التي نحسب أنها ناجحة، فضلاً عن إطلاع الوكلاء على قواعد بكين وطوكيو التي تستخدم في الإجراءات غير الاحتجازية، ومضى: نتمنى أن يتم وضعها كمفهوم يمكن تطبيقه في الإجراءات، وأشار إلى عدم الاهتمام ببعض المواد في قانون الطفل كمواد التربية والرعاية التي عدها من أهم المواد التي يجب الانتباه إليها.
تسليط الضوء
في السياق قالت الدكتورة أميمة عبد الوهاب أمين أمانة التشريعات والعدالة بالمجلس القومي لرعاية الطفولة إن الهدف من الدورة هو تسليط الضوء على التدابير غير الاحتجازية للأطفال والربط بين الأجهزة العدلية لتعزيز وتقوية آليات حماية الأطفال بجانب بناء نظام العدالة وصلاحية الإحالة خارج النظام القضائي، وأضافت: ناقشت الدورة عددا من أوراق العمل حول مبادئ العدالة الجنائية للأطفال وفقاً للاتفاقيات الدولية، والتدابير غير الاحتجازية للأطفال، وبدائل الاحتجاز في مرحلة التحري للأطفال، بالإضافة إلى الإحالة خارج النظام القضائي للأطفال بجانب ورقة العدالة الإصلاحية للأطفال.
إرادة سياسية
“تكريم الطفل طاعة للأمر الرباني قبل تلك القوانين”، هكذا ابتدرت سعاد عبد العال الأمين العام للمجلس القومي لرعاية الطفولة حديثها وقالت: “طفل سليم يعني مجتمعا معافى وقويا باعتبار أنه النواة التي تكون الأسرة والمجتمع”، ولفتت إلى ضرورة توفر الإرادة السياسية لتقوية وتعزير وتفعيل الآليات التي نص عليها قانون الطفل “2010”م، من خلال بناء الكوادر المدربة القادرة على إدارة المؤسسات، وأشارت سعاد إلى مهام المجلس التي تعنى بالتنسيق والمناصرة لقضايا الطفولة، بالرصد والمتابعة والمراقبة والتقييم، لاسيما كتابة وتقديم التقارير الوطنية والإقليمية والدولية للطفولة بالسودان، وأردفت: في الفترة الماضية تم التركيز على القضايا المتعلقة بالحماية المؤسسية في ما يتعلق بقانون الطفل الصادر في العام (2010)، إضافة إلى الآليات في وزارة العدل والداخلية والسلطة القضائية (المحاكم والنيابات)، بجانب وحدات حماية الأسرة والطفل التي أقيمت في العام (2007).
مسؤولية الجميع
وترى الأمين العام أن تعزيز تلك الآليات مسؤولية الجميع، من أجل تمكينها واستطاعتها القيام بدورها من خلال توفير الحماية القانونية والقضائية والشرطية للأطفال، وقالت: نسعى لتجويد وتغير الآليات وخلق نموذج يقدم للعالمين العربي والأفريقي، سيما وأننا وصلنا إلى مستوى لا بأس به، وذلك بشهادة لجنة التقييم من الاتحاد الأفريقي، وأضافت: أن الفرصة سانحة أمام ولاية الخرطوم بأن تبادر لخلق هذا النموذج عبر بناء نظام التدابير غير الاحتجازية حتى يتم تطبيقها بصورة سلسة في الولايات الأخرى، وأبانت أن ما يميز هذه الدورة التنسيق بين الأجهزة العدلية التي تقود إلى فتح افاق ونوافذ للتفاكر والتشاور كل في مجاله.
ولفتت إلى عدد من البرامج المتعلقة بحشد الميزانيات وعلى رأسها تعزيز الآليات الموجودة بوزارة العدل والنيابات، وأيضا وحدات الأسرة والطفل والمحاكم، مؤكدة على أن هناك جهودا مبذولة لحل قضية دور الانتظار وغيرها من الآليات المعنية في خلال (18) شهرا، منبهة إلى ضرورة التنسيق مع الباحثين الاجتماعيين، بعد أن أصبحت هناك تدابير للإحالة خارج النظام القضائي.
الخرطوم – نسيبة محجوب
صحيفة اليوم التالي